في إطلالته التاسعة عشرة من سبع مناطق مغربية، يستمر "الأسد الإفريقي" في إسماع صدى زئيره القوي ضمن أضخم مناورات عسكرية تحتضنها قارة إفريقيا سنوياً بشكل متعدد الواجهات والأصعدة؛ بهدف واحد هو تعزيز قابلية التعاون المشترك ورفع الجاهزية وتقوية فاعلية وأداء الجيوش المشاركة، بتشكيلاتها الجوية والبرية والبحرية. ولم تَخْلُ تمارين هذا العام من برمجة تداريب ومناورات مشتركة بين سفن حربية مغربية ونظيرتها الأمريكية؛ يُشرف عليها مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى من الطرفين. كما قاموا بتبادل للزيارات تخلّلها تفقُّد طواقم الباخرات الحربية المشاركة في المناورات. العميد البحري عبد الكريم معلوف، عن مفتشية البحرية الملكية، رحّب في كلمة له بالوفد العسكري الأمريكي الذي رافق مسؤولين في القوات المسلحة الأمريكية المشاركة في دورة "الأسد الإفريقي" هذه السنة، لا سيما عناصر سلاح البحرية الأمريكية، متحدثاً عن "متانة التعاون العسكري المتجدد بين البلدين الشريكين لرفع مستوى وقابلية التشغيل البيني (Interopérabilité) في الشق البحري". بالميناء العسكري بأكادير رَسَتْ خلال الأيام القليلة الماضية فرقاطة "طارق بن زياد" التابعة للبحرية الملكية، مجاوِرَةً بذلك البارجة الحربية المدمرة "يو إس إس هارلي بيرك" (USS ARLEIGH BURKE) التابعة لقوات البحرية الأمريكية، بقيادة قائدها بيتر فلين. وعلى هامش مجريات تمرين التصدي لهجوم بطائرتين مسيّرتيْن انتحاريتين على مستودع مواد كيماوية بالميناء العسكري لأكادير، نُظمّت يوم الأحد 11 يونيو "جولة استطلاعية" لفائدة ممثلي وسائل الإعلام الحاضرة لتغطية المناورات؛ وهمّت الزيارة الفرقاطة متعددة المهام "طارق بن زياد"، التابعة للبحرية الملكية، وكذا فرقاطة مدمِّرة تابعة للقوات البحرية الأمريكية. العقيد البحري ساليم شرگي، قائد القاعدة الرابعة للبحرية الملكية، أكد أنه "يتم تنفيذ الأنشطة الجو- بحرية بشكل مشترك ومنسَّق مع قوات البحرية الأمريكية (US Navy) في الفترة الممتدة من 4 إلى 16 يونيو 2023". ويتمثل الهدف الأساسي من هذه الأنشطة، حسب إفادات صحافية أدلى بها قائد القاعدة الرابعة للبحرية الملكية في تصريح لجريدة هسبريس، في "تعزيز التعاون في مجال الدفاع والأمن البحريَيْن"، مستحضرا كذلك "تقوية وتعزيز قابلية التشغيل البيني المتبادل من خلال استخدام الإجراءات العملياتية المشتركة بين عناصر القوات البحرية لكل من البحرية الملكية المغربية ونظيرتها الأمريكية". وفي هذا الصدد، يضيف العقيد البحري أن "البحرية الملكية التزمت بتخصيص موارد بحرية وجوية وكذلك بشرية مهمة"، خاصّاً بالذكر فرقاطة "طارق بن زياد"، بالإضافة إلى فرق من القوات الخاصة وأخرى للتدخل البحري. وزاد المسؤول العسكري في البحرية الملكية شارحا: "تغطي الأنشطة المخطط لها في دورة هذه السنة طيفاً واسعاً"، قبل أن يوضح أنه "يهمّ هذه السنة بشكل أساسي إجراء تمارين في مجالات التكتيكات البحرية والاشتباكات التقليدية والدفاع الجوي وعمليات الإنقاذ البحرية"، بالإضافة إلى "إطلاق الذخائر الحية ضد الأهداف في البحر والأرض." هذا الحدث البارز والهام يظل، وفق العقيد البحري، "فرصة ثمينة لتبادل الخبرات والمعرفة بين قوات البحرية الملكية المغربية ونظيرتها من أمريكا بهدف زيادة تعزيز مستوى النهج المشترك للعمليات". من جانبه، عبّر المقدّم البحري بيتر فلين، قائد البارجة "يو إس إس هارلي بيرك" التابعة للأسطول السادس لسلاح البحرية الأمريكية بحوض البحر الأبيض المتوسط، عن سعادته الغامرة رفقة طاقمه بالقدوم إلى المغرب للمشاركة في أضخم مناورات مشتركة سنوية في إفريقيا. وأضاف، متحدثا لهسبريس على هامش الزيارة، "نرحّب بنظرائنا وشركائنا المغاربة على متن البارجة الحربية المدمِّرة "يو إس إس بيرك"، التي تعتبر أقْدَم مُدمِّرة نشِطة في القوات البحرية لجيش الولاياتالمتحدة". "إن استضافة المغرب لتمرين "AFRICAN LION"، باعتباره أكبر تدريب عسكري مشترك لقوات "AFRICOM" في القارة تجعل المغرب شريكنا الرئيسي لتصدير واستتباب الأمن في ربوع المنطقة"، يؤكد فلين. وذكّر المسؤول العسكري في البحرية الأمريكية بالعمق التاريخي للعلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن، قائلا إن "المملكة المغربية كانت أول دولة تعترف باستقلال الولاياتالمتحدة، كما فتحت موانئها للسفن الأمريكية منذ عام 1777". وختم قائلا: "نعمل على إدامة وتمديد هذا التقليد من أجل مزيد من البناء المشترك استناداً إلى هذه الصداقة طويلة الأمد، والتعاون الوثيق من أجل مزيد من السلام والاستقرار والأمن في المنطقة والقارة والعالم".