قدم مجلس الجالية المغربية بالخارج، مساء الجمعة، موسوعة "الحضارة المغربية من التراث المادي إلى التراث غير المادي"، وهي أولى موسوعة من نوعها في المغرب، وتتكون من اثني عشر مجلدا، وسوف تتم ترجمتها إلى عدد من اللغات العالمية. ويرمي مجلس الجالية من وراء إصدار هذه الموسوعة، التي تم تقديمها بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، إلى جعلها مرجعا للباحثين المغاربة والأجانب، والدارسين لتاريخ الحضارة المغربية. وأوضح عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن موسوعة "الحضارة المغربية من التراث المادي إلى التراث غير المادي" اشتغل عليها المجلس لعدة اعتبارات، حيث أنجز دراسة منذ سنتين لاستقراء آراء الشباب المغاربة في ست دول أوروبية حول التاريخ المغربي وقيم وثقافة المجتمع المغربي، وقضاياهم في بلاد المهجر، مشيرا إلى أن نتائجها أظهرت أن الشباب المغربي في المهجر يجمعهم ارتباط وثيق بوطنهم الأم، ولديهم رغبة في التعرف أكثر على الثقافة المغربية. وانطلاقا من النتائج التي خلصت إليها تلك الدراسة، ارتأى مجلس الجالية المغربية بالخارج إنجاز موسوعة الحضارة المغربية لتكون مادة معرفية يستقي منها مغاربة العالم معلوماتهم بخصوص تاريخ وحضارة وثقافة المغرب. وقال بوصوف إن "المغاربة مستهدفون من جهات متعددة، وأحد ملفات الاستهداف هو التراث المادي وغير المادي، ولا بد من نقل هذا التراث إلى هؤلاء المغاربة في الخارج ليتبنّوه ويدافعوا عنه"، مضيفا أن الموسوعة ستكون متوفرة في المكتبات الأوروبية والمساجد ومقرات الجمعيات المغربية التي تشتغل مع الشباب. ويطمح مجلس الجالية المغربية بالخارج، بحسب أمينه العام، إلى أن تكون موسوعة "الحضارة المغربية من التراث المادي إلى التراث غير المادي"، "جسرا للقيم والثقافة المغربية، ليس فقط نحو الجالية المغربية، بل نحو العالم، حيث يمكن للمغرب أن يساهم في بلورة قيم كونية جديدة، تكون قيمة مضافة إلى القيم الموجودة اليوم". وأبرز أن مغاربة العالم يملكون حسا تضامنيا عاليا كانت آخر تجلياته مساهمتهم في الصندوق الوطني لمكافحة جائحة "كورونا"، وارتفاع تحويلاتهم المالية إلى المغرب رغم الأزمة، بخلاف توقعات المؤسسات المالية الدولية، التي كانت تشير إلى انخفاض تحويلات المهاجرين عبر العالم نحو بلدانهم الأصلية ب20 في المئة. وارتفعت التحويلات المالية للجالية المغربية المقيمة بالخارج سنة 2021 بنسبة 5 في المئة، وسارت في منحى تصاعدي خلال سنة 2022، حيث ارتفعت بنسبة 20 في المئة، متجاوزة 10 مليارات دولار. وعلق بوصوف على هذا المعطى قائلا إن "المغاربة يملكون حسا تضامنيا عاليا لأنه من صميم القيم المغربية"، وتساءل "ألا يمكن أن ننقل، اليوم، هذه القيم إلى العالم، وأن نعرضها وندافع عنها لأن الإنسانية في أمسّ الحاجة إليها، في ظل الأزمات المتعددة التي تجتاح العالم اليوم؟". وتوقف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عند العلاقة التي تربط اليهود بالمسلمين المغاربة، قائلا إنها "علاقة خاصة لا نظير لها في العالم ولا في التاريخ لأسباب خاصة، أولها أن جميع اليهود الذين هاجروا من بلدانهم العربية ليس لهم ارتباط وثقافة البلدان التي هاجروا منها، ما عدا اليهود المغاربة". واستطرد قائلا إن اليهود المغاربة "حافظوا على تقاليد الأكل وتقاليد اللباس والغناء والأفراح وحتى العبادات التي تختلف لديهم، إذ فيها الوسطية التي لا ترتبط بالإسلام فقط، بل باليهودية أيضا، لأن الوسطية هي روح مغربية نجدها في كل أبعاد الحضارة المغربية". التميز المغربي، يضيف بوصوف، يتمثل أيضا في الأدوار البارزة للمرأة في المجتمع المغربي على مر التاريخ، مبرزا أن "التاريخ المغربي يظل غير مفهوم وغير مقروء إذا لم يُقرأ بصفة المؤنث لكون المرأة المغربية لعبت أدوارا مهمة"، مذكّرا بفاطمة الفهرية التي بنت أول جامعة في العالم. كما لفت إلى أن رجالات الحركة الوطنية والعلماء المغاربة درسوا في جامعة القرويين، "ويمكن أن نقول إن الاستقرار السياسي والديني الذي ينعم به المغرب حاليا يعود الفضل فيه إلى امرأة (فاطمة الفهرية)".