كما اعتاد ذلك شهر يونيو من كل عام، يتجدد زئير "الأسد الإفريقي"، وبصوت أقوى هذه المرة خلال دورته التاسعة عشرة، في سبع مناطق تنتمي إلى جهات مغربية مختلفة، مُعظمها بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. بينما يرتقب أن تتواصل فعاليات وتدريبات التمرين العسكري الأضخم في إفريقيا بمناورات ميدانية وتجارب محاكاة للواقع، وكذا أنشطة طبية–إنسانية، إلى منتصف الشهر الجاري. وتنفيذاً لتعليمات الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تنظم القوات المسلحة الملكية والقوات المسلحة الأمريكية، بشكل مشترك وإلى غاية 16 يونيو الجاري، الدورة 19 من تمرين "الأسد الإفريقي" ( l'exercice "African Lion)، وفق بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية. وفق ما عاينته جريدة هسبريس الإلكترونية كان مقر قيادة المنطقة الجنوبية للقوات المسلحة الملكية بمدينة أكادير على موعد مع تنظيم حفل الافتتاح، اليوم الإثنين خامس يونيو، مانحاً بذلك إشارة الانطلاق الرسمي للدورة ال19 من هذا التمرين المشترك متعدد الجنسيات، بحضور ممثلين عما يقرب من 20 بلداً مشاركاً من قارات مختلفة. الحفل المهيب لإطلاق وتقديم برنامج أضخم مناورات عسكرية ميدانية في القارة الإفريقية جرى برئاسة مشتركة بين المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، الفريق محمد بريظ، عن الجانب المغربي، بينما كان الجيش الأمريكي ممثلا في شخص اللواء بريان كاشمان، نائب القائد العام لقوة عمل جنوب أوروبا وإفريقيا. وتهدف مناورات "الأسد الإفريقي" إلى "تعزيز الاشتغال البيني والأداء العسكري الفعال بين جيوش وقوات الدول المشاركة في إطار تحالف متعدد الجنسيات، والدفاع عن قيم ومُثل مشتركة أبرزها حفظ الأمن والاستقرار وتعزيز السلم بالمنطقة". وأمام أنظار مسؤولين وشخصيات عسكرية رفيعة المستوى، تم عرض موضوع التمرين ومختلف الأنشطة المدرجة في برنامج دورة هذه السنة، التي تتميز ب"تمرين التخطيط العملياتي لفائدة أطر هيئات الأركان (STAFFEX)". البرنامج نفسه لن يخلو، كعادته كل عام، من "التدريبات التكتيكية البرية والبحرية والجوية والمشتركة، ليلا ونهارا"، إضافة إلى "تمرين مشترك للقوات الخاصة، والعمليات المحمولة جوا"؛ بينما سيقدم المستشفى العسكري الميداني خدمات جراحية وطبية لفائدة السكان، فضلا عن إجراء تمارين مكافحة أسلحة الدمار الشامل. "موعد عسكري ناضج" بكلمات الترحيب بجميع المشاركين من البلدان الشريكة استهل الفريق محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، الكلمة الافتتاحية في مناسبة إطلاق "الأسد الإفريقي"، قائلا: "إنهم يشهدون بحضورهم واهتمامهم المتزايد، من سنة إلى أخرى، على أهمية هذا الحدث في الإعداد العملي لقواتنا، من خلال تقاسم المُثل والقيم العليا نفسها للسلام والأمن"، وزاد: "هذه القيم، التي تعكس إرادة بلداننا، يجب أن تُوجِّه عملنا وترسُمَ الإطار العام لتعاوننا". "التعاون العسكري، الذي يترجمُه، من بين أمور أخرى، تنظيم تمرين الأسد الأفريقي، يعد فرصة مثالية لاختبار قدرات قواتنا على مواجهة التحديات المختلفة معًا، بكل مهنية واحترافية"، يورد المسؤول العسكري المغربي، مخاطباً شخصيات عسكرية مشاركة من بلدان أمريكا وبريطانيا وإيطاليا ودول إفريقية وغيرها. ومن المرجح، حسب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، أن "يختبر التدريب المخطط له قدرة قواتنا على فهم أفضل للتحديات متعددة الأوجه، والهجينة وغير المتماثلة"، واضعاً دورة 2023 "بالتزامن مع سياق جيو-سياسي وجيو-إستراتيجي هش". الفريق بريظ شدد أيضا في معرض حديثه على أهمية الموعد "بعد بلوغه مستوى غير مسبوق من النضج يتيح فرصة حقيقية لهذا النوع من التدريبات العسكرية"، مستحضرا "مشاركة أزيد من 32 ألف شخص في مختلف الأنشطة والمناورات في الدورات الماضية"؛ كما سجل أن النسخة 19 من التمرين العسكري الأضخم إفريقيا "تؤكد بالملموس رغبتنا في تحقيق أهداف الاهتمام المشترك، وتجسد الأسس ذاتها للتعاون العسكري بين الجيوش الحديثة، مع التركيز على تبادل الخبرات والتجارب، وقبل كل شيء تطوير قابلية التشغيل المتبادل على جميع المستويات، من المفهوم إلى القيادة". ولم يفوت مفتش عام القوات المسلحة الملكية تجديد التأكيد على "عزم المغرب مواصلةَ تطوير التعاون العسكري بين جيوشنا، من خلال تجديد مختلف عمليات التدريبات والتكامل عبر أنشطة جديدة". تمرين يشمل ثُلثيْ إفريقيا الكلمة التمهيدية للجيش الأمريكي تلاها اللواء بريان كاشمان، نائب القائد العام لقوة عمل جنوب أوروبا وإفريقيا، قائلا إنه يتشرف بحضوره إلى المغرب اليوم لبدء تدريبات "الأسد الإفريقي 2023′′، مشيداً ب"قيادته الأعلى، القيادة الأمريكية لقوات إفريقيا (أفريكوم) لدعمها المستمر طيلة عمليات التخطيط، وكذا الجهود الدؤوبة لفريق السفارة الأمريكية بالمغرب لضمان نجاح الحدث". وأكد المسؤول العسكري الأمريكي أن "الإعداد والتخطيط لنسخة 2023 من المناورات الأضخم واجه العديد من التحديات"، مستدركا: "إلا أننا نواصل إيجاد حلول مبتكرة"، وشاكراً "جهوداً شاقة قام بها فريق المخططين"، وفق تعبيره. "اليوم يبصم مرور 19 عاما على الأسد الإفريقي باعتباره أكبر تدريب سنوي مشترك للقيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا"، يورد اللواء كاشمان، مبديا فخره بأنه "واحد من أكبر التدريبات العسكرية في العالم"، وزاد: "مع انضمام دول تونس وغانا والسنغال يصل تمرين الأسد الإفريقي –الآن– إلى حوالي ثلُثيْ القارة الإفريقية". إشادة بجهود المغرب كما أشاد كاشمان ب"توفير المغرب أجواء هذا التدريب الحاسم"، وقال: "نحن ممتنون للغاية للمغرب لتزويده هذا الفريق المشترك بالدعم والبنية التحتية المطلوبين لإجراء هذه الأنشطة"، قبل أن يؤكد أن "التزام المغرب بالأسد الإفريقي دليل على قوة تحالفنا الذي يعود تاريخه إلى تأسيس الولاياتالمتحدة". وختم المسؤول الأمريكي مؤكدا: "اليوم، أصبح الالتزام الأمريكي–المغربي بتعزيز السلام والازدهار والأمن في جميع أنحاء المنطقة وفي جميع أنحاء العالم أقوى من أي وقت مضى". ويشمل تمرين "الأسد الإفريقي 2023′′، الذي يشارك في مناوراته حوالي 6000 جندي من حوالي عشرين بلدا إفريقيا ودوليا، بما فيها المغرب وأمريكا، مع 27 بلدا ملاحظا، سبْعَ مناطق جغرافية مغربية (أكادير وطانطان والمحبس وتزنيت والقنيطرة وبن جرير وتفنيت). ومع توالي الدورات، استطاع "الأسد الإفريقي" أن يفرض نفسه موعداً سنويا يساهم في "توطيد التعاون العسكري المغربي–الأمريكي، وتقوية التبادل بين القوات المسلحة لمختلف البلدان من أجل تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة".