نفذّت إسرائيل، اليوم الخميس، غارات جوية جديدة على قطاع غزة الذي انطلقت منه دفعة جديدة من الصواريخ بعد استهداف قيادي آخر في حركة الجهاد الإسلامي ليلا، قُتل مع شخصين آخرين. وارتفعت بذلك حصيلة القتلى في التصعيد الذي بدأ أول أمس الثلاثاء، وهو الأعنف منذ غشت 2022، إلى 25 قتيلا في الجانب الفلسطيني، بينهم أطفال. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان اليوم، إن طائرة مقاتلة قصفت موقعا لإطلاق قذائف "هاون" تابعا لحركة الجهاد الإسلامي؛ شمال قطاع غزة. وكان الجيش أكّد، في وقت سابق، استهداف المسؤول عن إدارة الوحدة الصاروخية في حركة الجهاد الإسلامي علي غالي، مشيرا إلى أنه "لعب دورا مهما في توجيه وتنفيذ عمليّات إطلاق الصواريخ صوب إسرائيل، بما في ذلك الرشقات الصاروخيّة الأخيرة"؛ كما أوضح أن "العملية مشتركة لجيش الدفاع وجهاز الشاباك"، الأمن العام الإسرائيلي. ونعت "سرايا القدس" التابعة للجهاد الإسلامي علي غالي، "عضو المجلس العسكري ومسؤول الوحدة الصاروخيّة في سرايا القدس". وأكّد مصدر طبّي في غزّة مقتل غالي وشخصين آخرين في غارة استهدفت شقّة سكنيّة بمدينة خان يونس، وأسفرت أيضا عن إصابة آخرين بجروح. وقالت "حركة الجهاد"، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إن "وابلا جديدا من الصواريخ أطلق في الصباح باتجاه الأراضي الإسرائيلية". وبحسب الجيش الإسرائيلي فقد دوّت صفّارات الإنذار في بلدات عديدة، وأشار إلى إطلاق 507 مقذوفات باتجاه الأراضي الإسرائيلية منذ بدء التصعيد، اعترض نظام الدفاع الجوي 154 منها. ولم تقع إصابات في الجانب الإسرائيلي، بحسب خدمات الطوارئ، بينما أعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 25 فلسطينيا، بينهم أطفال، وإصابة 76 آخرين بجروح منذ الثلاثاء. وبين القتلى أيضا 3 قياديين آخرين في الجهاد الإسلامي استهدفتهم إسرائيل الثلاثاء الماضي. وضعية سكان غزة بدت الشوارع خالية في قطاع غزة إلا من عدد قليل من الناس؛ وتفرّقت عناصر الشرطة خارج مراكزها، ووقفت بعيدا عن الحواجز الرئيسية بعشرات الأمتار، كما شوهدت سيارات إسعاف تجوب الشوارع. وفي بيت لاهيا، قالت أم راني المصري (65 عاما) بينما كانت تقف بين أنقاض منازل مدمّرة: "أقول لإسرائيل إن البيوت كان فيها أطفال. لم يكن فيها سلاح. أنا لا أترك 9 أطفال في بيت فيه صواريخ". وأغلقت المحال التجارية في غزة باستثناء عدد قليل من متاجر المواد الغذائية التي فتحت جزئيا. واصطف عشرات المواطنين أمام مخبز في "حي الرمال". وقال سهيل المصري (32 عاما) من سكان بيت لاهيا شمالي قطاع غزة: "جئت إلى مستشفى الشفاء لأن ابني أصيب أمس بشظايا قصف لمنزل جيراننا. لولا إصابة ابني لما خرجت من البيت، فالوضع خطير جدا. طبعا نحن قلقون وخائفون أن تستمر الحرب"، وأضاف: "القصف الإسرائيلي في كل مكان، وأيضا صواريخ المقاومة لم تتوقف". وقال مازن (40 عاما) من سكان جباليا الذي وقف أمام مخبز ينتظر دوره: "بناتي الثلاث مع أطفالهن لجؤوا إلى بيتي لأنهم خائفون. جئت من أجل الخبز وسأشتري الطعام لأعود فورا"، وتابع: "الوضع مرعب. نأمل التوصل إلى تهدئة. تعبنا كثيرا من التصعيد والحروب". وشدّدت حركة الجهاد الإسلامي، في بيان، أنّ "الاغتيالات الإسرائيليّة لن تمرّ مرور الكرام"، مضيفة: "كلّ الخيارات مطروحة على طاولة المقاومة". وكانت حركة حماس أعلنت الأربعاء أن "ردّ المقاومة واجب وثابت على كل عدوان؛ وهي موحدة في الميدان"، مضيفة: "ضربات المقاومة الموحدة جزء من عملية الردّ" على الجيش الإسرائيلي. تدخلات للتهدئة أكد مصدر مصري لوكالة فرانس برس "إجراء اتصالات عدة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي"، وقال: "دعت مصر إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين بشكل فوري". وأكد مصدران متطابقان في الجهاد الإسلامي وحماس لفرانس برس أن مصر أجرت اتصالات "مكثفة ومثمنة" مع الحركتين، "وأبلغت بأنها أجرت اتصالات مع الجانب الإسرائيلي، وطلبت وقفا فوريا لإطلاق النار والعودة للهدوء. وحتى الآن لا يوجد اتفاق للتهدئة". وقال مصدر في الجهاد الإسلامي لفرانس برس إن رئيس الدائرة السياسية في "حركة الجهاد"، محمد الهندي، سيصل إلى القاهرة اليوم للقاء مسؤولين في جهاز المخابرات العامة. وصرّح مسؤول إسرائيلي ،فضل عدم كشف هويته، بأن جهودا مصرية تبذل من أجل اتفاق لوقف النار، مضيفا: "سنجري تقييما للأوضاع حسب الوقائع على أرض الميدان وليس على البيانات". صدمة في إسرائيل في الجانب الإسرائيلي، يعيش السكان على وقع إطلاق صفارات الإنذار التي وصلت أمس الأربعاء إلى تل أبيب وبئر السبع. وفي عسقلان، على بعد عشرين كيلومترًا من قطاع غزة، كانت المحلات مفتوحة والسكان يمارسون أعمالهم. وقالت ميريام كيرين (78 عاما) التي دُمّرت غرفة لديها وسيارتها بسبب صاروخ: "ليست المرة الأولى التي يصاب فيها منزلي"، وأضافت: "كنا تحت تأثير الصدمة في البداية لكننا لسنا خائفين". وفي غشت 2022، أدت اشتباكات مسلحة، استمرت ثلاثة أيام بين إسرائيل والجهاد الإسلامي، إلى مقتل 49 فلسطينيا، بينهم 12 من أعضاء "الجهاد"، وفقا للحركة، وما لا يقلّ عن 19 طفلا وفق الأممالمتحدة.