أعلن الفلسطينيون والإسرائيليون، أول أمس الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق "دائم وغير محدود زمنيا" لوقف إطلاق النار في غزة بعد حرب دامت خمسين يوما أدت إلى مقتل أكثر من 2100 فلسطيني. الرئيس الفلسطيني محمود عباس سارعت الولاياتالمتحدة إلى إعلان "الدعم الكلي" للاتفاق على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي. فقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس التوصل إلى اتفاق "شامل ودائم" حول وقف إطلاق النار مع إسرائيل في قطاع غزة وموافقة القيادة الفلسطينية على أن يسري العمل به ابتداء من الساعة السابعة مساء (16,00 ت.غ). من جهته، قال مصدر حكومي إسرائيلي لفرانس برس إن بلاده وافقت على وقف "غير محدود" للنار في غزة. وقال هذا المصدر "لقد وافقنا مرة أخرى على اقتراح مصري بوقف لإطلاق النار من دون شروط وغير محدود زمنيا". أما الوسيط المصري فأعلن في بيان صادر عن وزارة الخارجية بعض تفاصيل الاتفاق الذي وصفه بأنه "وقف إطلاق نار شامل ومتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثة ومستلزمات الأعمار والصيد البحري". وأوضح البيان أن هناك نقاطا لا تزال عالقة لم يحددها سيتم طرحها بين الطرفين بعد شهر. فقد أكد البيان "استمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى خلال شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار". أما حركة حماس المعنية مباشرة بالاتفاق فاعتبرته "انتصارا للمقاومة". وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة في مؤتمر صحافي عقده في مستشفى الشفاء في غزة "استطعنا أن ننجز ما عجزت عنه جيوش العرب مجتمعة، اليوم نهنئ شعبنا الفلسطيني بهذا الانتصار الكبير، ونهنئ أمتنا العربية بهذا الانتصار". وتابع متوجها لسكان غزة "قلنا لهم لن تعودوا إلا بقرار من حماس وليس بقرار من نتانياهو، والآن نقول لكم بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ بإمكانكم العودة إلى بيوتكم بقرار من حماس". وفي تمام الساعة السابعة مساء، موعد البدء بوقف إطلاق النار، نزل آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة إلى الشارع، كما صدحت التكبيرات من المساجد وأطلقت العيارات النارية في الهواء فرحا. وخرج آلاف الفلسطينيين في شوارع القطاع في مسيرات عفوية احتفالا بالاتفاق وهم يحملون الأعلام الفلسطينية ورايات حماس الخضراء. وردد الناس هتافات "تحيا كتائب القسام، تحيا المقاومة". وأعلن عباس أن الفلسطينيين لن يقبلوا بعد اليوم "الدخول في مفاوضات غائمة" مع إسرائيل، مضيفا أنه سيضع "رؤيا" لحل القضية الفلسطينية لمناقشتها. من جهته، قال عزام الأحمد، رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات التهدئة، في تصريح لوكالة فرانس برس "ستطالب القيادة الفلسطينية منذ الآن بأن يتم تحديد سقف زمني محدد لإقرار حل الدولتين بشكل ملزم". وجاء هذا الاتفاق في اليوم ال50 للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث قتل عشرة فلسطينيين الثلاثاء وأصيب العشرات في سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت أساسا برجين سكنيين ضخمين غرب مدينة غزة. ورغم هذا الإعلان واصلت المقاتلات الحربية الإسرائيلية شن غاراتها على القطاع حتى لحظات قبل بدء سريان وقف إطلاق النار، عندما قتل طفلان فلسطينيان في غارة جوية استهدفت سيارة في مدينة خان يونس جنوب القطاع، بحسب وزارة الصحة في غزة. كما استهدفت واحدة من آخر الغارات أيضا منزل قيادي بارز في حركة الجهاد الإسلامي في رفح جنوب القطاع من دون أن يبلغ عن إصابات. على الجانب الإسرائيلي وقبل قليل من بدء سريان وقف إطلاق النار قتل إسرائيلي إثر سقوط قذيفة أطلقت من غزة على بلدة إسرائيلية مجاورة. وصباح أول أمس الثلاثاء أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس في بيان أنه "ردا على سياسة قصف الأبراج السكنية، كتائب القسام تقصف حيفا بصاروخ آر-160 وتل أبيب بأربعة صواريخ إم-75"، بالإضافة إلى "قصف عسقلان المحتلة بصاروخي قسام". كما أعلنت كتائب القسام، عصر أول أمس الثلاثاء، أنها "قصفت كيبوتس صوفا بثلاثة صواريخ 107". وأرسل الجيش الإسرائيلي رسائل نصية عبر الهاتف المحمول إلى سكان قطاع غزة يقول فيها إن "جيش الدفاع ضرب الأبراج والبيوت التي استخدمتها حماس لأهداف عسكرية، كما اغتال مسؤولين من حماس الذين مارسوا الإرهاب. المعركة مفتوحة". وأكد الجيش الإسرائيلي شن 15 غارة جوية منذ منتصف ليل الاثنين الثلاثاء (21,00 ت.غ الاثنين)، إحداها على مبان تستخدمها حركة حماس ك"مراكز للقيادة". وأضاف الجيش في بيان أن طائراته قصفت أيضا مدرستين وسط وشمال قطاع غزة "أطلقت منهما نيران على إسرائيل". وأشار الجيش إلى أنه عند الساعة 6,30 صباحا (03,00 ت.غ) أطلق مسلحون نيرانا كثيفة عبر الحدود ما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار على ساحل المتوسط. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي لوكالة فرانس برس إنه منذ منتصف الليل أطلق 21 صاروخا على إسرائيل سقط 18 منها في الجنوب واعترضت القبة الحديدية صاروخا واحدا فوق منطقة تل أبيب. ونقلت صحيفة هآرتس عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن "الهدف من القتال ليس تدمير آخر منصة صواريخ وإنما الضغط على الطرف الآخر حتى يقول كفى"، وأشار إلى اعتقاده بأن حماس اقتربت من ذلك.