انطلق الناقد والكاتب، فؤاد زويريق، من مثال المخرج السينمائي، عزيز السالمي، صاحب فيلم "حجاب الحب"، والذي رفضت لجنة الدعم بالمركز السينمائي المغربي فيلما له حول قضية الصحراء، ليتساءل عن الذي يمنع المغرب من "فتح قنوات أخرى جديدة موازية للقنوات الدبلوماسية، للدفاع عن الصحراء سينمائيا. وأبدى زويريق، في مقال خص به هسبريس، خشيته من أن ينجم عن قرارات رفض مثل هذه المشاريع السينمائية حول قضية الوحدة الترابية للمملكة "إحجام باقي السينمائيين والمهتمين على تقديم مشاريع من هذا القبيل، رغم أن الوطن يحتاج إلى كل مشروع سينمائي يدعم قضية البلاد الأولى. بعد المقال الذي تناولت فيه قضية الصحراء وعلاقتها بالسينما المغربية، ونشرته جريدة هسبريس مشكورة بعنوان (هل أنصفت السينما المغربية قضية الصحراء؟) انهالت على بريدي الإلكتروني رسائل مختلفة، بعضها يؤكد ما ذهبتُ إليه، والبعض الآخر يناقش، والبعض الآخر يطرح حلولا... إلا أن هناك رسالة أثارتني ونبهتني إلى وجود فنانين ومبدعين سينمائيين قدموا عروضا ومشاريع تتناول قضية الصحراء إلى لجنة الدعم، ورفضت لأسباب أو لأخرى. والرسالة لصاحب ''حجاب الحب'' المخرج عزيز السالمي. تعجبت من الأمر خصوصا أننا أمام قضية حساسة لدى كل المغاربة، شعبا وحكومة، وتستدعي منا التعبئة العامة من أجل إنصافها فنيا على الأقل، وهذا دور المجتمع الفني والثقافي، فكيف يعقل أن يقدم مواطن مغربي على تقديم مشروع سينمائي من منطلق إنصاف قضية وطنية مصيرية، ويرفض هكذا، دون إبداء الأسباب الكامنة وراء هذا الرفض، كما جاء على لسان صاحب الرسالة. لا يهمني شخصيا نص السيناريو في هذه القضية بالضبط، بقدر ما تهمني فكرة المشروع نفسها كخطوة أولية نحو مشروع متكامل، ودورها المحوري في تركيب مبادرة قد تعطي لهذه التيمة دفعة تؤهلها لتفكيك قضية الصحراء سينمائيا، ونشرها أمام الملأ من أجل الوصول إلى عمق فكر المتلقي وعواطفه. هي إذن مبادرة تحتاج إلى دراسة جوانبها، والتواصل مع صاحبها بدل تهميشها وإقصائها، فقليلة هي مثل هذه المشاريع التي تقدم من أجل قضية وحدتنا الترابية، وأظن أن الدولة في حاجة إلى الإقدام بشجاعة وخصوصا بالنسبة لهذه القضية، وفي هذا الوقت بالذات، على مخاطبة العالم بالصورة التي أصبحت أكثر تأثيرا من أي قوة عسكرية على الأرض إذا استغلت ببراعة وذكاء طبعا. جربنا كل الحلول ومازلنا، فماذا سنخسر لو أعدنا تقييم ذواتنا بشكل موضوعي؟ ماذا سنخسر لو فكرنا وبادرنا بفتح قنوات أخرى جديدة موازية للقنوات الدبلوماسية؟ لماذا لا تكون هذه القنوات فنية وثقافية؟ لماذا لا نروج لقضيتنا سينمائيا؟ القضية تحتاج إلى ترويج أكثر شمولية ومتعدد الفروع، عبر استقبال المشاريع الثقافية والفنية، سينمائية كانت، أو مسرحية، أو موسيقية...المهم أن نوقظ العالم ونستدعيه من أجل فهم واستيعاب قضيتنا نحن، فلن يستطيع أي فنان أجنبي مهما كانت موهبته، توصيل الرسالة والإحاطة بها كالفنان المغربي الحقيقي، فمهما كانت الظروف، سيكون التماهي مع مصير وطنه صادقا، وبالتالي سيقدم لنا وللوطن عملا سيكون في مستوى القضية، وما مبادرة عزيز السالمي وغيره إلا خطوة صغيرة، على الجهات المكلفة والمسؤولة أخذها بجدية، بل تبنيها، وتقويم أي اعوجاج قد يشوبها - في نظرهم- وليس رفضها نهائيا، وإغلاق الباب عليها دون مواربة. من خلال كلامي وتواصلي مع المخرج عزيز السالمي، أحسست بنوع من الاهانة والغبن أصاباه من طرف وطن سعى إلى خدمته، ورغم هذا أحسست بإصراره المتواصل لتحقيق حلمه في إخراج فيلم سينمائي طويل يتناول جزءا من همومه الذاتية، والتي لا ولن تتجزأ عن ذات الوطن كما جاء على لسانه، فهو لم يشتك من استعمال اللجنة لحقها في الرفض، بقدر ما آلمه التهرب من عدم فتح قنوات لمناقشة مضمون السيناريو المقترح وتعديله إن لزم الأمر، وكأن الأمر محسوم مسبقا في مثل هذه المشاريع، وفي ذلك رفض للفكرة بل للمبدأ ككل من وجهة نظره، وهذا يعتبر إجحافا في حق كل ذلك المجهود الذي بدله لسنوات في الكتابة والتحضير. وقد ينجم عن مثل هذه القرارات إحجام باقي السينمائيين والمهتمين على تقديم مشاريع من هذا القبيل، رغم أن الوطن يحتاج إلى كل مشروع وطني مهما كان من أجل بناء بنية سينمائية قوية بفضل تراكم التجارب وتنوع نوعيتها، لكن ما نعيشه الآن هو رفض أي خطوة نحو هذا الاتجاه ولو كانت صغيرة، بعيدا عن مصائرنا القومية. مازلنا نتساءل عن عدم قيام الدولة من خلال مؤسساتها المختصة بالشؤون الفنية والثقافية بتأسيس جهاز خاص تكون مهمته استقبال ومناقشة مشاريع فنية تعالج تيمة الصحراء المغربية، جهاز تتداخل فيه جهود الكل، من مبدعين وديبلوماسيين وعسكريين ومفكرين...للخروج بمشروع وطني شامل همه الوحيد والأوحد تفعيل حقل الصورة خدمة لقضيتنا وتوجيه دفتها غربا وشرقا، جنوبا وشمالا، أملا في توضيح الرؤية المغربية وكسب عطف الرأي العام العالمي. نتمنى أن يتدارك المغرب كل هذا ويفتح جبهة جديدة، جبهة فنية سلمية ذكية تؤهله لخوض غمار الحرب داخل القاعات السينمائية والقنوات التلفزية العالمية، بدل حصرها داخل الأروقة السرية، وهي الوسيلة الأكثر نجاعة، والسلاح الأكثر تطورا على مر العصور، ولنا في التاريخ عبرة.