تحدثوا عن "تأرجح" العلاقات منذ استضافة الشاه بالمغرب قلل محللون سياسيون مغاربة من إمكانية حدوث مضاعفات وتداعيات سياسية ذات شأن قد تضر بمصالح المغرب بعد قراره قطع علاقاته مع إيران قبل أيام، واعتبروا أن العلاقات بين البلدين متأرجحة أصلا منذ فترة الإطاحة بشاه إيران واحتضانه من طرف المغرب وتأييده لنظام "صدام". "" واتفق هؤلاء المحللون السياسيون على أن المد الشيعي المتنامي بالمغرب في السنوات القليلة الأخيرة كان عاملا مؤثرا في قرار قطع العلاقات مع إيران، مبرزين أن القرار رسالة تحذير قوية وجهتها الدولة المغربية لنشطاء التيار الشيعي بالمغرب وحتى داخل الجاليات المغربية المتواجدة في أوروبا. توجيه رسائل قوية وذكر المحلل السياسي الدكتور محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية، ببيان وزارة الخارجية المغربية الذي أشار إلى سببين لقطع علاقات المغرب مع إيران، أولهما "بروتوكولي" يتعلق بالتعامل الإيراني "الاستثنائي" إزاء الموقف المغربي من ما حدث بين إيران والبحرين، والذي اعتبره المغرب تعاملا "غير مقبول"، وثانيهما اتهام المغرب لإيران من خلال بعثتها الدبلوماسية بالرباط بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلد ودفع المغاربة إلى تغيير عقيدتهم السنية والمالكية". وقال ضريف في اتصال هاتفي مع العربية.نت إن الحديث عن انتشار التشيع بالمغرب ليس جديدا، لكن منذ سنوات بدأت بعض الجهات بما فيها تقارير أمنية واستخباراتية تحذر من خطورة المد الشيعي بالمغرب، ولعل هذا أحد تفسيرات قرار المغرب بقطع العلاقات مع دولة إيران. وزاد المحلل السياسي المغربي قائلا: إن قطع العلاقات مع إيران الغرض منه توجيه رسائل عدة لعل أبرزها رسالة توجهها الدولة إلى نشطاء التيار الشيعي بالمغرب، فقد كانوا في ما مضى يخفون تشيعهم، لكنهم في الآونة الأخيرة هناك من بادر منهم إلى تأسيس جمعيات تضم شيعة مغاربة، مثل جمعية "أنوار المودة" بطنجة (شمال) وجمعية "اللقاء الإنساني" في وجدة (شرق)، غير أن السلطات رفضت منح الترخيص القانوني للجمعيتين، وإصدار جريدة رؤى معاصرة تعبر عن مواقف بعض الشيعة المغاربة، والتي توقفت بدورها..". وأضاف المتحدث عاملا مؤثرا آخر من ضمن عوامل متداخلة، يكمن في "قلق" الرباط من تطور العلاقات الإيرانية الجزائرية مؤخرا بشكل مكثف، وهو ما اعتبره المغرب يتم على حساب المصالح الحيوية المغربية". وتمنى ضريف أن لا يتطور الموقف المغربي من قطع للعلاقات مع إيران إلى اتخاذ إجراءات ضد "الشيعة المغاربة"، مبرزا أن الدولة المغربية أضحت لا تتعامل مع التيار الشيعي من خلفية سياسية وعقائدية فحسب، بل أيضا من زاوية أمنية أيضا". تداعيات ضعيفة وحول مسألة التداعيات التي يمكن أن تنتج عن قطع العلاقات مع إيران وإمكانية تضرر المغرب من جراء ذلك، قال ضريف إنه لن تكون هناك تداعيات سياسية كبيرة، باعتبار أن تاريخ العلاقات بين البلدين لم يكن على ما يرام منذ الإطاحة بنظام شاه إيران واحتضان المغرب له، مضيفا أن إيران ما تزال تأخذ على المغرب مساندته لنظام "صدام"، كما أن علماء المغرب سبق أن قاموا بتكفير "الخميني" ودعوه إلى التوبة. وأضاف ضريف أنه حتى خلال سنوات تطبيع العلاقات بين البلدين، كان المغرب ينظر بتوجس إلى طموحات إيران في منطقة المغرب العربي، مستدلا بمسألة الترخيص لحزب "البديل الحضاري" الذي تم حله قبل أشهر، حيث كان من ضمن الأسباب التي اعترضت الترخيص له في البدء وفق منظور السلطات هو علاقة الحزب بإيران..". المغاربة الشيعة ويتفق أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة طنجة الدكتور محمد العمراني بوخبزة، مع رأي ضريف بخصوص عدم وجود تأثير كبير مستقبلا لقطع العلاقات بين البلدين، مضيفا أن ما حدث كان النقطة التي "أفاضت الكأس" في العلاقات المتأرجحة بين البلدين رغم محاولات المغرب أن التأسيس للعلاقات السنية الشيعية بتبادل الزيارات بين وفود العلماء المغاربة والإيرانيين لخلق تجانس ما بين المذهبين. واعتبر العمراني في تصريح للعربية.نت أن حرص المغرب على وحدة المذهب المالكي والسني دفعه إلى قطع علاقاته مع إيران خاصة بعد أن رصدت التقارير التعاطف الشعبي العارم لفئات كبيرة من المجتمع المغربي لمواقف الشيعة سواء مواقف حزب الله في لبنان أو المواقف الرسمية لإيران، فضلا عن "تشيع" آلاف المغاربة الموجودين في أوروبا، حيث يردف المتحدث اجتمع منذ سنتين في العاصمة البلجيكية زهاء 10 آلاف مغربي شيعي في اجتماع واحد..". وقال العمراني إن الشيعة في إيران كانوا يعتبرون المغرب أكثر المجتمعات الإسلامية استعدادا لتقبل "التشيع" بحكم بعض العادات المنتشرة لدى المغاربة سيما عاداتهم عند الاحتفال بعاشوراء، واعتماد المغرب على معيار "الشرفاء" كدليل للانتماء إلى آل البيت وغيرها من العادات والسلوكيات.. قرار سيادي من جهته، اعتبر أستاذ الحياة السياسية بجامعة مراكش الدكتور ادريس لكريني، في حديث للعربية.نت أن إقدام دولة ما على قطع العلاقة الدبلوماسية مع دولة أخرى هو قرار يندرج ضمن الممارسات السيادية للدول، وقد ينطوي على مبررات مباشرة وظاهرة وأحيانا قد يندرج على مبررات وخلفيات خفية وغير مباشرة. وأضاف لكريني أن قطع المغرب لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران جاء نتيجة عاملين: الأول يتعلق بتداعيات التصريح الإيراني المعادي لسيادة دولة البحرين التي تربطها بالمغرب علاقة وطيدة وما تلاه من تضامن مغربي وردود فعل إيرانية اعتبرها المغرب مستفزة؛ والثاني يرتبط بتوجيه الاتهام لإيران بانخراطها في نشر الفكر الشيعي بالمغرب؛ بما يشكل تهديدا لمقوماته الدينية. وشدد لكريني على أنه إذا كان البعض يعتقد أن إيران التي جمدت كل علاقاتها مع البوليساريو منذ مدة يمكن أن تراجع موقفها بعد قطع العلاقة مع المغرب؛ فلا يجب أن ننسى أيضا أن المغرب سبق وأصدر مواقف إيجابية تؤكد حق إيران في تطوير إمكاناتها النووية لأغراض سلمية". العربية .نت