حينما يتأمل المرء القفزة البطولية للمغرب إزاء الخلاف الدائر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومملكة البحرين سيخرج لامحالة بخلاصة مفادها أن الدبلوماسية المغربية تعيش انحطاطا غير مسبوق . "" ففي الوقت الذي تتفاقم فيه مشاكل المغرب وتتناسل ويتحمل الشعب المغربي مخلفاتها تختار دبلوماسية آل فاس إضافة أمراض أخرى إلى قائمة العلل الموجودة لدى الرجل المغربي المريض .
وربما لا يحتاج وزير الخارجية ومن وراءه أن نذكرهم أنه في الوقت الذي بدأت فيه المياه تعود إلى مجاريها بين إيران والبحرين اختارت المملكة المغربية أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة يكن لها الشعب المغربي كل التقدير والاحترام ، وكأن أصل المشكل قائم بين طهرانوالرباط وليس بين طهران والمنامة ، علما بأن الدول المعنية أعربت صراحة أن الإشكال القائم بينهما بخصوص التصريحات الإيرانية التي تعتبر أن البحرين جزء من أجزاء الدولة الإسلامية الإيرانية قد انتهى وأن العلاقات ستستمر في إطار يسوده الود والتفاهم .
وثمة مسألة أخرى هي أصل الخلاف الدائر بين الرباطوطهران وتتعلق باتهام السلطات المغربية لنظيرتها الإيرانية بنشر التشيع في صفوف المغاربة ، وإذا كان المبدأ أنه لا إكراه في الدين وأن للإنسان الحق في اختيار الدين الذي يراه مناسبا فما بالك وأن الأمر يتعلق هنا بمذهب من المذاهب الإسلامية الذي وإن كنا لا نتبناه فإننا بالمقابل لا يمكن أن نحاربه باسم الحفاظ على وحدة المذهب المالكي ، واضعين بذلك الحرية الدينية للمغاربة في مهب الريح ، أم أن تلك الحرية الدينية تظهر فقط عندما يتعلق الأمر بالتبشير الذي تعلم السلطات المغربية أن المبشرين يشتغلون بطلاقة في أرجاء المملكة فما الذي يمنعها من استدعاء سفرائها لدى الدول الأوربية المعنية .
سواء في الحالة الأولى المتعلقة بالتضامن مع دولة تبلغ مساحتها 692 كيلومتر مربع في حين يقدر عدد سكانها ب 1,039,297، أم في حالة الاحتجاج بسبب نشر التشيع بالمغرب فإننا إزاء دبلوماسية غير قادرة على إدارة علاقات المغرب الدولية بشكل إيجابي وبناء يسوده جو التأني في اتخاذ المواقف والحكمة في اتخاذ القرارات التي تنعكس على صورة المغرب في الخارج وتمتد إلى الداخل نتيجة الأضرار الاقتصادية والسياسية والثقافية لأي موقف ...
أما إذا كانت هذه الدبلوماسية تعتقد أن سياسة الكراسي الشاغرة التي تنهجها بدءا من الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية ووصولا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ذات فاعلية ، فليسمح لنا آل فاس بأن نهمس في آذانهم: