تستعد نقابات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لخوض نضالات تصعيدية ضد "الشركات الجهوية" المزمع إحداثها، وذلك بمباشرة التنسيق فيما بينها لتقوية رفضها لمضامين الانفتاح على القطاع الخاص. وتعتبر النقابات أن هذا التطور المفاجئ يريد "تصفية" المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، مؤكدة أنها ستسطر برنامجا نضاليا تصعيدا ضد كل ما يهدد وجود المكتب ويستهدف في العمق الخدمة العمومية، فضلا عن مراسلة الفرق البرلمانية من أجل مساءلة الحكومة. ونص مشروع القانون المحدث للشركات الجهوية متعددة الخدمات لتوزيع الكهرباء والماء والتطهير السائل على أنه يجوز للمؤسسات والمقاولات العمومية وكذا الجماعات الترابية ومجموعاتها للتعاون أن تساهم في رأسمال الشركة الجهوية، مع فتح المجال أيضاً للقطاع الخاص، على ألا تقل مساهمة الدولة عن 10 في المائة. كما نص على أن مقررات الجماعات الترابية ومجموعاتها ومؤسسات التعاون المتعلقة بالمساهمة في رأسمال الشركة لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من لدن وزارة الداخلية. وقد صادق مجلس الحكومة، خلال الشهر الماضي، على مشروع القانون رقم 83-21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات لتوزيع الكهرباء والماء والتطهير السائل، عبر إنشاء اثنتي عشرة شركة بكل جهات البلاد، أشرفت عليه وزارة الداخلية. وبدأ التنسيق النقابي في القطاع بين الجامعة الوطنية لعمال الطاقة والجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، اللتين اعتبرتا المشروع "هجمة شرسة ممنهجة توجه ضد قطاعين اجتماعيين حيويين كانا دائما صمام أمان للفئات الشعبية وحرزا لها من تغول وجشع القطاع الخاص". ويتشبث العاملون بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالمكتب كمؤسسة عمومية يحق له احتواء هذه الشركات وإعطاءها صلاحيات موسعة تحت وصايته ولوائه، مطالبين ب"وقف هرولة الدولة نحو تسليع الماء كمادة حيوية وإيقاف دعمه، الشيء الذي سيكتوي به عموم الشعب المغربي على غرار ما يقع اليوم في قطاع المحروقات". عبد العزيز العشير، النائب الأول للكاتب العام للجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، قال إن "عمومية القطاع خط أحمر، والمكتسبات لا يجب أن تمس"، مؤكدا أن "الحركة الاحتجاجية عنصر قادم، لكن إلى حدود الساعة لم يتم تحديد التوقيت ونوع الأشكال". وأضاف العشير، في تصريح لهسبريس، أن النقابات تتواصل مع الفرق النيابية من أجل التصدي لمشروع القانون، مؤكدا "إعداد بديل عما أصدرته الحكومة"، متأسفا لغياب الحوار مع المستخدمين بالمكتب وتغول الداخلية التي تريد ضرب القطاع. وتفاعلت الحكومة، على لسان الناطق الرسمي باسمها مصطفى بايتاس، مع النقاش العمومي الجاري بشأن "مشروع قانون" صادقت عليه في مجلس حكومي سابقٍ، انعقد أواخر شهر يناير الماضي، يقضي ب"إحداث شركات جهوية متعددة الخدمات، سيُعهد إليها بتدبير خدمات توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، والإنارة العمومية عند الاقتضاء". وطمأن الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن الأخيرة "لن تتجه إلى الزيادة في أسعار الكهرباء باعتبارها مادة حيوية نعترف جميعا بأهميتها وتأثيرها على القدرات الشرائية للمواطنين"، وزاد موضحا: "العبث والفوضى في قطاع توزيع وتدبير الكهرباء والماء يجب تقنينها. وليس هناك أيُّ تعدٍّ على اختصاصات الجماعات الترابية التي ستكون ممثَّلة ضمن مجلس إدارة هذه الشركات الجهوية".