أقدم المغرب مؤخرا على رفع جميع التحفظات على أشكال التمييز ضد المرأة مما يعني أنه ليس هناك مانع يمنعها من ولوج الوظائف الإدارية أو القضائية إلا عنصر الكفاءة والشروط الواجب توفرها في كل مرشح لهذه الوظيفة أو تلك . "" ويسجل للمغرب أنه من بين البلدان الإسلامية السباقة إلى فتح المجال للعنصر النسوي للإنخراط في سلك القضاء وتولي مسؤوليات جسام في هذا المرفق ، حيث أثبتت كفاءتها العالية في هذا الميدان . وخطة العدالة هي مهنة من المهن المساعدة للقضاء بل هي من الركائز الأساسية في هذا المرفق . وهي مهنة مفتوحة في وجه الرجال دون الإناث ، وذلك راجع إلى تأويل لبعض الآيات القرآنية منها قوله تعالى (واستشهدوا شهيدين من رجالكم)وهما في الأصل من عامة الناس اللذين تتوفر فيهم شروط الشهادة وليس المقصود بذلك نظام العدول المعمول به حاليا بالمغرب. وكذلك للقراءة الرجولية للفقه الإسلامي ، ذلك أن الشهادة العدلية والتي هي العمل الجوهري للعدول تنقسم إلى توثيق وفي بعض الأحيان إلى شهادة . كما تنقسم من حيث تقنيات صياغتها إلى تحمل ، وأداء أمام القاضي المكلف بالتوثيق الذي يظفي عليها الصبغةالرسمية . فحين يقتصر الأمر على التوثيق كما هو حال الزواج (الفصل65 من المدونة الفقرة السادسةحيث جاء فيه :يأذن هذا الأخير) القاضي المكلف بالزواج ) للعدلين بتوثيق عقد الزواج ) فليس هناك مانع يمنع المرأة من القيام بذلك. أما عندما يكون الإشهاد هو المقصود فيمكن للمرأة أن تقوم بذلك بالإستعانة بالشاهدين المسلمين على غرار زواج المغاربة المقيمين بالخارج وعلى غرار أختها الموثقة. ويسعفنا في هذا التوجه ما شهدته مصرا مأخرامن تعيين أمل سليمان عفيفي كمأذونة شرعية (التي تعادل مهنة العدول عندنا). فإذا كان المغرب كما قلنا سلفا سبق مصرفي تعيين المرأة كقاضية ( إذ أن أول قاضية في مصر عينت سنة 2003).فما المانع من فتح المجال لها كعدلة وخاصة أنه ليس في القانون 03.16 المنظم لخطة العدالة ما يستوجب الذكورة بحيث نص الفصل الرابع منه على أنه: يشترط في المرشح لممارسة خطة العدالة : 1/أن يكون مسلما مغربيا .... إذن لاأثر للذكورة في شروط الولوج إلى خطة العدالة . بل إن تصفح القوانين المنظمة للمهن القريبة لهذه المهنة كالمحامين أو الموثقين أو المفوضين القضائيين أو النساخ أو التراجمة كلها صيغت بهذه الصياغة وفي نفس الوقت منحت الحق للمرأة للإنخراط فيها . ولأجل توضيح الأمر أكثر نورد بعضا من هذه النصوص . أولا: قانون المحاماةرقم 08.28الصادربالجريدة الرسمية عدد5680بتاريخ2008.11.06 ينص في مادته الخامسة على أنه: يشترط في المترشح : 1/أن يكون مغربيا.... 2/أن يكون بالغا من العمر واحدا وعشرين سنة ومتمتعا بحقوقه الوطنية... ثانيا:قانون الموثقين ظهير 1925.05.04 والصادر بالجريدة الرسمية عدد 661بتاريخ 1925.06.23ينص في فصله السابع على أنه : تشترط الأمور الآتي بيانها على كل من أراد الحصول على وظيفة موثق وهي : 1/: أن يكون فرنسيا. 2/ أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية ...... بل إن مشروع قانون رقم 03/82المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق (العصري ) ينص في مادته الثالثة على أنه: يشترط في المترشح لمهنة التوثيق أن يكون : 1/مغربيا مع مراعاة قيود الأهلية المشار إليها في قانون الجنسية المغربية (وهو شرط ملغى في بعض بنوده). 2/بالغا من العمر خمسا وعشرين سنة ميلادية كاملة... ثالثا : القانون رقم 03.81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين الصادر بالجريدة الرسمية عدد5400 بتاريخ 2006.03.02 ينص في مادته الرابعة على أنه: يشترط في المرشح لمزاولة مهنة مفوض قضائي : 1/أن يكون من جنسية مغربية 2/أن يبلغ من العمر 25سنة كاملة ... رابعا/ القانون رقم 49.00 المنظم لمهنة النساخة والصادر بالجريدة الرسمية عدد5030 بتاريخ 2002.08.15 ينص في مادته الثالثة على أنه: يشترط في المترشح لمهنة النساخة أن يكون : 1/مسلما مغربيا، مع مراعاة قيود الأهلية المشارإليها في القانون الجنسية المغربية. 2/بالغا من العمر عشرين سنة ميلادية كاملة على الأقل... خامسا/القانون رقم 45.00 الصادر بالجريدة الرسمية عدد4918 بتاريخ 2001.07.19ينص في فصله الثالث على أنه: يشترط في كل مترشح للتسجيل في جداول الخبراء الإستجابة للشروط الآتية : 1/أن يكون المترشح مغربيا ... 2/أن لايقل عمره عن ثلاثين سنة ميلادية كاملة .... إذن من الملاحظ أن هذه القوانين كلها تتشابه في شروط الإنخراط مع قانون مهنة العدالة وليس فيها شرط الأنوثة، بل كلها جاءت بصيغة المذكر، ومع ذلك فيمكن عمليا أن يلجهاالذكور والإناث على حد سواء :(الموثقة ، المحامية ، المفوضة القضائية، الناسخة ، الخبيرة ، المترجمة...). إلا مهنة العدالة فهي الاستثناء الشاذ من جميع هذه القوانين ،وهو عرف وليس بقانون، وبالتالي ينبغي فسح المجال للعنصر النسوي للولوج إلى هذه المهنة وتحقيق المساواة بينها وبين أختها في مهنة التوثيق ( العصري) ،وذلك تحقيقا للعدالة ورفعا للحرج . وهنا أدعو جميع النساء اللائي تتوفر فيهن شروط الإنخراط وبالأخص المعفيات من شرط المباراة أن يتقدمن إلى المصالح المعنية لوزارة العدل قصد تعيينهن في هذه المهنة المساعدة للقضاء المغربي.