"دورة كأس العالم 2022 كانت حدثا رياضيا استثنائياً بكل المقاييس، استدعى مواكبة إعلامية تليق بمستوى هذا المحفل الكروي الكبير في ظل ارتفاع الطلب بشكل ملحوظ على المادة الإعلامية الرياضية"؛ كانت هذه واحدة من أبرز خلاصات ندوة نظمها، مساء الخميس خامس يناير 2023، "المنتدى المغربي للصحافيين الشباب"، بشراكة مع "تكوين الدكتوراه في الصحافة والإعلام الحديث" بجامعة ابن طفيل-القنيطرة. الندوة التي أطرها باحثون أكاديميون وصحافيون مغاربة واكبوا الحدث العالمي بدولة قطر على امتداد شهر كامل، سجلت، انطلاقا من أرضيتها، أنها تهدف إلى "تتبع الأداء المهني للإعلام الرياضي المغربي، والتحديات التي واجهت تغطية المونديال، والآفاق الممكنة لتجويد عمل الإعلام الرياضي المغربي مستفيدا من هذه التجربة الغنية". ولفتت إلى أنه "مع توالي المباريات والنتائج الإيجابية للفريق الوطني، تضاعَف الطلب على الخبر وتضاعفت معه الحاجة إلى إعلام مهني قوي قادر على رفع التحدي، ومواكبة هذا الإنجاز وتزويد الجمهور بآخر المستجدات المتعلقة بالجاهزية، الإصابات، التداريب أو التشكيل المحتمل، وغيرها من المعلومات التي تهم الجمهور الواسع". وخلصت إلى أن "الإعلام المغربي صار مطالَباً بأن يستثمر هذا الإنجاز أثناء وبعد نهاية البطولة، من أجل التسويق لصورة المغرب وللرياضة الوطنية إقليميا، قاريا ودوليا"، مضيفة أن "نسخة قطر تعدّ نسخة تاريخية بالنسبة للصحافيين المغاربة، كما للفريق الوطني؛ باعتبار أن الإعلام الرياضي المغربي لم يسبق أن عاش إنجازا بهذا الحجم". منصف اليازغي، الإعلامي والباحث في السياسات الرياضية، شدد في مداخلة له حول "أساسيات العمل الصحافي في التظاهرات الدولية" على أهمية "إجراء تقييم تجربة الوفد الإعلامي المغربي الذي حضر لتغطية المونديال، ليس من أجل الانتقاد أو الضرب في أداء الزملاء الإعلاميين، بقدر ما يكون الهدف هو البحث عن تجويد الممارسة في التظاهرات المقبلة"، لافتا إلى أن "فترة ما بعد نهاية المونديال تظل جد مهمة، ويجب أن ننظر إلى التغطية الإعلامية بمنظور آخر استعدادا لدورة 2026 أو ما يسبقها (أولمبياد باريس وكأس إفريقيا للأمم)". وتحدث اليازغي بإسهاب عن "أساسيات" قال إنها "أساسية لكل صحافي قبل شد الرحال إلى الدولة المحتضنة للحدث الرياضي"، مضيفا أن "الإعداد القبلي والاطلاع المسبق على ثقافة وعادات البلد يسهلان الاندماج وعيش تجربة فريدة دون أي مشاكل". وأشار الباحث في السياسات الرياضية، في معرض حديثه، إلى أهمية "الاطلاع على طبيعة المنافسة وقوانينها وشروطها حتى لا يكون حضور الصحافي ربما مجانباً لما هو معتمد خلال الدورة". وسجل ب"أسف" ما اعتاد عليه الإعلام الرياضي المغربي من كونه يظل دائما "حبيس تغطية فعاليات ومشاركة المنتخب المغربي (إذ يرحل برحيله)، بقدر ما يتوجب عليه توسيع دائرة اهتمامه لتشمل مجريات الحدث الرياضي بأكمله؛ بما يتضمن تغطية ومواكبة أخبار ومستجدات الوفود الأخرى المشاركة لأن الجمهور المغربي يكون متعطشاً لذلك". "بعد نهاية المونديال نرجو من الصحافيين المغاربة، الذين بذلوا مجهودات مُقدَّرة أثناء تغطية مونديال قطر، أن يقوموا بتوثيق وتدوين ملاحظاتهم والمشاهد التي عاشوها، وإطلاع الجمهور المغربي على خفايا وكواليس بعيدة عن أجواء المباريات والندوات الصحافية بالنظر إلى كونها دورة تاريخية واستثنائية"، يخلص المتحدث ذاته. من جهته، نوّه رشيد جامي، رئيس قطاع الرياضة بالإذاعة الوطنية المغربية، ب"التواجد الإعلامي المغربي والحضور المتميز بمونديال قطر 2022 مقارنة بالدورات السابقة"، مشيرا إلى أنه "من صحافي واحد في مونديال مكسيكو 1986′′ تم الانتقال إلى أكثر من 70 صحافيا وممثلا لمختلف وسائل الإعلام باختلاف تخصصاتهم المهنية". ولفت المسؤول الإعلامي ذاته إلى "تميّز التغطية بالنظر إلى مستوى وقيمة إنجاز "أسود الأطلس"، الذين قدّموا صورة أبهرت الرياضيين كما الإعلاميين عندما بلغوا المربع الذهبي"، قبل أن يضيف "صحيح أن التغطية كانت تنقصها بعض العوامل، التي تنحو بها نحو الاحترافية والمهنية والموضوعية، ولكن المغرب يراكم تجارب مهمة في الإعلام الرياضي". وخلص إلى أن "تغطية مونديال قطر تمثل بداية واعدة للصحافيين الشباب الذين يعوّل عليهم، كما أن الأمل معقود عليهم للاستمرار في هذا الاتجاه لبلوغ إعلام رياضي مغربي مسؤول وهادف"، خاتما بضرورة "أخذ العبر والدروس من مفاهيم راجت بقوة ك"النية" وروح التعاون، فضلا عن حضور مميز للعائلة في النجاحات". وفي مداخلة بعنوان "الإعلام العمومي ومواكبة الإنجاز المغربي في كأس العالم"، تساءل حسام الكاوزي، صحافي مهتم بالشأن الرياضي وباحث في سلك الدكتوراه بجامعة ابن طفيل، "هل يمكن الحديث عن تغطية إعلامية ناجحة لحدث كبير من حجم كأس العالم دون حقوق البث التلفزيوني؟". وسجل الكاوزي أن مونديال 2022 بصم على "انهيار الحد الفاصل بين الإعلام العام الإخباري والإعلام المتخصص في الرياضة، لاسيما كرة القدم"، مقدّما أمثلة على "تداخل الجانب المهني في تغطية الحدث مع الشق العاطفي الذي ألهب حماس الصحافيين بحكم قربهم ومعاينتهم لإنجاز تاريخي بصم عليه رفاق ياسين بونو". وختم الباحث ذاته قائلا إن "الإعلام العمومي المغربي بذل مجهودا كبيرا على العموم. ربما لم يكن مستعدا لتغطية من هذا الحجم، ولكنها تجربة تبقى مهمة وأساسية لبناء مرحلة جديدة من المهنية والتميز في تبليغ الرسالة الإعلامية بكل أبعادها".