تعد الزربية الواوزكيتية من أشهر الزرابي في العالم وأجودها، ومن أعرق الصناعات التقليدية في المغرب بصفة خاصة، وتتميز بها قبائل آيت واوزكيت (نقطة التقاء سلاسل جبال الأطلس الثلاث)، التي تعتبر واحدة من اتحادية القبائل الأمازيغية بالمغرب، وفق تصريحات متطابقة لعدد من المهتمين بتاريخ هذه الزربية التراثية. جريدة هسبريس الإلكترونية قامت بزيارة مجموعة من ورشات صناعة النسيج بمنطقة تازناخت الكبرى (إقليمورزازات)؛ بهدف التعرف على تاريخ هذه الزربية وأهم العوامل التي ساهمت في ترسيخها في قبائل آيت واوزكيت دون غيرها، وتتبع مختلف مراحل وطرق إنجازها واكتشاف ما تتمتع به من أشكال وزخرفات فنية ومميزات تقنية وأبعاد جمالية جعلتها منسوجا فريدا من نوعه يجمع بين روح الأصالة والهوية ومتطلبات المعاصرة والحداثة. حسب الإحصائيات التي وفرتها مصادر رسمية بوزارة الصناعة والتجارة، فإن عدد النساجات بمنطقة تازناخت الكبرى يبلغ عددهم 22 ألف نساجة، يساهمن في صناعة الزربية، عبر مجموعة من المراحل التي تمر منها، إلى حين تقديمها للبيع؛ وهي صناعة يتم توارثها من طرف نساء قبائل آيت واوزكيت أما عن جدة. منطقة تازناخت الكبرى، التي تضم خمس جماعات ترابية، معروفة بهذه الصناعة التقليدية الضاربة في التاريخ، وهي الزربية الواوزكيتية التي أصبحت علامة مميزة للمنطقة والمغرب بشكل عام ضاربة في التاريخ، وتختزل هذه الزربية بمختلف أنواعها عبقرية الإبداع الذي تتميز به المرأة الواوزكيتية. النساجات في منطقة تازناخت الكبرى يجتمعن في مركز مجمع الصناعة التقليدية وفي مجموعة ذات النفع الاقتصادي، يشتغلن في صناعة الزربية ويعرضن منتوجاتهن للبيع للزوار المغاربة والأجانب، وهي مناسبة لاسترجاع ذكريات عزيزة على قلوبهن ذات الارتباط بالنسيج. مراحل صنع الزربية كشفت نساء نساجات التقت بهن جريدة هسبريس الإلكترونية مجموعة من المراحل التي تمر منها الزربية؛ بدءا من جز صوف الغنم، وتنظيف الصوف وغسله وتنقيته من مختلف الشوائب، وهي مراحل كثيرة تمر منها الزربية بصفة عامة وخاصة الواوزكيتية. وفي هذا الإطار، قالت لطيفة الداودي، رئيسة مجموعة ذات النفع الاقتصادي تكضيفت تازناخت، (نساجة)، إن الزربية الواوزكيتية معروفة على الصعيدين الوطني والدولي أيضا، لكونها تتميز بجودة عالية وجمالية لافتة، سواء من حيث الألوان والصوف والصباغة الطبيعية التي يتم استعمالها في صناعتها. وأوضحت الداودي، في تصريح لهسبريس، أن الصوف الذي تصنع به الزربية الواوزكيتية هو صوف جبال سيروا الذي يعتبر من بين أجود الصوف في المغرب، وكذا الصباغة الطبيعية التي تتكون من مجموعة الأعشاب المحلية التي تستعمل في الصباغة. وأضافت المتحدث ذاتها أن صناعة الزربية تمر بمراحل عديدة، مشيرة إلى أنه بعد جز الصوف من الغنم يتم غسلها بطريقة تقليدية، وغزلها وقرشلتها، وبعدها يتم تحويلها إلى الصباغة، ثم إلى مرحلة الصنع. وأفادت رئيسة مجموعة ذات النفع الاقتصادي تكضيفت تازناخت: "في منطقة تازناخت الكبرى، لدينا 7 أنواع من الزرابي؛ وهي الزربية الواوزكيتية العقدة، وأخنيف، الكلاوية، الزنيفي، وخريطة بجهتين، وغيرها من الزرابي". دلالات الأشكال والرموز عبد الرحمان جناح، باحث مهتم في مجال الزربية الواوزكيتية، قال إن "قبائل آيت واوزكيت تبدأ من جبال توبقال إلى تخوم إقليم زاكورة، وتضم أكثر من 39 قبيلة، وبها أكثر من 64 ألف نساجة متخصصة في الزربية الواوزكيتية"، مشيرا إلى أن منطقة تازناخت الكبرى التي تضم خمس جماعات ترابية بها أكثر من 22 ألف نساجة. وأضاف جناح، في تصريح لهسبريس، أن منطقة تازناخت الكبرى تعتبر أكبر حي من حيث النساجات في إفريقيا، وتتميز بالموروث الطبيعي (صوف سيروا) الذي يتم جزه من الخرفان الصغيرة، مشيرا إلى أن بعض الخبراء يؤكدون أن كيلوغراما واحدا من صوف سيروا يعطي كيلومترا من الصوف. وأفاد الباحث في مجال الزربية الواوزكيتية بأن هذه الزربية بدأت منذ بداية الإنسان الواوزكيتي الذي يقوم بها النسيج، حيث بدأ من "الأحذية والسلهام"، مشيرا إلى أن الزربية الواوزكيتية كانت لا تباع ولا تشترى، وفي عهد الموحدين يقومون باستعمالها، وبعدهم جاء المعمرون الذين قاموا بتصنيفها إلى أنواع عديدة وإطلاق عليها مجموعة من الأسماء. وقال جناح إن هذه الزربية ليست فقط للاستعمال المنزلي، بل هي كتاب يضم تاريخ المنطقة، من خلال الرموز التي تتشكل منها؛ مثلا الجمل "يجسد صبر المرأة الواوزكيتية في جميع المجالات"، والخلالة هي رمز "الأمازيغ بشمال إفريقيا"، وكذا شجرة الحياة المعروفة بجميع الديانات، والحروزة، والسلحفاة رمز "الفحولة". وأكد المتحدث ذاته أن هناك مجموعة من الرموز لها معان ودلالات كبيرة في حياة النساجات وخاصة قبائل آيت واوزكيت، مشيرة إلى أن بعض الرموز التي تصنعها النساجات تبين أن النساجة كانت في حالة طبيعية أو في حالة غضب، حيث تقوم بالتعبير من خلال هذه الرموز على محيطها البيئي والاجتماعي وحتى الاقتصادي. زربية محلية تلامس العالمية أكدت عدد من النساجات بمنطقة تازناخت الكبرى أن الزربية الواوزكيتية لم تعد تباع فقط على المستويين المحلي أو الوطني، بل أصبحت مشهورة ومعروفة عالميا. وفي هذا السياق، أكدت هؤلاء النساجات أن تلك الشهرة تعود إلى مجهودهن وإلى الوقوف المستمر لعبد الرزاق المنصوري، عامل إقليمورزازات، الذي أعطى دفعة قوية وكبيرة لهذا القطاع منذ أن عينه الملك محمد السادس على رأس هذا الإقليم، وفق تعبيرهن. وأفادت النسوة العاملات في مجال نسيج الزربية الواوزكيتية بأن هذا النوع من النسيج اليدوي مرتبط بالموروث الثقافي والشعبي لقبائل آيت واوزكيت، مشيرات إلى أن رموز وزخارف الزربية الواوزكيتية لها دلالات ومعان ترتبط بحياة أبناء هذه القبائل مترامية الأطراف. وعرفت الزربية الواوزكيتية شهرة عالمية، لجودتها والزخارف والرموز التي تتشكل منها هذه الزربية الضاربة في التاريخ؛ وهو ما جعل الكثير من الباحثين والمهتمين يعتبرونها بمثابة كتاب يخزن تاريخا عريقا لقبائل أيت واوزكيت وإقليمورزازات والنواحي بشكل عام.