لم أستوعب بعد مدى الإصرار الأوروبي "الغريب" على إقحام موضوع "الشذوذ الجنسي"، أو ما بات يسمى "المثلية الجنسية"، في منافسات كأس العالم المقامة حاليا في قطر، سواء من لدن اللاعبين أو المسؤولين الأوروبيين. وتساءلت وأنا أطالع أخبار شكاوى عديدين من منع الاتحاد الدولي لكرة القدم ارتداء شارات أو قمصان بألوان "المثلية"، ألوان قوس قزح، عن الأهداف الحقيقية لهؤلاء مِن تعمد وضع العصا في العجلة (العصا في الرويضة) كما يقال. هل السبب هو أن دولة عربية استطاعت تنظيم كأس العالم بشكل أبهر كثيرين ربما فاق تنظيم بلدان غربية لها باع في هذا المجال؟ هل السبب هو تجذر الشعور الاستعماري في ذهنية نخبة وزعماء عدد من الدول الأوروبية، وهو الشعور بالتفوق والاستعلاء على "الدول المتخلفة" و"الدول العربية"؟ وهل أوروبا لا تزال ترى المنطقة العربية مجرد "تابعة لها" حتى في لعبة "الجلدة"؟ هل السبب هو بالفعل دفاع أوروبا عن حقوق "الأقليات الجنسية" وعن شارة "حب واحد"؟ وهي التعبيرات "الجميلة" التي تحاول تغطية الشمس بالغربال وتروم التخفيف من "الحمولة القدحية" لظاهرة الشذوذ الجنسي عند العديد من المسلمين والعرب، تماما مثل تسمية الخمور بالمشروبات الروحية وغيرها من المصطلحات. قد يقول قائل: "لا مشاحة في المصطلح"، فمثلي الجنس هو الشاذ جنسيا، والخمر في نهاية المطاف "مشروب روحي"، لكن الواقع ومنطق الأشياء يقولان أمرا آخر، فالشذوذ شذوذ والخمر خمر. والفطرة البشرية حسب فهمي البسيط تقود إلى ممارسة الجنس بين رجل وامرأة، وليس بين رجل ورجل مثله، أو امرأة وامرأة مثلها (السحاق)، كما أن الفطرة السوية تأبى هذا الشذوذ إلا إذا كان الأمر يتعلق باضطراب نفسي أو ما شابه ذلك. الإشكال أن البعض بل صار هذا البعض كثرة يرغبون في إقناع غيرهم بأن الشذوذ الجنسي، أو "المثلية الجنسية"، سلوك طبيعي وفطري عند الإنسان، وأنها ليست مرضا عضويا ولا اضطرابا نفسيا، وإنما هي اختيار شخصي وسلوكي لأن الحمض النووي للإنسان يتدفق منذ البدء مع هذه "المثلية الجنسية"؛ ولعمري هذا خطاب خطير تروجه العديد من المنظمات والأفراد من أجل تسويغ هذه الظاهرة وترويجها على أوسع نطاق في العالم. هنا تحديدا، بالتأمل في هذا المعطى وما يروج بخصوص هذه الظاهرة، ربما يمكن فهم الحملة، بل الجلبة التي حصلت قبل وأثناء وحتى ربما بعد "المونديال" بشأن الاحتجاج على منع ارتداء كل ما يمت بصلة إلى المثلية الجنسية، إلى حد إصرار وزير الرياضة البريطاني، ستوارت أندرو، على ارتداء شارة المثلية، وارتداء وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر شارة "حب واحد"، بتعبيرهم. ويحق لكل ذي عقل لبيب أن يسأل ما علاقة كرة القدم بالمثلية الجنسية؟ ثم ما الذي يمنع مثلي الجنس أن يحضر إلى الملعب ليشاهد مباراة كرة القدم في كأس العالم دون ضرورة الإعلان عن نفسه ودون إشهار شارات أو حمل شعارات أو ألوان تدل على تصنيفه الجنسي؟ ألم يكن هذا ممكنا ومتاحا؟ لا أعتقد أن الجماهير تستمتع بالتفتيش عن "مؤخرات المثليين" ليعلموا من هو الشاذ جنسيا من غيره، لينقضوا عليه انقضاضا، إنما في الأمر متسع.. الجميع بشر. .مثلي جنسي أو سوي الفطرة الجنسية.. لكن المرفوض برأيي هو هذا الاستفزاز برفع الأعلام والشارات والألوان في محفل رياضي وكروي عالمي لا علاقة له بموضوع "الأقليات الجنسية" وكل هذه "المصطلحات الكبيرة". الله يلطف بنا.. هذه الخلاصة.