مع اقتراب المواعيد السنوية لنقاش مقررات أممية تتعلق بحقوق الإنسان، مازالت ديناميات حقوقية من مختلف الفئات المهنية تتشبث بآمال عريضة في أن يصادق المغرب على قرار "وقف تنفيذ عقوبة الإعدام" المرتقب مناقشته والتصويت عليه خلال دجنبر 2022 في نيويورك، ضمن أشغال اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة. التعبير عن هذا المطلب تم تجديد تأكيده خلال لقاء عقده "الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام"، و"شبكة البرلمانيات والبرلمانيين ضد عقوبة الإعدام"، بتنسيق مع شبكة المحاميات والمحامين، وشبكة الصحافيات والصحافيين، وشبكة نساء ورجال التربية والتعليم، وشبكة المقاولات والمقاولين ضد الإعدام، اليوم الأربعاء بالرباط، قصد تقديم مخرجات وخلاصات مشاركتها في المؤتمر العالمي الثامن للائتلاف الدولي ضد عقوبة الإعدام، الذي عقد في برلين منتصف نونبر من طرف المنظمة الدولية غير الحكومية "جميعا ضد عقوبة الإعدام". وكان الوفد المغربي ممثلا بحوالي 50 عضوا يمثلون هيئات وفعاليات حقوقية مختلفة بالمغرب، أغلبها مدنية، بالإضافة إلى ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، شاركوا ضمن فعاليات المؤتمر بالعاصمة الألمانية، من خلال لقاءات وموائد مستديرة، فضلا عن فعاليات مجتمعية تحكي قصص أشخاص محكوم عليهم بالإعدام من مختلف دول العالم. النقيب والحقوقي عبد الرحيم الجامعي، رئيس الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، أكد أن "الترافع من أجل هذا المطلب العادل يستند إلى مقتضى دستوري واضح من خلال الفصلين 20 و21 اللذين ينصان بصريح العبارة على الحق في الحياة والسلامة الشخصية"، مضيفا في كلمته أنه "منبهر جدا بالمجهود الشبابي والوعي الذي ينمو بين فئات مجتمعية كثيرة أصبحت تتخذ موقفا مناصراً لإلغاء الإعدام بالمغرب". كما لم يُخف الجامعي أسفه بشأن "الامتناع الأخير للمغرب عن التصويت على قرار أممي يخص إيقاف تنفيذ الإعدامات عبر العالم"، قبل أن يستدرك بأن "باب الأمل يظل مُشرَعاً لتدارك الأمر في مقبل دورات مجلس حقوق الإنسان والاستعراض الدوري الشامل؛ لاسيما مع ضغط ترافعي من داخل البرلمان في عهد وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي، الذي ينتصر شخصيا لمطلب الإلغاء". من جانبها، أوردت نزهة الصقلي، منسقة شبكة البرلمانيات والبرلمانيين المغاربة ضد عقوبة الإعدام، في تصريح لهسبريس، أنه منذ إنشائها في 2013 لم يتوقف عدد نواب الأمة الداعمين لمطلب إلغاء العقوبة يتزايد، جامعاً شمل 6 فرق برلمانية تنتمي إلى أطياف سياسية مختلفة، منوهة ب"انضمام ديناميات متعددة الأصعدة والواجهات في مختلف القطاعات والفئات السوسيومهنية، والشروع في إعادة إحياء مقترح قانون يتعلق بالموضوع سبق التقدم به قبل سنوات". وجددت الصقلي، في تصريح لهسبريس، إشادة الحركة الحقوقية المغربية ب"عدم تنفيذ المملكة عقوبة الإعدام منذ 30 سنة"، لافتة إلى أن "ما ينقصنا هي الإرادة السياسية لترجمة هذا التصرف الإيجابي للمملكة في حقوق الإنسان إلى قوانين وقرارات فعلية تحذف العقوبة غير الإنسانية التي لا تشكل منفعة عقابية ولا فعالية ضد الجريمة". بينما أكدت المحامية لبنى الصغيري، نائبة عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن "الحكم بالإعدام يبقى أكثر كلفة مقارنة مع مصاريف الحبس والاعتقال، إلى جانب أنه غالبا ما يستهدف الفقراء والأقليات الذين لا يملكون قدرة الدفاع عن أنفسهم ويساهم في ازدياد عدد الضحايا، كما يساهم في إذكاء مشاعر الثأر والانتقام لدى هذه العائلات عوض تمكينها من الدعم المادي والمواكبة النفسية والاجتماعية لهم". وأشارت البرلمانية ذاتها إلى أن "الحركية التي شهدها المغرب قصد انتزاع إلغاء هذه العقوبة تظل مشروعة، بالنظر إلى اعتبارات دستورية تُعلي من الحق في الحياة وتنتصر للإنسان، فضلا عن اتفاقيات ونصوص دولية صادقت عليها المملكة"؛ وخلصت إلى أن "المؤتمر الدولي الثامن لإلغاء عقوبة الإعدام المنعقد مؤخرا أخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن هذه الشريحة من المجتمع، التي كانت إلى عهد قريب مُغيَّبة في ظلمات السجون". يشار إلى أن المؤتمر المذكور جمع بأشغاله 1000 مشارك من 90 دولة، ضمنهم حوالي 30 وزيرا وشخصية عامة و200 دبلوماسي و700 من ممثلي الجمعيات المدنية؛ في حين حضرت نخبة من البرلمانيين وخبراء القانون الجنائي من دول غير مُلغية لعقوبة الإعدام.