تشديد على أهمية حضور مطلب الدفاع عن الحق في الحياة بإلغاء عقوبة الإعدام في الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية، والتزامات الساعين إلى الوصول إلى البرلمان، عرفته ندوة صحافية للائتلاف المغربي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام. واستقبلت هذه الندوة الصحافية التي بُثَّت رقميا، اليوم الثلاثاء، مؤسسة إدريس بنزكري لحقوق الإنسان والديمقراطية بالرباط، وحضر فيها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئات مغربية مناهضة للإعدام يمثلها برلمانيون وحقوقيون وصحافيون. وقال عبد الرحيم الجامعي، رئيس الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، إن المناهضين لعقوبة الإعدام بين صفوف البرلمانيين من كل الأحزاب "يمكن أن يصنعوا تاريخ الإلغاء النهائي"، إذا توفرت "الجرأة السياسية المطلوبة". وذكر المحامي والحقوقي المغربي أن المناهضين للإعدام ينتظرون، ابتداء من افتتاح الدورة البرلمانية، "التصدي لما يعرقل هدف الإلغاء"، واستحضار توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، والدفاع عنها وتفعيلها، ومن بينها توصية إلغاء عقوبة الإعدام، واستحضار مضامين تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان لسنة 2014، وخلاصات ثلاثة منتديات رفيعة من مجلس حقوق الإنسان، من أجل إلغاء الإعدام الذي وصفه ب"المهمة السياسية والتاريخية"؛ حتى "ننتصر كمجتمع على آفة التردد". وأكد الفاعل الحقوقي ذاته أن إلغاء عقوبة الإعدام أولوية و"ليست ترفا بل هي من صلب حقوق الإنسان"، وتتطلب الترافع ووضع البرلمانيين أمام مسؤولياتهم الأخلاقية والمجتمعية من أجل الملاءمة بين المنظومة الجنائية والدستور. ونبه الجامعي أيضا، في توصيات ائتلاف إلغاء الإعدام التي تلاها، إلى ضرورة "اختيار موقف المصارحة مع الرأي العام، بالموقف المناهض للإعدام"، والحاجة إلى بلورته "داخل البرامج المعروضة على الرأي العام"، مع "الالتزام بالدفاع عن اختيار الإلغاء، دون غموض أو حسابات أو لغة خشب". كما نبه رئيس الائتلاف إلى محورية انتباه البرلمانيين ل"المناورات التي يستعملها بعض المناصرين للإعدام للإبقاء على عقوبة الإعدام تحت ستار إعداد البنود الجديدة"؛ لأن هذا الصف "يريد إبقاء الانتظار الذي قد يطول دون نهاية". وفي كلمة ألقيت باسم آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قالت إن إلغاء عقوبة الإعدام "معركة لحقوق الإنسان" يجب "الانخراط بحزم فيها". واعتبرت المشاركة في هذه الندوة الصحافية بكلمتها الملقاة بالنيابة "إسهاما في الحوار لتجاوز موقف الانتظار والترقب الحالي". وذكرت بوعياش بتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، "بشكل منهجي في جميع تقاريره وبياناته وتصريحاته، بإلغاء عقوبة الإعدام كحق أساسي من حقوق الإنسان"، نافية عن هذه العقوبة القدرة على "ردع الجرائم الخطيرة"، قبل أن تسجل أن هذا المطلب "دعوة لترسيخ الخيارات الديمقراطية للمملكة" بالدعوة إلى التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني، بعدما قدمت توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة إلى الملك محمد السادس، وتضمنت التوصية بالتصويت على بروتوكول إلغاء عقوبة الإعدام. ووصفت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الإعدام بكونه "عقوبة جائرة، يجب تعزيز الجهود لتلغيها بلادنا"، قبل أن تجدد تأكيدها على "موقف المجلس الثابت بضرورة الإلغاء النهائي لهذه العقوبة المشينة، تطابقا مع الخيار الديمقراطي ودستور المملكة"، ومواصلة الترافع الحقوقي مع باقي الهيئات الوطنية من أجل هذا المطلب. من جهتها، وصفت نزهة الصقلي، منسقة شبكة البرلمانيات والبرلمانيين ضد عقوبة الإعدام، مطلب إلغاء هذه العقوبة بكونه "قضية مجتمعية، إنسانية"، في "وقت خاص هو الانتخابات". ورأت الوزير السابقة أن للترافع حول الحق في الحياة "دورا مهما في إعادة الثقة وتوسيع ثقة المواطنين"، ب"وضع حقوق الإنسان في شمولها وكونيتها في صلب اهتماماتنا وعملنا"؛ وهو ما يتطلب "تكثيفا في عمل المرشحين والمرشحات، خاصة الأحزاب المتشبعة بثقافة حقوق الإنسان والحق في الحياة". وتابعت الصقلي: "الدستور نتيجة تضحية أجيال من المناضلين، وهو جد متقدم، ويشكل ميثاقا للحريات"، بالتالي يجب ملاءمة العقوبات مع سقفه وإلغاء الإعدام الذي "ليس له تأثير في الوقاية من الجريمة، ويغتصب كل حقوق الإنسان الأخرى"، واصفة الإلغاء بكونه "التزاما دستوريا ملزما لكافة المتدخلين المؤسساتيين دون استثناء". وفي مغربٍ لم تنفذ فيه عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، ذكرت منسقة شبكة البرلمانيات والبرلمانيين ضد عقوبة الإعدام أن الهيئات المناهضة لها لم تنجح بعد في دفع البلاد إلى المصادقة على القرار الأممي لإلغاء عقوبة الإعدام، وواصلت: "غير مفهوم نهائيا استمرار عدم مصادقة المغرب على هذا القرار"، واستمرار حكم المحاكم بالإعدام، "رغم كل هذه الحركة المجتمعية التي تؤدي إلى تعبئة، وأثر داخل المجتمع"، علما أن دراسة أجريت مؤخرا "أثبتت أن 40 في المائة من المغاربة ضد عقوبة الإعدام". وأبرزت الصقلي، في تدخلها، "دور العفو الملكي باستمرار في التخفيف من الأحكام بالإعدام"، وزادت داعية إلى استخلاص دروس هذا التوجه، علما أنه توجد حركة لمناهضة الإعدام من داخل البرلمان ومجموعة من الأحزاب، وموقف من جل وزراء العدل في المغرب، لقول: "لنا كل المؤهلات لنخطو هذه الخطوة"، ولو "أننا لم نمر إلى الفعل بعد".