يحكى أنه كان في قديم الزمان عند فلاح قط مشاكس و مشاغب جلب له مشاكل مع جيرانه لا تعد ولا تحصى. فهذا افترس له كتكوتا، وذاك دجاجة.. فنفذ صبر الفلاح و قرر التخلص من هذا القط الشرير.. أمسك الفلاح التعس بالقط اللعين و وضعه في كيس، ثم توجه به إلى غاب بعيد. لم يعارض القط صاحبه ولم يقاوم عزمه بل ولم يعر أي اهتمام للمصير المجهول الذي أعده الفلاح له.. وعندما تركه الرجل في الغاب وسار في طريق العودة إلى قريته، لم يحاول التوسل إليه بل سار هو في طريق آخر نحو أدغال الغاب.. سار القط في طريقه إلى أن عثر على كوخ مهجور ، ربما كان سابقا لصياد أو ناسك، فاتخذه مسكنا لنفسه و عاش على صيد العصافير و الفئران.. و ذات يوم صادف، خلال نزهته اليومية، ثعلبة تعجبت لمنظره الغريب "يا للعجب، لم أرى في حياتي مثل هذا الحيوان".. - من أنت؟ و ما إسمك؟ سألت الثعلبة القط.. "" أجابها القط بفخر مصطنع: - إسمي كوتوفي إيفانوفيتش، جئتكم من سيبيريا واليا على محافظتكم.. ردت عليه الثعلبة مسرورة: - يا للسعادة.. تفضل يا سيدي كوتوفي إيفانوفيتش ضيفا عليّ الليلة.. لبى القط الماكر دعوت الثعلبة فورا و صاحبها إلى بيتها.. قدمت له المضيفة أحسن الطعام و الشراب، فأكل و شرب حتى امتلأت بطنه و رغبت أعضاؤه في الاسترخاء.. أعجب القط بالثعلبة و استحسنها فعرض عليها الزواج و جاء ردها بالقبول.. في اليوم التالي خرجت الثعلبة تبحث عن فريسة تطعم بها زوجها، فلم تجد، بعد عناء شديد، إلا بطة حملتها عائدة إلى بيتها، و أثناء الطريق اعترض الذئب، الذي شم رائحة البطة، سبيلها.. - قفي أيتها الخبيثة.. - ماذا تريد؟ - اعطيني البطة إن رغبت متابعة سيرك في سلام.. - نجوم السماء أقرب لك من هذه البطة.. خلي عن طريقي و إلا شكوتك لسيدي كوتوفي إيفانوفيتش و سيعاقبك شر عقاب.. - و من هو سيدك هذا؟ - إنه وصل إلينا من سيبيريا واليا على محافظتنا.. و قد تزوجني.. و أنا الآن حرمه.. - هل تعرفينني به؟ - آه يا ربي! لن أفعل هذا خوفا عليك من بطشه.. إن سيدي كوتوفي إيفانوفيتش شرس و قاس لا يعرف قلبه الرحمة.. يفترس كل من لا يعجبه.. (و تابعت الثعلبة بعد هنيهة) أتريد مني نصيحة تقيك شره؟ - نعم.. نعم.. تفضلي.. - آتيني بخروف سمين هدية له.. و اختفي في مكان غير بعيد حتى لا يراك و تتقي شره.. و ذهب الذئب يبحث عن خروف مناسب يقدمه قربانا للوالي الجديد يتقي به شره.. و تابعت الثعلبة سيرها إلى بيتها إلى أن اعترض، مرة ثانية، سبيلها الدب مزمجرا: - قفي أيتها الخبيثة.. هاتيني البطة إن أردت أن أتركك تمرين بسلام.. - خلي عن سبيلي أيها التعس.. و إلا شكوتك لسيدي كوتوفي إيفانوفيتش و ستلقى منه شر عقاب.. - و من هو سيدك هذا؟ - إنه الوالي الجديد لمحافظتنا.. وصل إلينا من سيبيريا.. و قد تزوجني.. و أنا الآن حرمه.. - هل تعرفينني به؟ - آه يا ربي! لن أفعل هذا خوفا عليك من بطشه.. إن سيدي كوتوفي إيفانوفيتش شرس و قاس لا يعرف قلبه الرحمة.. يفترس كل من لا يعجبه.. (ثم تابعت) أتريد مني نصيحة تقيك شره؟ - نعم.. نعم.. تفضلي.. - آتيني بثور سمين هدية له.. و اختفي في مكان غير بعيد حتى لا يراك و تتقي شره.. و ذهب الدب، هو الآخر، يبحث عن ثور مناسب يقدمه قربانا للوالي الجديد يتقي به شره.. في اليوم التالي إلتقى الدب و الذئب في طريقهما إلى بيت الثعلبة و كل منهما يحمل هديته للوالي الجديد.. و اختلفا في من سيذهب إلى الثعلبة ليخبرها بأنهما قد أحضرا الهدية.. و بقيا على هذا الحال إلى أن مر بهما الأرنب فأوقفه الدب ساخطا: - قف أيها الجبان.. - نعم س..يدي.. الد..ب.. - اذهب إلى الخبيثة.. و اخبرها بأني و الذئب قد أحضرنا الهدية المطلوبة.. انطلق الأرنب مسرعا إلى بيت الثعلبة.. و أخبرها بما أمر به.. احتار الدب و الذئب في اختيار المكان المناسب ليختبئا فيه.. و بعد تفكير اهتدى الدب إلى ما اعتقده صوابا.. فوضع الذئب في حفرة و غطاه بأوراق الشجر بينما تسلق هو شجرة عالية مجاورة للحفرة.. حضرت الثعلبة مع زوجها القط.. و لما رآه الدب من فوق الشجرة استغرب لصغر حجمه و خاطب نفسه قائلا: - يا له من حيوان صغير تافه! في نفس اللحظة وثب القط على الثور غاضبا و صارخا: - قليل هذا..قليل.. فقال الدب في نفسه: - هذا كثير علي و الذئب معا.. بينما هو قليل عليه.. تنبه أخيرا الذئب لحضور الثعلبة و زوجها، و أحب أن يلقي نظرة عليه فحاول رفع أوراق الشجر من على جفنيه.. و أثار صوت الأوراق الجافة انتباه القط، الذي اعتقد أن تحتها فأرة فما كان منه إلا أن وثب على الذئب غارسا مخالبه فيه، و استولى على الذئب فزع عظيم فقفز من حفرته و ولى الأدبار هاربا من شر الوالي الجديد.. عندها فقط انتبه القط إلى أن من كان تحت الأوراق ليس فأرة و إنما ذئب فهرب إلى أقرب شجرة متسلقا إياها.. فما كان من الدب إلا أن رمى بنفسه إلى الأرض فارا بجلده.. من ذاك الحين و الحيوانات تخاف القط و تخشاه.. أما هو و زوجته الخبيثة فقد عبيا مخزنهما بتموين يكفيهما لفترة طويلة.