نشرت جريدة "دياريو دي سيفيا" Diario de Sevilla، الصّادرة يوم الخميس، مقالا مفاده أن صحافة صخرة "جبل طارق" قد أماطت اللثام عن وثائق سريّة للأرشيف الوطني البريطاني، تكشف أنّ العاهل الإسباني خوان كارلوس الأوّل كان صرّح في الثمانينيات من القرن المنصرم للسلطات البريطانية أنه "في الواقع لا يريد أن يسترجع "جبل طارق" لأسبانيا، ذلك لأنّ عملا من هذا القبيل سيدفع المغرب للمطالبة هو الآخر بسبتة ومليلية. وحسب هذه الوثائق، التي تمّ الإفصاح عنها خلال الأسبوع المنصرم، فإنّ العاهل الإسباني قبل هذا الأمر خلال اجتماع ذي طابع سرّي جرى بينه وبين السفير البريطاني فى إسبانيا "السّير رتشارد بارسونس" عام 1983، وقد نشر الأرشيف الوطني البريطاني يوم الأربعاء جزء من محتويات هذه الوثائق الحكومية السريّة التي يعود تاريخها إلى ثلاثين سنة خلت. وتابع المصدر ذاته أنّ "وزير الشؤون الخارجية الإسباني حينها، فرناندو موران، كان قد طالب من السلطات البريطانية إجراء " محادثات سريّة" حول جبل طارق ، ذلك أنّ العلاقات بين المملكة البريطانية وإسبانيا كانت في ذلك الحين شائكة نوعا ما. وكانت بريطانيا تهدّد، في تلك الفترة، بعرقلة ترشيح إسبانيا للانضمام إلى الإتحاد الأوربي في حالة عدم رفع القيود الحدودية التي فرضتها إسبانيا على جبل طارق، حيث كان فرانكو قد أغلق بشكل كلّي الحدود بين جبل طارق وإسبانيا عام 1969، ولم تفتح هذه الحدود بصفة جزئية سوى عام 1982. وكان السفير البريطاني فى إسبانيا، السّير رتشارد بارسونس، قد أبلغ ضمن مذكرة مرفوعة إلى وزارة العلاقات الخارجية البريطانية، بتاريخ 21 يوليو 1983، رأي العاهل الإسباني خوان كارلوس في هذا الصدد. وتشير المذكرة السرية على لسان السفير البريطاني في إسبانيا إلى "أنّ الملك الإسباني قد أكّد، كما كان قد فعل معي من قبل أنّ اتخاذ أيّ خطوة بخصوص جبل طارق، في الوقت الرّاهن ينبغي التزام الصّمت بشأنها أمام الرّأي العام حتى الآن". وتضيف نفس المذكّرة السرية: "ينبغي أن يظل واضحا وخاصّا بين الحكومتين البريطانية والإسبانية أنّ إسبانيا في الواقع لم تكن تسعى للبحث للتوصّل إلى حلّ عاجل لمشكل سيادة صخرة جبل طارق، ذلك أنّ إسبانيا في حال استرجاعها لجبل طارق، فإنّ الحسن الثاني ملك المغرب سيعمل بشكل فوري على تحريك مطالبته لسبتة ومليلية". وتسترسل المذكّرة ذاتها: "يجب على وزيري خارجية البلدين التوصّل إلى اتفاق خاص فيما بينها، للتفريق بين الهدف الحقيقي والأساليب المستخدمة لإرضاء الرّأي العام في كلا الجانبين". وكان السفير البريطاني، بارسونس، قد اغتنم هذا الاجتماع لإبلاغ إسبانيا بالموقف البريطاني: "وهو أنّ إسبانيا لا يمكنها الدخول للمجموعة الأوربية ما لم ترفع جميع القيود المفروضة على حدود جبل طارق". وضمن مذكرة أخرى للسفير البريطاني في إسبانيا وجّهها إلى وزارة العلاقات الخارجية في بلاده في نفس ذلك اليوم أفصح فيها أنه قد تمّ استدعاؤه من طرف فرناندو موران، وزير العلاقات الخارجية الإسباني، في ذلك الوقت لإجراء محادثات حول جبل طارق، جاء فيها أن: "فرناندو موران قال له (مثلما فعل ذلك الملك خوان كارلوس أمس) أنه أكثر قناعة "أنّه قد لا يكون سيئا أن الرأي العام الإسباني، وكذا الحكومة الإسبانية قد طفقا يفهمان أن الهدف الرئيسي لسياسة إسبانيا الخارجية، وهو انضمام إسبانيا للمجموعة الأوربية، لن يتعرقل بصخرة جبل طارق". وتشير الوثائق أنّ السفير البريطاني في إسبانيا يؤكّد في إحدى مذكراته كذلك: " أنّ وزير العلاقات الخارجية البريطانية في ذلك الوقت"جيفريهاو " قد اجتمع بتاريخ 6 شتنبر 1983 مع نظيره الأسباني، فرناندو موران، وقد قدّم كلاهما خلال هذا الاجتماع عرضا صريحا لوجهة نظريهما حول جبل طارق". واستطرد السفير أن "موران أكد أن الهدف النهائي لإسبانيا ينبغي أن يكون استرجاع صخرة جبل طارق، وأنّ هذا الأمر ينبغي أن يتمّ بواسطة سبل سلمية عبر مفاوضات مع بريطانيا العظمى، مع الأخذ بعين الاعتبار رفاهية ومصالح المواطنين في هذه الصّخرة". وزاد المصدر "أنّ فرناندو موران يتفهّم موقف بريطانيا والتزامها حيال سكان جبل طارق، وأنّ الحكومة الإسبانية تسعى دائما لإقامة علاقات طيّبة مع بريطانيا". وأخيرا، فتحت إسبانيا الحدود مع جبل طارق بالكامل في عام 1985، وذلك قبل انضمامها إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية عام 1986.