"المعاطف المعروضة على (الرصيف) في الشارع، أفضل جودة، وأرخض ثمنا، من تلك التي تعرضها المتاجر"، هكذا يفسر ياسين عامل بناء في العشرينيات من عمره، الإقبال الكبير على الملابس الشتوية المعروضة على أرصفة شارعي محمد الخامس، والحسن الثاني، في قلب العاصمة المغربية، الرباط. فمع حلول الشتاء هذا العام، بدأ الإقبال على شراء "المعاطف"، وجاءت موجة البرد القارس، التي لم تشهدها المغرب منذ سنوات، لتجعل "المعاطف" بمختلف أنواعها، تجارة رائجة، ومطلوبة على نطاق واسع، وتأتي في طليعة الألبسة الشتوية الأكثر عرضا، ومبيعا على الأرصفة، وتستحوذ على الجزء الأكبر من واجهات المحلات التجارية الفاخرة. فارق كبير بين سعر معطف "الرصيف" الذي لا يتجاوز 300 درهما، ونظيره في المحلات التجارية الفاخرة، والذي يبدأ من 500 درهما، وقد يصل إلى 2000 درهما بحسب الجودة. تجار "الرصيف" مقتنعون بأنهم يعرضون بضائع تناسب القوة الشرائية للمواطن المغربي البسيط، فتتنافس أصواتهم العالية في الشوارع، بالإعلان عن أثمان "المعاطف"، في محاولة لجذب أكبر عدد ممكن من الزبائن. وبحسب تجار، فإن "المعاطف" وغيرها من الألبسة، التي تعرض هنا، يتم جلبها بالأساس من شمال المغرب، وتحديدا من مدينتين الأولى، تطوان (تقع في منطقة فلاحية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بين مرتفعات جبل درسة وسلسلة جبال الريف)، والمدينة الثانية، الناضور، التي صنفت سنة 2007 كأغنى مدينة مغربية من حيث الدخل. وقبل أن تصل "المعاطف"، إلى "الأرصفة"، وسط الرباط، تقطع مسافات طويلة، حيث تنطلق رحلة التهريب من مدينتي، سبتة، ومليلية (تتمتعان بالحكم الذاتي داخل إسبانيا)، فمن سبتة إلى الناضور، ومن مليلية إلى تطوان، يتم تهريب "المعاطف"، قبل أن تنقل جنوبا باتجاه مدن مغربية عديدة، ومن بينها العاصمة الرباط. محمد الياجوري (50 عاما)، يببع "المعاطف" منذ نحو 10 سنوات، في زاوية التقاء شارعي الحسن الثاني، ومحمد الخامس، قرب محطة "الترامواي"، قال للأناضول "نختار البضائع المناسبة من تجار الجملة القادمين من شمال المغرب، ونوفر للزبائن معاطف من جميع الأحجام، والألوان، والأثواب، ومن علامات تجارية عالمية. وعن مستوى الإقبال على الملابس المعروضة قال "الياجوري"، "الرواج يتغير بحسب الأيام، حيث يبلغ أوجه خلال يومي السبت، والأحد، اللذين يوافقان عطلة نهاية الأسبوع في المغرب، بينما باقي أيام الأسبوع يكون البيع أقل". أصحاب المتاجر ينفون عن أنفسهم تهمة الغلاء، فقال رشيد، وهو شاب أمازيغي، ينحدر من جنوب المغرب، ويتولى إدارة متجر فاخر لملابس الرجال، بشارع محمد الخامس بالرباط "سلعنا بجودة عالية، وبأثمنة مناسبة، وتبقى تجارة المعاطف الأكثر رواجا، خلال هذه الفترة". وأضاف "نأتي بالسلع من أسواق الجملة، خاصة بالدار البيضاء (شمال)، وأغلب بضائعنا مستوردة من بلدان مختلفة كتركيا، وفرنسا، وإيطاليا، والصين أيضا، ولهذا النوع من الملابس زبائنه المخلصين، الذين يقبلون عليها بشكل منتظم، رغم احتشاد عشرات الباعة المتجولين أمام المحلات". أصحاب المتاجر يطالبون السلطات ب"وضع حد لبيع منتجات منافسة لهم على الأرصفة، وأمام محلاتهم، ويتهمون باعة الأرصفة، باحتلال الشارع العام ومضايقة المارة، وأحيانا يستدعون رجال الأمن لترحيل هؤلاء الباعة من على الأرصفة، وبالقوة إذا اقتضى الحال". من جانبهم، لا يرى تجار "الأرصفة" في تواجدهم تأثيرا سلبيا على رواج الملابس المعروضة داخل المتاجر، وبحسب قول بائع المعاطف محمد الياجوري، "الأرزاق بيد الله". *وكالة أنباء الأناضول