تم الإعلان، مساء السبت بالرباط، عن تأسيس جبهة عمالية واسعة من طرف هيئات نقابية وحقوقية، مهمتها "التصدي للتراجعات المتسارعة في مجال الحقوق الشغلية". جاء ذلك خلال الملتقى الوطني الرابع لشبكة "تقاطع" للحقوق الشغلية، الذي انعقد بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث أكدت الهيئات المشاركة في الملتقى على ضرورة تكثيف التنسيق بين الحركتين النقابية والحقوقية من أجل الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة. وانتقدت شبكة "تقاطع" للحقوق الشغلية بشدة السياسات الاقتصادية المتبعة من طرف الدولة، معتبرة أن مجملها يصب في "تسهيل فرص الاستثمار لأصحاب الرساميل والتضحية بمصلحة الأجراء، ومواصلة الحد من التشغيل العمومي"، وتمكين القطاع الخاص من "امتيازات وهدايا متنوعة، منها تيسير يد عاملة رخيصة ومطوّعة بجيش بطالة عرمرم وأشكال هشاشة تشغيل تجعلها فريسة لا حول لها ولا قوة". وذهبت الهيئة ذاتها إلى القول إن القدرة الشرائية للأجراء وعامة الطبقات الشعبية "تعرضت لإضعاف حاد، وذلك بمواصلة تفكيك صندوق دعم المواد الأساسية، وإطلاق حرية الأسعار، وتجميد الأجور المقنّع بزيادات هزيلة، واستمرار الضغط الضريبي على الأجور، وظُلم مجمل للنظام الضريبي". وانتقدت الشبكة استمرار خوصصة الخدمات العمومية، واستمرار "التردي المريع لظروف العمل"، و"مواصلة الدولة مسلسل الإضرار بمصالح المتقاعدين وأجيال الشغيلة القادمة، بإصرارها على تنفيذ ما يسمى "إصلاح أنظمة التقاعد"، حيث تم رفع سن التقاعد وخفض معاشه وزيادة الاقتطاع"، معتبرة أن هذا التوجه يعني "اشتغالا أطول مقابل أجر أقل للحصول على معاش أقل". وينبع تأسيس "الجبهة العمالية الواسعة"، بحسب المنظمين، من كون "غياب الجبهة العمالية أو التردد في تشييدها قد شجع الماسكين بالقرار الرسمي ببلادنا على تعميق التوزيع غير العادل للثروة وضرب القدرة الشرائية للكادحين والاستخفاف بالمطالب العمالية والجماهيرية عموما". وأجمع ممثلو الهيئات الحقوقية والنقابية والمدنية المشاركين في اللقاء على ضرورة اشتغال الحركة النقابية جنبا إلى جنب مع الحركة الحقوقية، بما يقوي قدرتها على الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة. وقال ممثل الجبهة الاجتماعية المغربية، التي تأسست سنة 2019، إن هناك حاجة ماسة إلى جبهة عمالية تسندها قوى حقوقية ونقابات مناضلة، يمكن هيكلتها على المستوى الإقليمي عبر اتحادات محلية. وأشار إلى أن الجبهة، التي تضم أحزابا يسارية ونقابات ومنظمات مدنية، "تريد أن تكون إطارا جامعا وموحدا للنضالات"، وأنها اقتصرت في بداية نشأتها على الجانب الاجتماعي، ومنه الحقوق الشغلية، "قبل أن تطرح قضية الفساد والاستبداد والريع والتبعية والاحتكار والديمقراطية والتوزيع غير العادل للثروة والنضال ضد تزوير الإرادة الشعبية". من جهته، قال ممثل الهيئة المغربية لحقوق الإنسان إن "اتحاد مكونات الطبقة العاملة مطلب ملحّ، لأنه محكوم بالشروط المادية والاجتماعية نفسها"، مبرزا أن "التجارب أبانت عن جدوى الاتحاد في دول أخرى متقدمة، مثل بريطانيا وفرنسا، حيث رفع قدرة الطبقة العاملة على تغيير موازين القوى لصالحها". وأضاف "أمام التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم، والمتغيرات التي فرضتها النيوليبرالية، التي ترسم سياسة البلدان بشكل جديد بعد أن تطور الاستعمار وأخذ أشكالا جديدة، لا مناص أمام الطبقة العاملة من الاتحاد". فيما أكدت خديجة الرياضي، منسقة التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان، أنه "لا يمكن أن نناضل من أجل مغرب الحريات والديمقراطية، دون النضال من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية". وذهبت إلى القول إن الدولة "تستغل كل الأزمات للهجوم على المكتسبات المحققة لفائدة الطبقة العاملة، أو إجهاض المكتسبات التي يمكن تحقيقها"، مشددة على "ضرورة العمل الوحدوي بين الحركة النقابية والحركة الحقوقية".