يصعب القول أن طرفا، من الإثنين: حركة حماس وإسرائيل، ربح الحرب القذرة، الدائرة حاليا، فوق أجساد المدنيين الفلسطينيين العزل، باعتبار أن لا أحد منهما حسم المعركة العسكرية لصالحه، فإسرائيل مُرتهنة بأجندة، المشهد السياسي الحزبي في تل أبيب، حيث أن فرقاء المشهد المذكور، الموجودون في الحكومة، يخوضون المعركة - وأعينهم على استطلاعات الرأي المحلية، أي درجة التأييد لهذا الطرف الحزبي أو ذاك، ويجب القول أن أغلبية المواطنين الاسرائليين، يؤيدون، لحد الآن، مطلب سحق حركة حماس، لفرض الأمر السياسي الواقع (اما الاقتصادي فتملكه إسرائيل طبعا) وبالتالي تبنيها - أي حركة حماس - لمخطط "السلام" كما تريده إسرائيل. فتمحو بذلك، ذكرى الهزيمة العسكرية في لبنان، أمام "حزب الله" اللبناني، وبما أن حسما من هذا القبيل، لن يتسنى دون تحقيق الاجتياح البري لغزة، فإن الضربات العنيفة ستتواصل. "" أما من جانب حركة المقاومة "حماس" فهي تعي، بطبيعة الحال، هذا الحساب العسكري الإسرائيلي، لذلك فستظل حتى آخر ساعة، وفية لخطها النوعي في المقاومة، أي تكبيد إسرائيل، أكبر عدد من الخسائر البشرية، ومحاولة أسر جنود إسرائيليين، حينما تنتقل المعركة لمرحلة رجل لرجل، بأسلحة التمشيط العسكرية التقليدية، وهنا يمكننا أن نتصور شراسة الحرب. إنها الورقة الوحيدة، المتبقية في يد حركة "حماس" والهزيمة سيكون معناها، منح إسرائيل رقعة "اللعب" السياسي، في غزة، أما إسرائيل، فتملك بيدها حسابات عديدة، منها على مستوى الأرض، توفرها على كل مفاتيح المعابر، إلى رقعة غزة الضيقة، برا وبحرا، أما معبر رفح الوحيد، فقد تكفل الرئيس المصري حسني مبارك، بإقفاله في وجه الفلسطينيين الهاربين، من جحيم الحرب والحصار، الاقتصادي الاسرائيلي والدولي. وعلى المستوى الاقليمي، فكم هو مضحك أمر أولئك، الذين ينتقدون سكون بعض القوى الاقليمية، المتاخمة لإسرائيل، والمؤيدة إيديولوجيا، لحركة "حماس". لماذا؟ لأن حزب الله اللبناني، والنظامين السوري والإيراني، يعون جيدا، أن أي تكتل عسكري في المنطقة، ضد إسرائيل، سيمنح ليس فقط، ذريعة لإسرائيل للرد بالسلاح النووي، بل سيعيد سيناريو الاعتداء الثلاثي(البريطاني الأمريكي الفرنسي) على مصر سنة 1956، وهو مستوى من المعركة لا أحد يريد، إقليميا ودوليا، الوصول إليه، ويمكن، وضع عدم التعرض الإمريكي، بواسطة ورقة الفيتو، للقرار الأممي رقم 1860، الذي دعا إسرائيل، إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهو القرار الذي تجاهلته إسرائيل.. يمكن وضعه، ضمن هذا الإطار، ، ذلك أن التداعيات المدنية والحقوقية والإعلامية، الدولية، للضربات الوحشية الإسرائيلية، ستضع التأييد المطلق للحكومة الإسرائيلية، من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية، والحكومات الغربية عموما، أمام مُحاسبات منظماتها الحقوقية والمدنية، غير الحكومية، وآراء الشارع، المصدوم، من همجية الحرب الإسرائيلية. ومن هذا المنظور فإن استطالة أمد الحرب، وعجز إسرائيل عن حسم المعركة، من خلال الاجتياح، البري (وهو ما يفسر كثرة الضحايا المدنيين الفلسطينيين) سيضع إسرائيل، أمام فوهة بركان التنديد، من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك حكومات دول غربية، محسوبة على خانة المُؤيدين، ناهيك عن انتقادات الداخل، باعتبار أن إسرائيل، تتوفر على مؤسسات تشريعية ومدنية، جديرة بهذا الإسم. وبالتالي فإن عامل الزمن، يصب في مصلحة حركة المقاومة "حماس" وخسارة إسرائيل. يجب ألا نبرح، حسابات الربح والخسارة هذه، دون أن نُلقي نظرة على ما يسمى ب "الموقف العربي". وهنا يستدعي التزود، بغير قليل من حس السخرية والتفكه، لفهم مسخرة تعاطي الأنظمة العربية، مع الحرب الدائرة في غزة، فباستثناء الوقف المصري الواضح، في تجريم حركة "حماس" والمساهمة، بطريقة غير مباشرة، في الجهد الإسرائيلي، للقضاء على مقاومة الحركة الفلسطينية المذكورة، فإن كل الأنظمة العربية الأخرى، تمارس تقنية "التقية" الشيعية، حيث تضمر العداء الأسود لحركة "حماس" وتمنح قلوبها، المُؤيدة لإسرائيل، فهي - أي الأنظمة العربية - ترى في نجاح حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" تشجيعا لنظيراتها، سياسيا وإيديولوجيا، على امتداد الرقعة العربية، وبالتالي، خطر اكتسابها لمزيد من التأييد، في الشارع العربي، تمهيدا لما هو أفدح وأخطر. لا أحد، من "الفاهمين" يجهل، أن إسرائيل، تتوفر على أكثر من موطء قدم في الساحة السياسية للأنظمة العربية، فهي - أي إسرائيل - تملك توكيلا من طرف الأنظمة المذكورة، لخوض الحرب ضد "حماس". ولن يكون مُفاجئا، في حالة ربح إسرائيل حربها القذرة، على غزة، أن تفتح الكثير من العواصم العربية، أذرعها لاستقبال، وزيرة الخارجية الإسرائيلية "تسيبي ليفني" ولم لا هذه الأخيرة و"باراك" و"أولمرت" دفعة واحدة. غير أن ثمة شوكة دامية، في طريق هؤلاء، واولئك، تتمثل في صمود مُقاومي حركة "حماس" الذين يعرفون جيدا، حسابات الربح والخسارة، ضمن هذه اللعبة الإقليمية، والعربية، لذا سيعملون حتى آخر رمق، على إذاقة إسرائيل وحلفائها العرب، والغربيين، طعم الهزيمة، في وعاء اسمه: وهم النصر.