إلى الزميل محمد الراجي "" ما أشبه اليوم بالبارحة ، فغزة كانت دائما رمز الصمود والعزة، ففي القرن السابع للهجرة تعرضت غزة إلى هجوم وحشي همجي من فرقة صغيرة من فرق التتار ، وعادت فرقة الهمج الوحشيين على أعقابها تجر أذيال الهزيمة و التحقت بجيش كدبغا الجرار الذي كان يرابض في الشام على بعد مئات الأميال من أرض الرباط ، و قد كان السبب الرئيس الذي أدى الى اندحار فرقة التتار الصغيرة هو الارتباك الذي أصابها و هم يرون البواسل من أهل غزة يستميتون بإقدام منقطع النظير للدفاع عن مدينتهم في وجه أعتى قوة في العالم، قوة أبادت كل من يعترض طريقها ابتداء من تخوم الهملايا و انتهاء ببغداد عاصمة الخلافة مرور ا بأكبر الحواضر الإسلامية مثل بخارى و سمرقند التين أحالوهما خرابا و أطلالا و أنقاضا ،و لا أدل على همجية التتار و وحشيتهم البالغة في التنكيل بالمسلمين ، من تردد ابن الأثير –المؤرخ الكبير- في تدوين ما حدث بحجة انه صعب عليه أن ينعى الإسلام ، لاعتقاده رحمه الله أن الإسلام سينتهي بغير رجعة ، ولكن عندما مر زمن على الأحداث ، و استجمع قواه، قال كلاما مؤثرا،و من جملة ماقال "إن التتار أصعب من الدجال ، فان الدجال يبقي على من يتبعه و يقتل من خالفه ، أما التتار فلا يبقون على أحد". لقد تنبه الملك قطز إلى ضرورة الجهاد ، وشمر على ساعد الجد، رغم معارضة الأصوات الانبطاحية التي هالها ما رأت من بطش التتار و همجيتهم البالغة ، وكان أول تماس لجنود الملك قطز في غزة ، وهناك حقق انتصارا صغيرا لكنه كان ذا انعكاس كبير على بقية الأحداث، إذ سيكون انجاز غزة الصغير ،فاتحة لانجاز عين جالوت الكبير الذي وضع حدا لأكبر قوة في العالم .و الفضل لا يعود للملك الشجاع قطز فحسب ، و لكن أيضا إلى سكان غزة الصامدين الذين دقوا أول مسمار في نعش التتار.وهاهم اليوم يصمدون في وجه التتار الجدد ،و لا شك أنهم سينتصرون، فإرادة الشعوب لا تقهر إذا كان الجهاد لهم سبيلا و حب الأرض حاديا ودليلا . و رحم الله الملك قطز فما أحوجنا اليوم لواحد من أمثاله. يوسف توفيق – مدون مغربي