طالبا بتسريع محاكمتهما وإضراب عن الطعام للتنبيه إلى قضيتهما تبرأ اثنان من شيوخ السلفية الجهادية بالمغرب من اعتداءات 16 ماي سنة 2003، التي أوقعت أزيد من 40 قتيلا وعشرات الجرحى. ويتعلق الأمر بكل من الحسن بن علي الشريف الكتاني، و أبو حفص محمد عبد الوهاب رفيقي، اللذين استأنفا الحكم الصادر في حقهم، غير أن ملفهما أجل للمرة 11 في الأسبوع الماضي، إلى غاية مارس المقبل. "" وقال أبوحفص والكتاني، في بيان توصلت "إيلاف" بنسخة منه، "نؤكد مرة أخرى تبرؤنا مما اصطلح عليه من المحاضر، وفي كثير من المنابر الإعلامية ب (شيوخ السلفية الجهادية)، وننبه إلى أننا، كنا ولازلنا وسنبقى، امتدادا لحركة العلماء التي عرفها هذا البلد منذ دخول الإسلام إلى اليوم، وهي النسبة التي لا نرضى عنها بديلا وبها نعتز ونتشرف". وأضافا "نتوجه بالنداء لكل الضمائر الحية الفاعلة والمنظمات الحقوقية من أجل مساندتنا في قضيتنا العادلة، والرفع من أجل إطلاق سراحنا بعد سنوات عجاف من المآسي والمحن". وطالبا ب "تسريع إجراءات المحاكمة، وإحضار الشهود، والحسم في هذا الملف لتبرئتنا، ما نسب إلينا إحقاقا للحق وإقامة العدل". وجاء في البيان أيضا "نؤكد مرة أخرى تبرؤنا التام من أحداث 16 ماي وما شابهها من أحداث، واقتناعنا التام بعدم شرعيتها، كما نؤكد على تبرؤنا من مسالك الغلو في التكفير على سلامة منهجنا واعتدال طريقتنا". وفي الأخير أعلنا عن خوضهما إضرابا عن الطعام لمدة يومين، بهدف تنبيه الرأي العام لملفهما، الذي عرف سلسلة من التأجيلات. وطالب الدفاع عن المتهمين، خلال الجلسات السابقة، باستقدام شهود الإثبات للإدلاء بتصريحاتهم للبدء في مناقشة القضية وإنهاء هذا الملف،الذي قضى ما يزيد عن الأربع سنوات بين ردهات محكمة الاستئناف. ويتابع الكتاني وأبو حفص ضمن ما كان يعرف بقضية هشام صابر ومن معه، بتهم "تكوين عصابة إجرامية، والمشاركة في جناية المس بسلامة الدولة الداخلية بارتكاب اعتداءات الغرض منها إحداث التخريب والتقتيل في منطقة أو أكثر، والمشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والمشاركة في الإيذاء العمدي المؤدي إلى عاهة مستديمة، والمشاركة في الإيذاء العمدي المؤدي إلى جروح". ويأتي هذا في وقت فتح الجهاز الأمني للدولة في المغرب حوارًا مع بعض شيوخ السلفية. الحوار الذي بدأ قبل ثلاثة أسابيع، ظلت الدولة متكتمة بخصوصه، رافضة حتى الإعتراف به، بل وذهبت مصادر إلى محاولة التقليل منه والحديث عن "زيارات عادية" إلى شيوخ السلفية في السجون. في المقابل أكد عدد من معتقلي السلفية الجهادية أن هناك اتصالات معهم بشكل مباشر أو غير مباشر. ودشنت الدولة حوارها مع بعض من يسمون "شيوخ السلفية الجهادية"، واستثني من الحوار الذين ثبت تورطهم في أعمال إرهابية. وبدأ الحوار مع محمد الحدوشي، المعتقل في سجن تطوان في الشمال المغربي. ويعد هذا أحد منظري الفكر السلفي الذي تشبع به عدد من المعتقلين في ملفات الإرهاب في المغرب. وجاءت هذه التطورات في وقت يفتخر المغرب بمواجهة موضوع ماضي انتهاكات حقوق الإنسان بشجاعة نادرة في المنطقة، بإحداث "هيئة التحكيم المستقلة" ثم لاحقا "هيئة الإنصاف والمصالحة"، التي حققت في جرائم حقوق الإنسان المقترفة لنحو 43 سنة، وعرضتها على الرأي العام المحلي والأجنبي بكل جرأة ووضعت توصيات لجبر الضرر وتفادي عدم التكرار. ولقد كان إحداث "الهيئة المستقلة للتحكيم" أواخر تسعينات القرن الماضي أولى لبنات هذا المسار الشامل لطي ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وتحقيق المصالحة الشاملة التي تصب في تعزيز الانتقال الديمقراطي، والإصلاحات السياسية والاجتماعية التي باشرها المغرب بكل ثقة وعزم متطلعا إلى المستقبل، إذ اشتغلت على مئات الملفات المعروضة عليها وأقرت تعويضات تفوق 94 مليون دولار لحوالى أربعة آلاف ضحية. وتزامن عمل الهيئة مع وجود دينامية كبرى في المجتمع المغربي لطي ملف ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وترسيخ الانتقال الديمقراطي، ففي ذلك الوقت بالذات أقرت الدولة وجود ظاهرة الاختفاء القسري من خلال قرار غير مسبوق دوليا تمثل في إطلاق سراح أزيد من ثلاثمائة شخص ظلوا لسنوات طويلة في عداد المختفين، واعترفت بوفاة عشرات أثناء اختفائهم في معتقلات سرية، كما صدرت قرارات عفو ملكي استفاد منها مئات المعتقلين والمنفيين لأسباب سياسية.