قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن دول القارة الإفريقية في حاجة إلى العمل سوياً من أجل بناء اقتصاد قوي يتطلع إلى المستقبل. وأكد بوريطة، في كلمة ألقاها في افتتاح الدورة الرابعة عشرة لقمة الأعمال الأمريكية-الإفريقية اليوم بمراكش، أن بناء اقتصاد إفريقي ممكن عبر الاندماج في منظومة التجارة العالمية وسلاسل القيمة الدولية وإعطاء الأولوية للتصنيع والتشغيل وخلق القيمة. وذكر بوريطة أن بناء هذا الاقتصاد القوي لن يتسنى إلا بشرطين؛ أولهما قيام الدول الإفريقية بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية لخلق مناخ أعمال مناسب وقيام القطاع الخاص بدوره الوطني، وثانيهما تعبئة الشركاء الدوليين للقارة لمواكبة برامج التنمية لدولها. وشدد المسؤول المغربي، في القمة التي حضرها أكثر من ألف مشارك ومشاركة، على أن "إفريقيا تحتاج شركاء فاعلين حقيقيين، شركاء يرافقون ولا يُملون، شركاء يبنون على المدى الطويل ولا يقتصرون على استغلال الفرص قصيرة الأجل". واقترح بوريطة في هذا الصدد إرساء آلية لتتبع تنفيذ المشاريع المتمخضة عن الشراكة مع إفريقيا وخلق تسهيلات لولوجها إلى التمويلات وفق مقاربة تضع نصبها ضمان النجاعة والفاعلية في التعامل مع المشاريع لبلوغها نتائج ملموسة وتحقيق تطور قابل للقياس بما يسهم في تطوير علاقات اقتصادية مثمرة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الإفريقية. كلمة بوريطة أشارت إلى أن انعقاد القمة يتزامن فترة أمل في انقشاع جائحة كوفيد-19، ويصادف أيضاً مرحلة يشهد فيها الاقتصاد العالمي اضطرابات عميقة طالت سلاسل الإنتاج والاستثمار والمبادلات. وقال إن "هذا السياق المليء بالتحديات يبرز دور القارة الإفريقية باعتبارها خزان نمو بالنسبة للاقتصاد العالمي وحليفا قويا لشركائها الدوليين". وحسب المعطيات التي قدمها الوزير، تمتلك القارة الإفريقية 23,5 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم في وقت أصبح الأمن الغذائي في صميم المشاغل العالمية؛ وهو ما يؤهلها إلى أن تكون من بين أهم الفاعلين في الأمن الغذائي. وتتوفر القارة الإفريقية على إمكانيات شمسية تبلغ 10 تيراواط و350 جيجاوات من الطاقة الكهرومائية، و110 جيجاوات من طاقة الرياح و15 جيجاوات من مصادر الطاقة الحرارية الأرضية، وهي مؤهلات كبيرة تجعلها فاعلاً أساسياً في التحديات العالمية. وأشار بوريطة إلى أن إفريقيا تعتبر أكثر قارات العالم شباباً، حيث ستصل حصتهم من البالغين سن العمل إلى 42,2 في المائة بحلول سنة 2100. كما أورد أن القارة تمتلك مؤهلات تجعلها قادرة على مواجهة الأزمات ويمكن من تعزيز سيادتها في القطاعات ذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى، كالصحة والأمن الغذائي والطاقة والبنيات التحتية بما يضمن تحقيق نمو شامل وتنمية عادلة ومنصف. وأكد بوريطة على ضرورة اضطلاع الفاعلين الاقتصاديين الخواص بدورهم المحوري في تحريك عجلة الاقتصاد الإفريقي، خصوصاً أنهم يمثلون أكثر من 80 في المائة من إجمالي الإنتاج في القارة وثلثي إجمالي الاستثمار؛ وهو ما يستدعي تحفيز القطاع الخاص وفتح المجال لإمكاناته الفعالة، من خلال المزيد من التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تتلقى حاليا إلا 10 في المائة من القروض المصرفية. وقال بوريطة، في كلمته أمام حضور كبير للدول الإفريقية، إن على القارة أن تجني الآن ثمار مؤهلاتها وإمكانياتها العديدة وشبابها النابض بالحيوية وتنهض بدورها المحوري والطبيعي على الساحة الدولية وفي التطورات الكبرى الجارية على الصعيد العالمي. يشار إلى أن الدورة الرابعة عشرة لقمة الأعمال الأمريكية الإفريقية تنظم بمبادرة من "مجلس الشركات المعني بإفريقيا" بشراكة مع المملكة المغربية تحت شعار "لنبن المستقبل معا"، تحت رعاية ملكية. وتهدف القمة إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين الدول الإفريقية والولاياتالمتحدةالأمريكية، كما تشكل فرصة لتعزيز مكانة المغرب باعتباره البلد الإفريقي الوحيد الذي تربطه اتفاقية تبادل حر بأميركا. ويشارك في هذه القمة التي تنظم لأول مرة في شمال إفريقي وفد حكومي أمريكي ووزراء أفارقة وصناع القرار بأكبر الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات. وتناقش القمة، طيلة ثلاثة أيام، من خلال حلقات نقاش وموائد مستديرة جملة من أولويات القارة الإفريقية مثل الأمن الغذائي والصحة والزراعة والانتقال الطاقة والتكنولوجيا الحديثة. يشار إلى أن مجلس الشركات حول إفريقيا هو هيئة أمريكية خاصة يتمحور نشاطها حول إفريقيا تأسست سنة 1993، وتنظم قمة الأعمال الأميركية الإفريقية بشكل سنوي تحفيزا للاستثمار وبناء شراكات.