تعيش اليابان في حالة من الصدمة، السبت، غداة مقتل شينزو آبي، رئيس الوزراء السابق، بالرصاص خلال تجمع انتخابي في نارا الواقعة غرب البلاد، حيث اعترفت الشرطة بوجود ثغرات أمنية "لا يمكن إنكارها". وأثار اغتيال آبي، أحد أشهر سياسيي الأرخبيل والذي حكم البلاد أكثر من ثماني سنوات، مشاعر من الحزن العميق في اليابان وخارجها. وأقر منفذ الهجوم، الذي أوقف في مكان الواقعة، بأنه استهدف آبي عمدا، موضحا للشرطة أنه كان حاقدا على منظمة اعتقد أن رئيس الوزراء السابق على ارتباط بها. وقالت وسائل إعلام يابانية، والتي ذكرت أن الأمر يتعلق بمجموعة دينية، إن منفذ الهجوم، البالغ 41 عاما، التحق، في الماضي، ب"القوة البحرية للدفاع الذاتي" أي سلاح البحرية الياباني، واستخدم سلاحا "يبدو يدوي الصنع" ويجري حاليا فحصه. وعند وقوع الهجوم، كان رئيس الوزراء السابق البالغ من العمر 67 عاما يُلقي خطابا في تجمع انتخابي في منطقة نارا قبل انتخابات مجلس الشيوخ التي تُجرى الأحد، عندما سُمع إطلاق رصاص. وأكد فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء الحالي، الجمعة، أن الاستعدادات للانتخابات، "أساس الديمقراطية"، ستستمر بشكل طبيعي. وشارك كيشيدا، الذي ينتمي مثل شينزو آبي إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي (يمين قومي)، صباح السبت، في تجمع انتخابي في ياماناشي (غرب طوكيو). وقال أمام نحو 600 شخص، حسب صحيفة ماينيتشي اليومية، إن "العنف لا يمكن أن يتغلب على الكلمة". ونقلت الصحيفة ذاتها عن أحد أفراد قوات الأمن قوله "لن ندع ما حدث بالأمس يتكرر مرة أخرى". وتحدث عن نظام أمني معزز بتركيب أجهزة لكشف المعادن وتفتيش حقائب المشاركين. واستقلت آكي، أرملة شينزو آبي، قرابة الساعة السادسة (التاسعة مساء بتوقيت غرينتش) من يوم الجمعة، سيارة قالت وسائل الإعلام إنها تقل جثمان رئيس الوزراء السابق وغادرت مستشفى كاشيهارا بالقرب من نارا، حيث حاول الأطباء إنقاذه بعد الهجوم. "عمل همجي" وأصيب شينزو آبي برصاصتين في رقبته، وأعلنت وفاته بعد ساعات؛ على الرغم من جهود بذلها فريق من عشرين طبيبا. وذكرت وسائل إعلام محلية أن مراسم تأبين ستجرى مساء الاثنين، وستقام الجنازة الثلاثاء بحضور أسرة آبي وأقاربه فقط. وهز مقتل آبي اليابان، التي قال رئيس حكومتها الحالي إن اغتياله "عمل همجي" و"لا يغتفر". ودان قادة في جميع أنحاء العالم اغتيال. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه "مصدوم ويشعر بحزن عميق". كما قدمت كوريا الجنوبيةوالصين، اللتان تربطهما علاقات متوترة باليابان، تعازيهما. ووجه الرئيس الصيني شي جينبينغ، السبت، برقية تعزية إلى كيشيدا، حسب وسائل الإعلام الحكومية الصينية. وقالت قناة التلفزيون الحكومية "سي سي تي في" إن الرئيس شي "ونيابة عن الصين حكومة وشعبا، وباسمه شخصيا، أعرب عن تعازيه الحارة بوفاة رئيس الوزراء السابق شينزو آبي". وأضافت أن شي "حزين جدا لهذه الوفاة المفاجئة". وفي أستراليا، ستضاء دار الأوبرا في سيدني الأحد، تكريما لشينزو آبي. ويتجمع عدد كبير من الأشخاص، منذ الجمعة، في موقع الهجوم. وقالت ساشي ناغافوجي (54 عاما): "لا يمكنني أن أصدق أن أمرا كهذا يمكن أن يحدث". وأضافت: "كان ينبغي أن يكون هناك مزيد من رجال الأمن". مشاكل أمنية "لا يمكن إنكارها" قال مسؤولون محليون في الحزب الليبرالي الديمقراطي إنهم لم يتلقوا أي تهديد قبل الهجوم، الذي بثت صوره على قنوات تلفزيونية. كان رئيس الحكومة السابق يقف على منصة، عندما دوى ما يشبه صوت الانفجار وأعقبه تصاعد دخان. فانحنى الجمهور المصدوم، بينما كان العديد من الأشخاص يتعاملون مع شخص آخر على الأرض. تتراخى الإجراءات الأمنية في بعض الأحيان في التجمعات الانتخابية المحلية في اليابان، حيث تندر الجرائم العنيفة وتتشدد قوانين الأسلحة؛ لكن الشرطة أقرت بأن الإجراءات الأمنية لم تكن كافية في نارا. وقال تومواكي أونيزوكا، رئيس شرطة إدارة نارا، للصحافيين: "أعتقد أنه لا يمكن إنكار وجود مشاكل في الإجراءات الأمنية". وأضاف بصوت متهدج: "طوال أكثر من سبعة وعشرين عاما في المهنة، ليس لدي ندم أكبر وأسف أكبر من هذا". وشينزو آبي وارث عائلة سياسية وصاحب الرقم القياسي في مدة شغل منصب رئيس الوزراء في اليابان، 2006-2007 ثم مرة أخرى من 2012 إلى 2020. وترك آبي، القومي والبراغماتي في آن واحد، أثرا بسياسته الاقتصادية الجريئة التي تحمل اسمه (آبينوميكس) وتجمع بين حوافز مالية ضخمة وسياسة نقدية متساهلة إلى أبعد حد. وكان يدعو إلى أن تتخلص اليابان من عقدة ماضيها العسكري، ويطمح إلى مراجعة الدستور الياباني السلمي لعام 1947 الذي كتبه المحتلون الأمريكيون ولم يتم تعديله منذ ذلك الحين. وقد اضطر هذا الرجل، الذي يعد أحد أشهر سياسيي الأرخبيل والذي حكم البلاد أكثر من ثماني سنوات، إلى الاستقالة لأسباب صحية؛ لكنه بقي مؤثرا جدا داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي قاده. أ.ف.ب