صدم قرار المحكمة الأمريكية العليا القاضي بإلغاء الحق في الإجهاض الهيئات الحقوقية المدافعة عن حق النساء في وضع حد للحمل غير المرغوب فيه بشكل إرادي في المغرب؛ إذ ذهبت بعض الهيئات المغربية إلى "التنديد" بقرار المحكمة العليا الأمريكية. وعلى الرغم من أن القرار يخص المجتمع الأمريكي، إلا أن المدافعين عن الحق في الإجهاض في المغرب يعتقدون أنه سيكون له تأثير سلبي على جهودهم، "نظرا لثقل مكانة الولاياتالمتحدةالأمريكية على الصعيد العالمي"، بحسب شفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري. وقال الشرايبي، في تصريح لهسبريس، إن "قرار المحكمة الأمريكية العليا سيكون له تأثير، لأنهم (يقصد الأطراف المناهضة لإباحة الإجهاض في المغرب) سيقولون ها هي الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها منعت هذا الحق". ورغم خيبة أمل دعاة تمكين النساء من "الحق في الإجهاض" في المغرب من قرار المحكمة الأمريكية العليا، إلا أنهم يطمحون إلى استصدار قرار في صالحهم من طرف الحكومة الحالية، بعد المعارضة الشديدة التي وُوجهوا بها من طرف الحكومتين السابقتين اللتين قادهما حزب العدالة والتنمية (ذو المرجعية الاسلامية). وأبدى شفيق الشرايبي تفاؤله بشأن إقدام حكومة أخنوش على خطوة في هذا الاتجاه؛ إذ كشف، في حديثه لهسبريس، أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، متحمس لتوسيع الحالات التي يباح فيها الإجهاض، قائلا: "اجتمعت مع وزير العدل ووعدني بأنه سيعمل على جعل حالات إباحة الإجهاض أكثر من الحالات التي نص عليها مشروع قانون تقنين الإجهاض". وأعرب رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري عن تفاؤله بشأن استجابة الحكومة الحالية لمطالب دعاة تمكين النساء من وقف الحمل غير المرغوب فيه بشكل إرادي، بقوله: "لدي آمال كبيرة في ذلك"، مشيرا إلى أنه على تواصل أيضا مع رئيس لجنة التشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب وعدد من أعضاء اللجنة "الذين يدافعون أيضا عن هذا الحق"، على حد تعبيره. وجاء قرار المحكمة العليا الأمريكية في وقت كانت فيه الهيئات الحقوقية المغربية المدافعة عن رفع التجريم عن الإجهاض في كل الحالات، تطمح إلى نيل هذا المطلب، غير أن إلغاءه في الولاياتالمتحدةالأمريكية أربك حساباتها. وذهبت فدرالية رابطة حقوق النساء إلى التنديد بقرار المحكمة الأمريكية العليا، واعتبرته "تهديدا واضحا للحقوق الإنسانية للنساء، وتراجعا خطيرا عن المكتسبات الحقوقية التي حققتها الحركة النسائية عبر تاريخ من النضال"، و"انتكاسة حقوقية". وطالبت الهيئة الحقوقية ذاتها المحكمة العليا الأمريكية ب"التراجع عن قرار إلغاء حق النساء في الإجهاض وحماية الحقوق الإنسانية للنساء لما له من نتائج خطيرة على صحة وحياة النساء". وفُتح نقاش موسع حول إباحة الإجهاض في المغرب سنة 2016، قادته لجنة ملكية مكوّنة من ثلاث جهات رسمية ممثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة العدل، وانتهى بوضع مشروع قانون لم يرَ النور بعد. وحاولت الدولة مسك العصا من الوسط في موضوع الإجهاض، وذلك بإباحته في ثلاث حالات فقط، هي: إذا كان الحمل ينطوي على خطر على حياة الأم، أو وجود تشوهات خلقية خطرة وأمراض صعبة على صحة الجنين بعد ولادته، أو في الحمل الناجم عن الاغتصاب أو زنا المحارم. ولم يحْظ قصْر إباحة الإجهاض في ثلاث حالات برضا الجمعيات الحقوقية التي تطالب برفع التجريم عنه وجعله قانونيا في جميع الحالات، ليأتي سحب الحكومة لمشروع القانون الجنائي ويُنعش آمالها بشأن رفع سقف الإجهاض أكثر مما هو مضمّن في مشروع القانون الذي أعدته الحكومة السابقة. وطالبت فدرالية رابطة حقوق النساء الحكومةَ المغربية ب"رفع التجريم عن جميع حالات الإجهاض الطبي، الذي تباشره النساء بإرادتهن الحرة، بما يضمن كرامتهن وحقهن في قرارهن وخيارهن واستعدادهن للحمل والأمومة من عدمه، وفي استحضار وتناغم مع التزامات المغرب الدولية وتجسيدا للمبادئ المقررة دستوريا".