يتجه المغرب إلى اعتماد مشروع قانون لتأطير العملات المشفرة بعدما أصبح التداول فيها على نطاق واسع رغم قرار المنع الصادر سنة 2017. وأعلن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أمس الثلاثاء، أن مشروع قانون يهدف إلى تنظيم استعمال العملات المشفرة سيرى النور قريباً. وذكر الجواهري، خلال ندوة صحافية عقب الاجتماع الفصلي الثاني لمجلس بنك المغرب برسم سنة 2022، أن لجنة تعمل على وضع إطار تنظيمي مناسب يجمع بين الابتكار والتكنولوجيا وحماية المستهلك. ومن المرتقب أن يعتمد هذا القانون على تجارب بنوك مركزية عدة، إضافة دعم تقني من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وسيولي أهمية لمكافحة استعمال العملات المشفرة في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وكان المغرب منع التداول في العملات المشفرة سنة 2017 ببلاغ صادر عن ثلاث هيئات رسمية (بنك المغرب ومكتب الصرف والهيئة المغربية لسوق الرساميل)، وأعاد التأكيد على ذلك في أبريل المنصرم، لكن ذلك لم يمنع عدداً من المواطنين من التداول فيها. ولا توجد أرقام رسمية حول عدد المتداولين المغاربة بالعملات المشفرة، لكن منصة "ترابل إيه"، التي يوجد مقرها في سنغافورة، والمتخصصة في التداول في العملات المشفرة، تقدر عددهم ب900 ألف مغربي. واستند المغرب في قرار منع التداول بالعملات المشفرة إلى المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار صرفها، بالإضافة إلى استخدامها لأغراض غير مشروعة أو إجرامية، لاسيما غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وكان بنك المغرب أسس لجنة خاصة لدراسة موضوع العملات المشفرة والعملة الرقمية للبنك المركزي، قام أعضاؤها بدراسة حالات دول عدة في ما يخص تأطير هذه العملات. وبحسب صندوق النقد الدولي فإن 100 دولة مهتمة بموضوع العملات الرقمية، فيما بادرت دول مثل البهاماس ونيجيريا إلى إطلاق بعض العملات الرقمية؛ بينما مازالت دول أخرى مثل المغرب تدرس سلبياتها وإيجابياتها. ورغم غياب تأطير قانوني واضح يمنع تداول العملات المشفرة فإن محاكم المغرب بتت في السنوات الماضية في عدد من الملفات المرتبطة بالموضوع. وقالت محكمة النقض كلمتها في هذا الصدد وأصبح قرارها اجتهاداً قضائياً يعتمد عليه. ونظرت محكمة النقض العام الماضي في ملف توبع فيه شخص من أجل "جنح احتراف تلقي الأموال من الجمهور والقيام بعمليات الائتمان بدون اعتماد قانوني وتحويل الأموال بشكل غير مشروع وبدون ترخيص من مكتب الصرف". وحكم على المعني بالأمر في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بسنة ونصف حبساً نافذاً وغرامة نافذة قدرها 100 ألف درهم، وبأدائه لفائدة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشر ذعيرة مالية نافذة قدرها 11.2 مليون درهم، ومبلغ 2.2 مليون درهم. واستندت المحكمة إلى مقتضيات المادة الأولى من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها التي تنص على أن هذه المؤسسات هي المخولة قانوناً باحتراف واعتياد عمليات تلقي الأموال من الجمهور وتوزيع الائتمان ووضع مختلف وسائل الدفع رهن تصرف العملاء والقيام بإدارتها. كما أشارت المحكمة إلى أن القانون سالف الذكر في مادته الخامسة خص البنوك بعملية توظيف القيم المنقولة أو المنتجات المالية والاكتتاب فيها وشرائها وإدارتها وحراستها وبيعها؛ وتعاقب المادة 183 منه كل شخص يقوم بشكل اعتيادي بتلك الأنشطة المالية الواردة في المادة الأولى. ورأت محكمة النقض أن اعتراف المعني بالأمر باحتراف تحويل العملة المغربية إلى عملة أخرى يتداولها بها في مجموع من المنصات الإلكترونية لتبادل المعاملات المالية بما يعادل قيمتها باليورو أو الدولار، وكذا في عملات إلكترونية باستعمال البيتكوين، يعتبر تحويلاً غير مشروع وبدون ترخيص من مكتب الصرف.