أثار نجيب بوكيلي، رئيس السلفادور، الكثير من الجدل خلال الأسبوع الجاري، بعدما روّج بأن الاجتماع السنوي للتحالف من أجل الشمول المالي (AFI) الذي احتضنته بلاده ناقش بشكل أساسي البيتكوين. ونشر بوكيلي، ذو الأصول الفلسطينية والبالغ من العمر أربعين عاما، تغريدات على حسابه "تويتر" أدرج فيها البنوك المركزية المشاركة في الاجتماع الذي احتضنته بلاده بداية الأسبوع الجاري وحاول الترويج لعملة البيتكوين بشكل كبير. وتعتبر السلفادور أول دولة في العالم تعتمد البيتكوين عملة قانونية؛ لكن ذلك خلق لها صراعا مع صندوق النقد الدولي، الذي أوصى في يناير الماضي توقفها عن استخدام البيتكوين كعملة قانونية بسبب المخاطر المالية. وتصل قيمة عملة بيتكوين حاليا حوالي 30 ألف دولار، بعدما كانت العام الماضي في حدود 67 ألف دولار. ولاحظ عدد من المهتمين المغاربة بالعملات المشفرة حضور اسم بنك المغرب ضمن لائحة المشاركة في الاجتماع التي نشرها بوكيلي على حسابه "تويتر"، لتبدأ التأويلات بأن المملكة تتجه بشكل رسمي للاعتراف بعملة البيتكوين؛ لكن مصدرا مطلعا أوضح لهسبريس أن المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة هو الذي شارك في الاجتماع السنوي للتحالف من أجل الشمول المالي والذي يضم دولا عديدة، من بينها المغرب، وهو تجمع يسعى إلى تحقيق الشمول المالي، أي استفادة جميع المواطنين من الخدمات المالية والبنكية. وذكر المصدر أن المرصد شارك في مجموعة العمل الخاصة بالشمول المالي ومجموعة فرعية أخرى تهتم بتجميع المعطيات الخاصة بالمقاولات، وهو موضوع ضمن اهتمامات المرصد. وحسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس، فإن المرصد مثّل بنك المغرب ضمن المجموعة الخاصة بالشمول المالي، ولم يشارك في أي نقاش حول العملات المشفرة. وتأسس المرصد سنة 2013 من قبل فاعلين عموميين وخواص، ويترأس مجلسه الإداري والي بنك المغرب، ويضم وزارات الاقتصاد والمالية والتجارة والمندوبية السامية للتخطيط والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومكتب الملكية الفكرية والصناعة والبنوك والاتحاد العام لمقاولات المغرب. وليست المرة الأولى التي يشارك فيها المغرب في الاجتماعات السنوية للتحالف من أجل الشمول المالي، ويأتي الاجتماع الذي احتضنته السلفادور بعد دورات نظمت بشكل افتراضي بسبب جائحة كورونا. وإلى حد الساعة، يمنع المغرب التعامل بالعملات المشفرة؛ فقد سبق للهيئات الرسمية أن حذرت أكثر من مرة المتعاملين بها، ونبهت إلى أن الأمر يتعلق بنشاط غير مقنن ويتسم بنوع كبير من التقلب وبالتالي عدم حماية المستهلك. وفي شهر أبريل المنصرم، صدر بلاغ مشترك لبنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل ومكتب الصرف جرى فيه التأكيد على أن التداول بهذه العملات يمكن أن يستعمل لأغراض غير مشروعة. وعلى الرغم من هذا الموقف الحاسم من تداول العملات الرقمية، فقد أحدث بنك المغرب السنة الماضية لجنة خاصة لدراسة موضوع العملة الرقمية في أفق اعتماد إطار قانوني يحيط بكل حيثيات هذا الموضوع. وفي ظل غياب مرجع قانوني واضح في هذا الصدد، بتت محاكم المغرب خلال السنوات الأخيرة في عدد من الملفات المتعلقة بالتداول في العملات الرقمية بعضها وصل إلى محكمة النقض التي قالت كلمتها فيها وأصبحت اجتهادا قضائيا. وقد نظرت محكمة النقض، العام الماضي، في ملف توبع فيه شخص من أجل "جنح احتراف تلقي الأموال من الجمهور والقيام بعمليات الائتمان بدون اعتماد قانوني وتحويل الأموال بشكل غير مشروع وبدون ترخيص من مكتب الصرف". وحكم على الشخص المعني في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بسنة ونصف السنة حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 100 ألف درهم، وبأدائه لفائدة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشر ذعيرة مالية نافذة قدرها 11,2 مليون درهم ومبلغ 2,2 مليون درهم. واستندت المحكمة إلى مقتضيات المادة الأولى من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها التي تنص على أن هذه المؤسسات هي المخولة قانونا احتراف واعتياد عمليات تلقي الأموال من الجمهور وتوزيع الائتمان ووضع مختلف وسائل الدفع رهن تصرف العملاء والقيام بإدارتها. كما أشارت المحكمة إلى أن القانون سالف الذكر في مادته الخامسة خص البنوك بعملية توظيف القيم المنقولة أو المنتجات المالية والاكتتاب فيها وشرائها وإدارتها وحراستها وبيعها، وتعاقب المادة 183 منه كل شخص يقوم بشكل اعتيادي بتلك الأنشطة المالية الواردة في المادة الأولى. ورأت محكمة النقض أن اعتراف الشخص المعني باحتراف تحويل العملة المغربية إلى عملة أخرى يتداولها بها في مجموع من المنصات الإلكترونية لتبادل المعاملات المالية بما يعادل قيمتها بالأورو أو الدولار وكذا في عملات إلكترونية باستعمال البيتكوين يعتبر تحويلا غير مشروع وبدون ترخيص من مكتب الصرف.