احتضنت دار الثقافة محمد الخمار الكنوني بالقصر الكبير، الجمعة، ندوة حول موضوع مستجدات التنظيم القضائي بالمغرب، وهو النشاط المنظم من طرف المركز المغربي للحكامة والدفاع عن حقوق الإنسان ومواكبة أعمال التشريع والقضاء بإقليم العرائش. وناقشت الندوة جوانب ذات راهنية بالموضوع على مستويات القراءة النقدية لأبرز مستجدات القانون 38.15، وترتيب الآثار على قرار المحكمة الدستورية، وسؤال دمقرطة الجمعيات العامة للمحاكم، ومقاربات أخرى من زوايا مختلفة... وتناولت لبنى الصغير، عضو لجنة العدل والتشريع بالبرلمان المغربي، موضوع الندوة بقراءة تحليلية ونقدية، مذكرة بالمسافة الزمنية التي قطعها إعداد التنظيم القضائي بالمغرب (ثلاث ولايات تشريعية)، ما حظي باهتمام متدخلين متعددين من أجل تسهيل وتبسيط العمل داخل المحاكم، واستكمال ركائز العدالة وفق ما ورد بدستور البلاد والخطب الملكية السامية وتوجيهاتها. وأشارت المتحدثة ذاتها إلى "رسالة الإحالة " في 16-1-2019، واعتبار قرارات المحكمة الدستورية إلزامية، وما ورد بالتنظيم القضائي من تعديلات قاسمها تجويد النصوص؛ وذلك على مستويي الخريطة القضائية والهيكلة الإدارية للمحاكم. من جانبه قدم عبد الرزاق عريش، رئيس قسم الدراسات التشريعية في مديرية التشريع بوزارة العدل، قراءة في أهم مقتضيات مشروع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي المندرجة في إطار ترتيب الآثار على قرار المحكمة الدستورية رقم 89/19 الصادر في 8 فبراير 2019. وأشار عريش إلى "رسالة الإحالة"، وإلى تصور الحكومة لمجموعة من المقتضيات، من قبيل تنظيم كتابة الضبط، وكتابة النيابة العامة والفصل بين المهام، وتراجع مؤسسة الكاتب العام، وكيفية انعقاد الجمعية العامة للمحكمة ووضعها لبرنامج العمل... أما عصام بن علال، عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجةتطوانالحسيمة، فتحدث عن مستجدات التنظيم القضائي، معتبرا أنها بطبيعة راهنية تهدف إلى تيسير الولوج إلى المؤسسات الناظمة للعدالة، مع إشارته إلى كون التنظيم يضم 110 مواد تحدد تقاطعات الهيئات المتدخلة؛ كما أكد على تلاؤم "التنظيم" مع ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. وأشار المتحدث ذاته إلى تيسير التنظيم القضائي بالمغرب للحق في الوصول إلى المعلومة القانونية، ومأسسته للحق في التعويض عن الخطأ القضائي، مستحضرا بعض الإشكالات العملية التي من المنتظر أن تواجه "التنظيم" عند تنزيله، من قبيل العودة لهيئة القضاء الجماعي. وقال إسماعيل الجباري، عضو هيئة المحامين بطنجة، إن الحديث في الموضوع يعد شكلا من أشكال تقييم السياسات العمومية، معتبرا ذلك ينسجم ما ورد بالتنظيم القضائي مع مقتضيات دستور 2011 التي نصت على استقلالية السلطة القضائية، وحدود تدخلها. وأشار المتحدث ذاته في مداخلته "السلطة القضائية سياسات ومؤسسات" إلى "مبدأ وحدة القضاء"، متسائلا: "إلى أي حد يتم التنسيق على مستوى السياسات العمومية؟"، ليختم بكون كل التعديلات جاءت لتعزيز ضمانات الحريات وحقوق المرتفقين. بدوره قدم محمد الحاجي، عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، قراءة في قانون التنظيم القضائي المصادق عليه: "سؤال دمقرطة الجمعيات العامة للمحاكم"، منطلقا من تساؤله عن عمومية النقاش، باعتبار الموضوع بطبيعة خاصة، وبحثه عن سنده ليجد الجواب في إعمال الديمقراطية التشاركية وتجويد العمل القضائي وصناعة التشريع. وقارن الحاجي بين تشريع 1974 ومستجدات التنظيم القضائي الجديد، الذي يقلص من دور الجمعيات العمومية لفائدة مكتب المحكمة؛ هذا المكتب الذي يحتاج توضيح المقتضيات المرتبطة به، خاصة تلك التي تخص النصاب القانوني وكيفية الدعوة. وأشار محمد ناجم، أستاذ جامعي بالكلية متعددة التخصصات بالقصر الكبير، في مداخلته "راهنية السلطة القضائية بين الوثيقة الدستورية والتنزيلات القضائية"، إلى أهمية الوثيقة الدستورية (دستور 2011) لتحقيق مكسب استقلال القضاء، مقدما المسار الكرونولوجي لتطور التنظيم القضائي بالمغرب، حيث اعتبر التنظيم الحالي معلقا مادام لم يصدر بعد بالجريدة الرسمية. وقال الأكاديمي ذاته إن هذا التنظيم من حيث الشكل استطاع جمع شتات العديد من النصوص التنظيمية القضائية في مدونة واحدة، مسجلا تخوفات بخصوص مجموعة من النقط التي تخص الجمعية العامة للمحكمة، وكيفية المصادقة وعدد المصوتين. وتساءل محمد العرج، رئيس كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بطنجة، عن أدوار الإدارة القضائية، مشيرا إلى صعوبة الفصل بين العمل القضائي وشبه القضائي، ومستحضرا تجارب عالمية وموقع التنظيم القضائي المغربي منها. حمزة بنفضول، عن الكتابة الإقليمية للمركز المغربي للحكامة والدفاع عن حقوق الإنسان ومواكبة أعمال التشريع والقضاء بإقليم العرائش، أوضح أن موضوع مستجدات التنظيم القضائي مادة دسمة للنقاش القانوني، مبرزا أن ندوة اليوم جزء منه بمشاركة مشارب مختلفة. بدوره اعتبر رشيد الصبار، عن المركز المنظم، الندوة توطيدا للمؤسسات القضائية والحقوقية، مشيرا إلى أن المركز سطر برنامجا يتضمن ملفات تلامس المصالح المباشرة للمواطنين، كهدر الزمن القضائي وتنزيل الحكامة إلى النقاش العمومي؛ وكذا عزم المركز تنظيم الملتقى الأول للعلوم القانونية في الشهور القليلة المقبلة.