تسعى الجزائر إلى تجاوز التقارب المغربي الإسباني من خلال الانفتاح على موريتانيا، التي أصبحت تمثل ورقة رابحة في المنطقة بالنسبة للجار الشرقي للمملكة، خاصة بعد "الموقف التاريخي للحكومة الإسبانية الداعم لمقترح الحكم الذاتي". وتحاول الجزائر تثبيت أقدامها في الجنوب المغربي بعد قرار إنشاء خط جديد للنقل البحري للبضائع والسلع يربط الموانئ الجزائرية بنظيرتها الموريتانية، هو الأول من نوعه. وقعت موريتانياوالجزائر، أمس الأربعاء في نواكشوط، اتفاقيات عدة بشأن المحروقات والغاز، تتعلق إحداها بإمكانية تركيب خط لنقل الغاز بين البلدين، في محاولة لتعويض أنبوب الغاز المغاربي. كما تم الاتفاق على إنشاء وبناء خطوط أنابيب نقل الغاز بين البلدين، ودراسة فرص التعاون في مجال استخدام غاز البترول المسال (GPL) والغاز الطبيعي (GNC) كوقود للسيارات. وحظرت الجزائر ترويج المنتجات الإسبانية واستيرادها بشكل نهائي، حيث أبلغت سلطات الجمارك الجزائرية التجار المحليين بأن استيراد المنتجات الإسبانية محظور ويجب عليهم البحث عن أسواق بديلة. وقال محمد سالم عبد الفتاح، محلل خبير في نزاع الصحراء، إنه "لا يمكن عزل الضغوط التي تمارسها الجزائر، سواء على إسبانيا أو موريتانيا، عن التقدم الذي يعرفه مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي والتطورات التي يشهدها ملف الصحراء". وأوضح الخبير المغربي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الجزائر تتوجس من التنافسية التي يمكن أن يشكلها مشروع أنبوب الغاز النيجيري الجديد على حصة صادراتها من الغاز إلى السوق الأوروبية، خاصة بعد مصادقة نيجيريا رسميا على المشروع، كما تستشعر التداعيات التي تنجم عن تغير الموقف النيجيري إزاء قضية الصحراء". وتابع المحلل السياسي نفسه بأن الجزائر تحاول ثني إسبانيا عن المضي نحو التقارب مع المغرب بعد تجديد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، موقف بلاده الداعم لوحدة المغرب الترابية، خاصة وأن بلدانا عدة بالقارة الأوروبية باتت تعلن تأييدها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء. واعتبر محمد سالم أن "سلوك الجزائر المتشنج إزاء إسبانيا ومحاولاتها الحثيثة لابتزاز موريتانيا، يفضح تورطها في النزاع حول الصحراء، كونها طرفا مباشرا فيه، بعد أن عكفت طوال عقود من الزمن على تقديم نفسها كمجرد داعم لمبدأ تقرير المصير". كما يكشف هذا السلوك، وفق تعبير المحلل السياسي عينه، فشل "الحرب بالوكالة" التي عكفت عليها البوليساريو أيضا ضمن التنافس الإقليمي بين المغرب والجزائر.