تزايد اهتمام روسيا بخط مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا، يطرح معه الكثير من التساؤلات حول أهداف ونوايا موسكو، بشأن هذا المشروع الضخم، باعتباره استثمارا سيعود بأرباح طائلة على كافة الأطراف التي ستشارك فيه، ويوفر لها، بدائل للطاقة، خاصة أن خط الأنابيب الفاصل بين نيجيريا والمغرب سيمر عبر المياه الإقليمية ل 13 دولة، ينتمي معظمها إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. ويرى سالم عبد الفتاح، خبير في الشأن الدولي، أن "الاهتمام الروسي بمشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، يأتي في سياق سعي روسيا للتموقع في وسط وشمال القارة السمراء، بحكم أهمية المجال الإفريقي ضمن معادلة صراع روسيا مع القوى الغربية، حيث بات الروس يعتمدون مقاربة استباقية في مجموعة من الملفات منذ خسارتهم لحليف قوي في المنطقة المغاربية بعد الإطاحة بالزعيم اللبيبي الراحل معمر القذافي في خضم ما بات يسمى ب"الربيع العربي".
وأضاف المحلل السياسي، في تصريح ل"الأيام24″، أن "طبعا الروس يتموقعون حالي في مجموعة من دول منطقة الساحل، ويمارسون إنزالا أمنيا عبر ذراعهم الأمني فاغنر، خاصة بليبيا، مالي وبوركينا فاسو، لكن المحاولات التي يعكفون عليها حاليا لطرق مجال الإستثمار في مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، تأتي ضمن سعيهم للتحكم في أسواق الطاقة العالمية، بحكم أن روسيا تعد أكبر المصدرين للغاز في العالم، ولا سيما بالنسبة لسوق الغاز بأروبا التي يرفضون المساس بحصتهم فيها.
وأوضح الخبير في شؤون الصحراء، أنه "رغم التقارب المسجل بين روسياوالجزائر بحكم أن الأخيرة تعد من أكبر زبناء السلاح الروسي، إلا أن تعارض مصالح الجانبين بخصوص تنافسهما على سوق الغاز لدى بلدان أوروبا، يجعل روسيا تقف في منطقة أقرب للحياد بخصوص الصراع الإقليمي الذي تشهده المنطقة المغاربية بين المغرب والجزائر. ففي حين تعترف روسيا ضمنا بالسيادة المغربية على الصحراء، من خلال اتفاقية الصيد البحري التي تجمعها بالمغرب والتي تشمل سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة وتم تجديدها في نونبر 2020 للمرة الثامنة منذ 1992، ترفض (روسيا) توظيف حق النقض الذي تتمع به داخل مجلس الأمن لعرقلة القرارات التي تصب في صالح المغرب، لا سيما القرار الأخير بخصوص ملف الصحراء والصادر في أكتوبر الماضي، والذي اعترضت عليه الجزائر والبوليساريو عبر بيانات وتصريحات رسمية صادرة عنهما، وتكتفي في بعض الأحيان بإبداء التحفظ أو الإمتناع عن التصويت.
واعتبر سالم عبد الفتاح، أن "اللافت أيضا أن روسيا سبق أن أبدت رفضها لمسودات قرارات طرحت على مجلس الأمن هدفها توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة وضعية حقوق الإنسان، في تأييد روسي واضح للموقف المغربي الذي أبدى رفضه للمقترح. في المقابل يبدي المغرب مواقف متحفظة أيضا إزاء الصراع المستعر بين روسيا والغرب، ويكتفي بالتغيب عن جلسات الجمعية العامة ومجلس الأممالمتحدة اللتان أثيرت فيهما مطالب بطرد روسيا من الهيئات الأممية.
وأشار إلى أنه "بالتالي فمن خلال مراجعة تعاطي روسيا مع قضية الصحراء سواء من خلال الإتفاقيات التي تجمعها بالمغرب، أو من خلال مواقفها المتحفظة إزاء قرارات مجلس الأمن ال أو الداعمة للمغرب بخصوص ملف الصحراء على مستوى الهيئة الأممية، فيتببين أن أهداف التواجد الروسي في منطقة الساحل وسيعيها للإستثمار في مشاريع تصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا، هدفها الأساسي هو التموقع في المنطقة ضمن معادلة صراعها مع الغرب، إلى جانب التحكم في حصص منافسيها في أسواق الغاز العالمية، ما سيجعلها عمليا في مواجهة مع الجزائر رغم التقارب التاريخي الذي يجمعهما.
جدير بالذكر أن وزير البترول النيجيري، تيميبري سيلفا، أعلن يوم الاثنين الماضي، أن الشريكين الرئيسيين لخط الأنابيب هذا، هما نيجيريا والمغرب، ويبحثان حاليا عن الدعم المالي لجعل خط الغاز هذا حقيقة واقعة، ومن المقرر أن يصبح هذا الخط 5650 كلم، ثاني أطول خط أنابيب في العالم بعد خط الصين أكثر من 8000 كلم.
وكانت انطلاقة المشروع الضخم لأنبوب الغاز المغرب -نيجيريا، الذي انطلقت دراسة جدواه في ماي 2017 بتكلفة عدة ملايير، قد أعطيت خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الملك محمد السادس إلى أبوجا، في دجنبر 2016، وتم توقيع اتفاق خاص به في 10 يونيو 2018، خلال الزيارة التي قام بها للرباط الرئيس النيجيري محمادو بوخاري.