"أُمَّاهُ قد أزف الرحيل فهيئي كفن الردى، أماه إني زاحف للموت لن أترددا".. هي كلمات منظومة وشعر يحوي معاني تنطبق على حال جماهير كرة القدم في المغرب لسنوات، بعدما حملت السنوات الماضية معها ذكريات مؤلمة ل"شهداء" الملاعب الوطنية. في ريعان الشباب، غادر محبون لفرقهم الحياة مرغمين، إما بسبب شغب نتيجته صراع واهٍ بين أنصار فريقين، أو لحادث أليم أذاق عائلاتهم ورفاقهم من مرارة الفقدان، وألوان الفرق لا قيمة لها أمام اللون الأخير.. لون الكفن الأخير. التولع ب"الجلد المدور" رافق نشأة "الأولتراس" أكثر من الجيل السابق، فاختيار التعلق بمبادئ تقيدك بحب الفريق حتى بعد انتهاء المباريات ونكران الذات والتضحيات التي لا تحصى، جعلتها جماهير التصقت بها كلمة الوفاء، وفاء يجازى به البعض بالموت أو عاهة مستديمة. الأولتراس نعت منذ ظهورها العشرات من أعضائها إن لم نقل المئات، فيهم من أعاد الأمانة إلى بارئها لحوادث سببها الشغب، وآخرين تتذكرهم الجماهير لما قدموه في سبيل حب الفريق والمجموعة. حادث سير مميت يبكي طنجة أبكى حادث سير مميت لجماهير فريق اتحاد طنجة، المدينة الشمالية بأكملها، بعد فقدان 6 شباب عائدين من مباراة ناديهم أمام حسنية أكادير يوم الاثنين الماضي، وهي فاجعة تألّم لها الجميع دون حزازات أو تعصب. "الكورفا نور" تنعي حمزة نعت المدرجات الشمالية لمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، التي تجلس فيها "أولترا وينرز"، الفصيل المشجّع للوداد الرياضي، صديقها حمزة خلال مباراة النجم الساحلي التونسي في البطولة العربية يوم السبت، وظلَّت تحتفي بروحه وتترحَّم عليها بحضور عائلته في وسط الجماهير في مشهد مؤثر جدا. أَحداث "السبت الأسود" أحداث "السبت الأسود" سنة 2016، تعيدنا إلى صراع بين فصيلين مشجعين لفريق الرجاء البيضاوي، وأودت بحياة مناصرين رجاويين في سن صغيرة، وخلفت ردود أفعال ثائرة تجاه هذه المجموعات، لكن القدر كتب لهما إنهاء حياتهما في مكان يقضيان فيه أزهى الأوقات وتبطل فيه جميع الأحكام أو العلاقات، إلا حب الفريق. بيدرو فينومينو.. شعار "البلاك آرمي" رَاح ضحية حادث سقوط من سطح المكتبة الوطنية في أكدال سنة 2013، بدر الدين عضو "أولترا بلاك آرمي" المشجعة للجيش الملكي، فلم تقدر الجماهير على نسيان فراقه، وأهدت روحه أنشودة "بيدرو فينومينو". جنازة التطواني زايد شَيَّعت الجماهير التطوانية وأنصار ومحبي فريق المغرب التطواني، جنازة المرحوم زايد سنة 2012، بعد أحداث شغب عرفتها إحدى المباريات في البطولة، وهو حادث تفاعل معه سكان المدينة وكل المدن المغربية، وخلَّف جرحا غائرا وحزنا عميقا في تاريخ الأولترات. السرطان يبعد أيوب عن حسنية أكادير فَارَقَ أيوب إحيس، ابن مدرسة فريق حسنية أكادير، الحياة، بعد معاناة مع مرض السرطان، سنة 2017، وشكلت وفاته صدمة قوية في صفوف جماهير ومسيري حسنية أكادير، خاصة وأنه من المنتمين إلى "أولترا إيمازيغن"، ومحب لفريقه وعاشق له حتى النخاع. ولا تقتصر قائمة الراحلين على من ذكروا فقط، فقد عاشت المدرجات أياما حزينة، والتحفت ثوب الحداد على أرواح تتذكرها في كل أفراحها، كما لا تختار الموت لا شعار فريق أو لون قميصه؛ لكن الأهم أن الملاعب لا بد وأن تستمر في الرقي بأفكار جماهيرها، ويسود الاحترام والروح الرياضية للحد من الوفيات في الميادين الكروية.