"أربعاء أسود" قاتم كقلوب فئة محسوبة على جماهير فريق الرجاء البيضاوي، اختارت أن تلعب دور بطولة مشهد قاتم، كان يبدو في الصبيحة أنه "ديبلاصمون" عاد لمتابعة مباراة كرة قدم، قبل أن يتّضح مع غروب شمس اليوم ذاته أنها جريمة في حق جلد مدور أضحى يتبرّأ من صور تلطخه، ويتعلّق الشأن بتعرض حافلة الفريق "الأخضر" إلى سطو "هوليودي" وهي في طريق عودتها إلى الدارالبيضاء. قصة ساعة ونص في الطريق السيار، أمر اعتيادي تهون فيه معاناة آلاف جماهير "العالمي"، وهي التي جالت العالم بأسره وفاء لشعار "النسر الأخضر"، فلم تثنها لا الظرفية ولا النتائج السلبية في أن تجد مكانا لها في الملعب البلدي لمدينة واد زم. هناك تبادل المضيف والضيوف التحية وكان كل شيء على ما يرام خلف ضابط الإيقاع والسمفونية، يؤشّر على الصمت. يصمت الجميع فتنطلق المعزوفات، وحتى لما تتشنّج الأعصاب لحظة تسجيل الهدف في مرمى أنس الزنيتي، يسترجع الجميع أنفاسهم ليتواصل التشجيع. الرجاء منهزمة بهدفين ومنقوصة العدد. المنافسة على اللقب ضاعت بصفة شبه نهائية وحتى المستوى لم يعد يرق الأنصار، عبارات سرعان ما بدأت تلعب على الوتر الحساس لكبرياء "الرجاويين"، في وقت أصبح الحامل للقميص الأخضر مستهدفا كيفما كان اسمه.. نال عبد الجليل اجبيرة نصيبه من الشتم والسب، تلاه اسماعيل بلمعلم، زكرياء حدراف، المدرب غاريدو، ثم الجميع ..ارتفعت بعدها وتيرة الضغط في المدرج "الرجاوي"، لتسبّب مناوشات صغيرة في بداية شرارة عراك كبير، سرعان ما تدخل ذوو النوايا الصالحة لتفادي تطوّره إلى ما لا تحمد عقباه، في الوقت الذي تحوّلت أرضية الميدان إلى منطقة لرمي الحجارة، القارروات، الأحذية ..إلخ.. انتهت المباراة بهزيمة الرجاء بثلاثية، في الحين الذي ظلّت فيه الأجواء مكهربة ولا تبشّر بنهاية يوم هادئة، كما أن المدرب واللاعبين استشعروا خطورة ما سيحدث لاحقا، إذ لم يشأ الأول مغادرة مستودع الملابس صوب مكان الندوة الصحفية إلا بعد تأمين ممره من داخل أرضية الميدان، حيث الجماهير لازالت محاصرة في المدرجات، فيما طالب الآخرون بتوجيه رسالة إلى الجماهير عبر "هسبورت" على غير عادته. خرجت حافلة الرجاء من مدينة واد زم في ظروف جيدة، بينما حاول البعض توجيه شعارات اللوم والغضب للاعبين أثناء مرورهم بجوارها عبر الطريق السيار، فيما كان البعض الآخر يتربّصون بها من أجل تنفيذ مخططهم، حيث كانت العدة موجودة من "شماريخ طائرة" وحجارة ضخمة، استعملت من أجل ترهيب البعثة "الخضراء"، اعتقادا منهم أن العمل الإجرامي يدخل ضمن قاموس التشجيع الرياضي، إلا أن الواقع هو أن الفعل لا يعدو إلا أن يكون تلطيخا لرمزية شعار الرجاء ولو على حساب التضحيات والوفاء. قد تنقشع الغمامة ويستفيق "الرجاويون" على الفوز بكأس العالم وقد يرحلون مع الفريق إلى زحل من أجل المنافسة على كأس الكواكب إن وجد، إلا أن صورة العميد بدر بانون، على سبيل الذكر، وهو يتأسف على واقع الحال، قد تحرّك ولو قليلا من الغريزة الإنسانية. إن ما ارتكب بعيد كل البعد عن الإطار الرياضي الشريف.. هل يصدق العقل أن تؤذي بحجر طائش من كان بالأمس القريب مصدر سعادتك؟.. هل يقبل العقل أن يلطخ "رجاوي" تاريخ وسمعة فريقه بطيش لحظة؟.. إن كان فعلا يمكن اعتبار ما حصل يدخل في إطار سلامة العقل البشري.