يَبدو أن مبدأ "المصلحة" و"التصويت السياسي" سيظل صامدا مترسّخا في طريقة اختيار البلد المنظّم لنهائيات كأس العالم لكرة القدم، على الرغم من "النوايا" الحسنة، التي أظهرها القائد الجديد لإمبراطورية الاتحاد الدولي لكرة القدم، السويسري جياني إنفانتينو، عبر إحداث "مجلس فيفا"، مكون من 34 عضوا، بدل المكتب التنفيذي، ورمي "جمرة" اختيار البلدان المنظّمة للمونديال في ملعب الاتحادات الكروية، بعد أن كانت العملية حكرا على أعضاء مكتب "فيفا" ال24. وعلى الرّغم من توسيع "فيفا" دائرة المصوّتين عبر العالم إلى 207 اتحادات كروية، بعد سحب أصوات المرشحين الأربعة للتنظيم، وهم المغرب، أمريكا، المكسيك وكندا، إلا أن مصدر التصويت لا يكوّن دهاليز الاتحادات أو الجامعات الرياضية، بل الغرف الحكومية والتعليمات السياسية، التي توجّه صوتها بعيدا عما هو رياضي في الغالب، وخدمة للمصالح السياسية أو الاقتصادية لهذه البلدان بغض النظر عن الجوانب الكروية والرؤية الخاصة بكرة القدم. المملكة العربية السعودية برزت كأكثر دول العالم، التي حاولت الاستفادة سياسيا من عملية التصويت على ملفات المرشحين لتنظيم "مونديال" 2026، عبر وضع أزمة الخليج ركيزة للتفاوض مع الراغبين في نيل شرف التنظيم بين المغرب ودول أمريكا، والضغط على ملف المملكة، من خلال محاولة التأثير على موقفها السياسي المحايد في النزاع الحاصل بين قطر من جهة وكل من السعودية، الإمارات، البحرين ومصر من جهة ثانية. وفي الوقت الذي نزل المغرب بثقله قبل 10 أيام خلال اجتماع اتحاد غرب آسيا، الذي يضم 12 اتحادا كرويا عربيا بينها الثلاثي السعودية والبحرينوالإمارات، من أجل ضمان تصويتهم على الملف المغربي، الذي يعوّل كثيرا على أصوات إفريقيا وعرب آسيا، ظهرت تجاذبات جديدة قادتها السعودية عبر إشارات واضحة من تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية، والذي اشترط دعم المغرب بانضمام الأخير إلى قائمة مقاطعي قطر أو ما يسمى "دول الحصار"، مع العلم أن قطر ودول أخرى في الاتحاد الإقليمي الآسيوي ذاته، أكّدت دعمها للملف المغربي. الأكيد أن الموقف السياسي للمغرب تجاه أزمة الخليج لا يمكنه أن يتغيّر لمجرد صوت واحد في ملف "مونديالي" بين 207 أصوات عبر العالم، إلا أن تحرّكات من جهات عليا ستلوح في الأفق من أجل الحد من "مهاترات" السعودي آل الشيخ، رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، والتي من شأنها التأثير سلبا على باقي دول الاتحاد المفروض به مناصرة الملف العربي المغربي، خاصة الإماراتوالبحرين. "مساومات" السعودية قد تكون معيقة للمغرب في حال تحولت "مهاترات" آل الشيخ إلى "قرارات" سياسية، وتعليمات تجاه دول عربية أخرى موالية للسعودية في نزاعها مع قطر، خاصة وأن "بلاد الحرمين"، قد سبق وضمنت تأييدا نسبيا من قبل دول عربية أخرى مثل الأردن، وهي تفاصيل تفرض على المسؤولين على ملف ترشح المغرب التعامل مع التطورات الجديدة بحكمة وحذر شديدين.