يتوقع خبراء في الشؤون الرياضية أن تؤدي الأزمة الدبلوماسية الحادة التي اندلعت بين عواصم خليجية عدة والدوحة، إلى انعكاسات سلبية على استضافة قطر المرتقبة لكأس العالم 2022 في كرة القدم. وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر واليمن، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، موجهة إليها تهمة "دعم الارهاب" وزعزعة الاستقرار في المنطقة. ولقيت هذه الخطوة التي شملت سحب السفراء وإغلاق المجال الجوي والحدود البرية والمنافذ البحرية، انتقاد الدوحة التي رأت فيها سعيا إلى "فرض الوصاية" عليها. كما يتوقع أن تنعكس الخطوة على كأس الخليج العربي "خليجي 23" المقرر أن تستضيفها قطر في ديسمبر/كانون الأول المقبل. ونالت قطر في العام 2010 استضافة كأس العالم 2022، في خطوة مرتقبة لكونها المرة الأولى التي تقام فيها البطولة الكروية، الأبرز عالميا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على الرغم من أن فوز الملف القطري شابته اتهامات بالفساد ودفع الرشى. وكان الاستقرار الأمني والسياسي الذي تنعم به دولة قطر، أحد الأعمدة الأساسية في ملف ترشحها، إضافة إلى البنية التحتية الضخمة والمنشآت الحديثة التي ستكلف عشرات مليارات الدولارات. وتدفع الأزمة الراهنة إلى طرح علامات استفهام حول الاستقرار السياسي في الخليج، والذي قد يؤثر سلبا على استضافة بطولة من هذا الحجم، علما أن دولا عدة قد تكون مستعدة لاستضافة المونديال، وإن لم تحظ بفترة طويلة للتنظيم والتحضير. وسبق أن طرح اسم الولاياتالمتحدة، التي خسرت أمام قطر في السباق إلى مونديال 2022، كبديل محتمل للاستضافة في حال لم تقم البطولة الكروية في قطر لأي سبب من الأسباب. وأتى قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد نحو أسبوعين من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، أعطت زخما للدور القيادي السعودي في الخليج، وشدد فيها ترامب خلال قمة في الرياض جمعته مع زعماء دول إسلامية، على ضرورة توحد هذه الدول في مكافحة التطرف. وأكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على أنه "على تواصل دائم" مع لجنة المشاريع والإرث، المسؤولة عن تنظيم كأس العالم في قطر. ان الأزمة الدبلوماسية الراهنة تطرح مسألة أساسية هي تقييم المخاطر والتخطيط للطوارىء بالنسبة إلى كأس العالم وتعمل قطر، على قدم وساق، تحضيرا لكأس العالم، وسط ورشة ضخمة تنفق عليها أسبوعيا 500 مليون دولار، على مشروعات البنية التحتية الرئيسية استعدادا لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين قطريين وتتوقع قطر أن تنتهي ثلثي الإنشاءات خلال ال 24 شهرا المقبلة هذا و قطر قد وقعت بالفعل 90 في المئة من عقود المنشآت اللازمة لاستضافة البطولة، اما الان فان العديد من الأسئلة تطرح بشأن ما إذا كانت قطر قادرة على الاستمرار في أعمال التطوير والتنمية الجارية حالياً من أجل تشييد منشآت لاستضافة كأس العالم وعدد من الفعاليات والمناسبات الدولية، وذلك في ظل إغلاق الحدود البرية الوحيدة لها، إضافة إلى القيود على الطيران مع العديد من الدول من بينها دبي. ومن المعروف أن الكثير من أعمال البناء والإنشاءات الجارية في قطر حالياً هي مشاريع تقوم بها شركات تتخذ من دبي مقراً رئيسياً لها، أو أنها شركات عالمية كبرى يتوزع العاملون فيها على مشاريع عملاقة في دبيوالدوحة. وان معبر أبو سمرة الحدودي بين قطر والسعودية يشهد يومياً مرور ما بين 600 و800 شاحنة محملة بالبضائع المختلفة، أما الخطوط الجوية القطرية فتُسير وحدها 19 رحلة يومياً من وإلى مطار دبي الدولي، هذا فضلا عن عشرات الرحلات التي تقوم بها الشركات الأخرى بين المدينتين، إضافة إلى 6 رحلات للخطوط القطرية بين أبوظبيوالدوحة. وفي حال استمرت هذه المقاطعة، ستواجه قطر مشاكل عدة، مثل صعوبة تنقل المشجعين إلى البلد المضيف للبطولة، بالإضافة إلى العوائق التي ستواجهها اللجنة المنظمة والعاملين على تنظيم المحفل العالمي. لاسيما أن استعدادات قطر لتنظيم مونديال 2022 ستتأثر بقرار الدول العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الخليجية، حيث من المتوقع أن تتفاقم أزمتها الاقتصادية، مع وصول إجمالي الدين الخارجي لها قرابة من 150% من الناتج المحلى الإجمالي، الأمر الذى سيضرب استعداداتها لاستضافة الحدث العالمي، كذلك منع وصول مواد البناء المستخدمة فى تشييد المنشآت الرياضية إلى قطر نتيجة اغلاق المنافذ البرية من جانب السعودية، ما سيؤدى لتأخر الانتهاء من بناء المشروعات المتعلقة بالمونديال. نقل مونديال 2022 من قطر لن تكون الخطوة الأولى من نوعها التي سيقدم عليها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، فقد كان من قبل في بطولة 1942 حين نقلت كأس العالم من ألمانيا إلى البرازيل بسبب ظروف الحرب وانعدام الشروط الموضوعية للأمن. فقد سبق أن قام بسحب تنظيم بطولة كأس العالم 1986 من كولومبيا ومنحه إلى المكسيك، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد كما تم نقل بطولة كأس العالم للناشئين من الإكوادور إلى إيطاليا عام 1991 بسبب تفشى مرض "الكوليرا"، ونقل بطولة كأس العالم للشباب من نيجيريا إلى قطر عام 1995 بسبب تفشى مرض "الالتهاب السحائى". و وفقا للقوانين واللوائح لا يوجد ما يقر سحب تنظيم الملف من قطر، ولكن قد يكون ما حدث وسيلة للوصول إلى هذا القرار. و أنه لا يجوز سحب تنظيم المونديال من قطر إلا بانعقاد جمعية عمومية بالفيفا ويتم التصويت بالموافقة على ذلك. ولهذا قد تحقق الفيفا في الامر و تدعو لجمعية عمومية اذا قامت إحدى الدول ذات النفوذ بالتدخل أو تقدمت بعض الدول بمذكرة لفيفا لسحب الملف من قطر" و"أمريكا قد تستغل الأمر سياسيا فهي دولة قوية صاحبة نفوذ، ووفقا لمعايير الفيفا لإقامة البطولات فإن استضافة البطولة من الممكن أن يسحب من قطر بسهولة لوجود توترات سياسية وأزمات مع الدول المجاورة"