مرة أخرى، صراع شرق أوسطي جديد يتصدر عناوين الصحف الإقليمية و العالمية، دول الخليج في نزاع غير مسبوق أفضى إلى عزل قطر بقرار سعودي إمارتي، وكالعادة لم تنعزل الرياضة عن مشاكل اللعبة السياسية، بل أصبحت من بين الأوراق الرابحة للضغط على الخصوم، بدليل أن قطر مهددة بعدم استضافة مونديال 2022. حيث توقع العديد من الخبراء في الشؤون الرياضية أن الأزمة الدبلوماسية المفروضة على قطر في المجال الرياضي سيكون لها تأثير مهم إذ ماطال أمدها. كان الأسبوع الماضي بالنسبة لدول الخليج حافلا بالإحداث المفاجئة، إذ أعرب رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد عن إمكانية نقل كأس العالم للأندية المرتقب إقامتها في قطر في أواخر غشت المقبل إلى دولة أخرى، بعد أن امتنع كل من النادي الأهلي المصري والنور السعودي عن المشاركة في البطولة، كما فسخ النادي الأهلي السعودي عقد الرعاية الذي يربطه بالخطوط القطرية للطيران التي ترعى النادي. وذكرت وسائل إعلام أن الاتحاد السعودي لكرة القدم حظر على كل اللاعبين والطاقم التقني من التواصل مع أي شبكة قطرية مثل قنوات «بي إن سبورت» و»الكأس» القطرية، وأعلنت السعودية إغلاق مكتب الجزيرة في الرياض، وفي الإمارات أوضح أحد عملاء شركة الاتصالات الإماراتية إن مشاهدة برامج شبكة "بي أن سبورتس" باتت متعذرة. قرار المقاطعة لم يتوقف هنا، بل امتد إلى دول أخرى حيث قررت أندية مصرية عدة، منها الأهلي والزمالك، هي الأخرى مقاطعة القنوات الرياضيةالقطرية، ورافقت هاته المقاطعات موجة من الاستقالات المتتالية لنجوم معروفين في عالم التحليل الكروي والتعليق الرياضي . وزاد الطينة بله تصريح نيكولا باي، أمين العام الحزب الفرنسي «الجبهة الوطنية» عندما اقترح تأميم نادي باريس سان جرمان، الذي تملكه قطر، وقال لاستعادة النادي يجب إفساح المجال أمام رؤوس الأموال الخاصة، وهو الذي لن يمنح الفرصة لقطر للتحكم في النادي بمنطق المساهم الأكبر. إن الأزمة الراهنة داخل البيت الخليجي تدفعنا إلى طرح علامات الاستفهام حول الاستقرار السياسي والأمني في منطقة العالم العربي، خاصة بعد اللقاء الذي جمع بين تركيا و قطر والذي توج بنشر قوات تركية إضافية على الأراضي القطرية، الشيء الذي قد يؤثر سلبا على استضافة بطولة من هذا الحجم. وتجدر الإشارة إلى أن دول عدة مستعدة لإقامة المونديال، وسبق أن طرح اسم الولاياتالمتحدةالأمريكية التي خسرت مع قطر في سباق المونديال 2022 كبديل محتمل للاستضافة في حال لم تقدم البطولة الكروية لأي سبب من الأسباب. يذكر أن قطر نالت في العام 2010 استضافة كأس العالم 2022، في خطوة مرتقبة لكونها المرة الأولى التي تقام فيها البطولة الكروية، الأبرز عالميا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على الرغم من أن فوز الملف القطري شابته اتهامات بالفساد. إن صراعات الشرق الأوسط أصبحت شبيهة بصراعات الموضة الموسمية، التي يجب أن نعاصرها بين الفترة والأخرى، حيث قال باسكال بونيفاس، أحد محللي الرياضة الجيوسياسية لأورونيوز إن العلاقات القطرية دائما ما يشكلها التصدع والتوتر والمصالحة، وأنه لا شيء يمنع من التفكير في أن مصالحة كبيرة أو انفراجا سيحدث، خلال السنوات القليلة المقبلة وأتى قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد نحو أسبوعين من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، شدد فيها خلال قمة في الرياض جمعته مع زعماء دول إسلامية، على ضرورة توحد هذه الدول في مكافحة التطرف. وكانت السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر واليمن قد أعلنت يوم الاثنين 5 يونيو قطع علاقاتها الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية مع قطر، موجهة إليها تهمة «دعم الإرهاب» وزعزعة الاستقرار في المنطقة، ولقيت هذه الخطوة التي شملت سحب السفراء وإغلاق المجال الجوي والحدود البرية والمنافذ البحرية، انتقاد الدوحة التي رأت فيها سعيا إلى «فرض الوصاية» عليها .