بِلكنة تونسية ممزوجة بالفرنسية يفضّل دائما التونسي فوزي البنزرتي إعطاء تصريحاته لوسائل الإعلام، بعد نشوة الانتصارات التي رافقته منذ سنوات في عالم التدريب، وخاصة بتتويجه بعديد من الألقاب المحلية والقارية مع مجموعة من الفرق، وهي التصريحات التي غالبا ما تكون مقترنة بسعادة خطف البطولات و"اصطيادها" من قارة اعتاد التدريب فيها وصنع فيها مجده على مدار 40 سنة. من الاتحاد المنستيري شق طريقه نحو عالم التدريب، بعد اعتزاله اللعب وتفضيله للجلوس في دكة البدلاء منذ سنة 1979، رغم أن تجربته انطلقت سنة 1977 مع فريق أولمبيك سيدي بوسعيد، وأسّس منذ ذلك الحين لفكر خاص به جعل 14 فريقا يفضّلون الاعتماد عليه في المواقف الصعبة، و"عند الشدة يظهر معدن الرجال"، فهو من قاد أغلب الأندية التي درّب إلى الصعود للبوديوم المحلي أو الإفريقي، وكان خير من ائتمن على أمانة مؤسّس بعض الأندية، بحصد الأخضر واليابس من ألقاب وبطولات. "العجوز" صاحب ال68 عاما يوصف بالداهية وبالرجل "المقتدر"، لكونه حاملا لعديد من الألقاب في تونس وخارجها، لكنه اضطر إلى الانتظار إلى غاية التسعينيات من أجل تأكيد دهائه وترجمة فلسفته بتحقيقه لأول بطولة في تونس سنة 1987 مع النجم الساحلي، لتكون فاتحة خير على مساره التدريبي المرصّع بالألقاب. رحل البنزرتي عن "ليطوال" نحو فريق مرجعي آخر اسمه النادي الإفريقي، وقضى معه موسما واحدا توج بلقب الدوري عام 1990، ثم فضّل أن ينتقل إلى بعض الفرق الأخرى، قبل الاستقرار مع الترجي الذي ظهر أنه فريق ينسجم مع خططه وتفكيره، وسريعا ما حقّق معه خماسية تاريخية في موسم 1993/1994، فيها بطولتان محليتان (الدوري والكأس)، ولقبا دوري أبطال إفريقيا وكأس السوبر وكذا البطولة العربية للأندية. خطوة بخطوة، بات البنزرتي مطلوبا في "السوق"، وحاولت بعض الفرق خطفه والاستفادة من تجاربه لإغناء خزينة النادي بالألقاب، وصام عن التتويج إلى غاية 2003 بإحراز بطولة تونس، وغادرها إلى الجارة ليبيا للإشراف على منتخبها الأوّل لكن دون إضافة، قبل أن ينتفض طيلة عشر سنوات ويصطاد مع أندية بلده ألقابا قارية مختلفة، أهمها كأس الكونفدرالية الإفريقية مع النجم الساحلي سنتي 2006 و2015، وهي بطولات ارتقت به إلى مصاف أقوى المدرّبين في إفريقيا. منفعل على اللاعبين وسط رقعة الميدان، ومتعصّب تجاه الجميع وصارم حتى مع نفسه أحيانا، لا يقبل الأخطاء ولا الهزيمة، أبرز الصور الملتقطة له في الملاعب تظهر نرفزته الزائدة و"الغرينتا" التونسية التي تؤكّد أن ليس في قاموسه سوى كلمات الانتصار ومفاهيم الفوز ولا غيره، وهي الرسائل التي يبعثها دائما للاعبيه في مستودعات الملابس، كما يمدهم بطاقة إيجابية لتفادي النكسات وبذل مجهود يثمر عن بطولات تغني رصيدهم ومسارهم الكروي. لن ينسى التونسي طيلة مساره لحظة تأهّل الرجاء البيضاوي الذي أشرف عليه سنة 2013 إلى نهائي كأس العالم للأندية في المغرب، ولن يمحو من ذهنه أيضا لحظة توشيحه بالوسام العلوي من طرف الملك محمد السادس عقب هذا الإنجاز التاريخي، وربما ذلك ما أغراه للعودة من جديد إلى المغرب من بوابة الوداد الرياضي الذي يقوده منذ الشهر الماضي، ليجد نفسه اليوم مطالبا بإحراز لقب السوبر الإفريقي في مواجهته لفريق مازيمبي الكونغولي، التي إن أنهاها لصالحه سيؤكّد أنه حقا من أفضل مدرّبي القارة الإفريقية.