تَحتفظ سنة 2017، بذكرى بزوغ فجر أنار طريق رياضة ألعاب القوى المغربية، ويتعلّق الأمر بالبطل سفيان البقالي، عداء مسافة 3000 متر حواجز الذي عانق "أم الألعاب" العالمية وارتمى في حضن تاريخها، وهو يخط صفحة من صفحات المجد الرياضي الوطني بين تواريخ أجندتها الحافلة. 8 غشت 2017.. وإن كانت لكل بداية نهاية، فإن خط نهاية مضمار الملعب "الأولمبي" في لندن، كان شاهدا تلك الأمسية على شهادة ميلاد بطل في ألعاب القوى، وهو يشق لنفسه طريقا نحو منصّة التتويج العالمي، وصيفا لبطل مسافة اجتياز الحواجز.. كيف لا وأن العداء الشاب حمل على عاتقه مسؤولية حفظ ماء وجه رياضة تعاقب عليها الأساطير ولا طالما شكّلت نقطة الضوء في سجل تاريخ الرياضة المغربية. 23 فبراير 2017.. بدأ اسم سفيان البقالي يتّخذ له مكانا ضمن قصاصات "هسبورت"، حيث حملت انطلاقة موسم ألعاب القوى مفاجآت سارة لرياضة "أم الألعاب" المغربية، وتميّزت أولى الملتقيات العالمية داخل القاعة، بظهور لافت للعداء الشاب، الذي تمكّن من تحطيم الرقم القياسي الوطني لمسافة 5000 متر، بعد أن ظل صامدا لأزيد من 28 عاما، والمسجّل باسم "الأسطورة" سعيد عويطة. قبل أشهر قليلة من ذلك التاريخ، كان البقالي قد خصّ الجريدة بأولى مقابلاته، آنذاك كان يمنّي النفس في أن يقتفي أثر سلفه الصالح.. قبل أن يرسم المنحنى التصاعدي لمسيرته في مضامير ألعاب القوى داخل القاعة، مسجّلا توقيت (13 دقيقة و10.60 ثانية)، أثناء حلوله ثالثا في سباق 5000 متر، في ملتقى بيرمينغهام في بريطانيا، أولى محطات الجولة العالمية للاتحاد الدولي، وهي النتيجة التي تأتي بعد أيام قليلة من تحطيم البقالي لرقمه الشخصي العالمي في مسافة 3000 متر، خلال مشاركته في ملتقى "دوسلدورف" الألمانية، وذلك بعد أن حل ثالثا بتحقيقه زمن (7دقائق و51.54 ثانية). ذات جمعة من يونيو 2017، كل الطرق أدّت إلى روما هناك.. زاد تسليط الأضواء على سفيان البقالي، إذ افتتح العداء المغربي موسمه بالحلول ثانيا في سباق 3000 متر موانع، في رابع محطّات الدوري الماسي، قاطعا مسافة السباق في توقيت (8دقائق و5.17ثانية)، ومحطّما بالتالي رقمه الشخصي السابق الذي حقّقه في أولمبياد "ريو2016"، ومحقّقا أيضا ثاني أفضل توقيت عالمي للسنة. آنذاك، أقر العداء المغربي في تصريح ل"هسبورت"، بأنه كان يتوقّع أن يحطّم رقمه الشخصي في المسافة خلال ملتقى روما، ممنيا النفس بالنزول مستقبلا عن حاجز 8دقائق، حيث ستكون مشاركاته المقبلة ضمن جولة ستوكهولم في السويد، وجولة باريس في فاتح يوليوز قبل مشاركته في ملتقى الرباط ضمن الدوري الماسي في 16 يوليوز، ثم التوجّه نحو معسكر إعدادي تحضيرا لبطولة العالم، التي ستحتضنها لندن في غشت المقبل. عاد البقالي للبروز على أرضه وأمام أنصاره، حيث حظي بتقديم "النجوم" أمام ثلة من الأسماء العالمية المشاركة في ملتقى الرباط ضمن العصبة "الماسية"، مسابقة استأسد فيها البقالي أمام الكينيين حتى آخر رمق والتفكير منصب في الآن ذاته على "البوديوم" العالمي في لندن.. لم يخلف البقالي موعده مع الجماهير الغفيرة التي حجّت إلى ملعب الأمير مولاي عبد الله في الرباط، الأحد 26 يوليوز الماضي، حيث بسط سيطرته على سباق 3000متر موانع، متفوّقا على الكينيين بيريس كيبتشوغي وأموس كيروي، ومحطّما رقما قياسيا شخصيا في المسافة، بزمن قدره (8 دقائق و5،12ثانية). "قبل سنتين من الآن، كنت أيضا فردا من هذه الجماهير، آمل أن نتلقى الدعم والمساندة منهم أثناء مشاركتنا في بطولة العالم، إذ نحتاج لدعواتهم خلال الأيام المقبلة".. (كلمات البقالي الأخيرة للجريدة قبل شد الرحال إلى لندن للمشاركة في بطولة العالم). وأضاف قائلا "بالنسبة إلي، بطولة العالم بمثابة حلم، فالتركيز لخوضها أكثر مما كان خلال مشاركتي في أولمبياد ريو السابق، حيث لم أكن ضمن المرشحين في دائرة التنافس، وهو ما يختلف هذه السنة، إذ أطمح إلى التنافس على أحد الميداليات، وأعد المغاربة أن أبذل قصارى جهدي من أجل تحقيق ذلك". الاثنين 14 غشت 2017.. اصطف الجميع لتحية البطل، قادما من لندن مرصّعا بميدالية فضية عالمية.. فور وصوله إلى مطار محمد الخامس في الدارالبيضاء، صرّح للجريدة قائلا "لاحظ الجميع أنني تدرّجت عبر مشاركات في ملتقيات الدوري الماسي، وهي بمثابة بطولات عالم، كما تعد مرآة العداء من أجل تحقيق ميداليات، وهو ما مكّنني من تحقيق ثالث أفضل زمن شخصي للسنة قبل السفر إلى لندن"، بنبرة الأبطال الواثقين من أنفسهم قال ابن العاصمة العلمية "كل الأمور كانت تسير على ما يرام من أجل أن أحقّق إنجازا جيّدا في بطولة العالم، من ظروف إعداد جيّدة رفقة مدربي كريم التلمساني وتغلّب على الضغط قبل انطلاق المنافسات". البقالي، المتوّج بالميدالية الفضية لمسافة 3000متر موانع، خلال مشاركته في بطولة العالم، كان يطمح لتأكيد ريادته على مستوى جولات الدوري الماسي، بتحقيق الفوز بالسباق النهائي لجولة بروكسيل، علما أنه يتصدّر الترتيب الفردي ل "Diamond League" برصيد 30 نقطة، غير أنه فشل في بلوغ المراد وتكرار إنجاز "الأسطورة" هشام الكروج، إلا أن العارفين بشؤون القوى المغربية تنبّؤوا جميعهم بأن سنة 2018 ستحمل مزيدا من الإنجازات للعداء المغربي على درب المجد.