ضرب الركود أوصال بطولة الدوري الإسباني لكرة القدم "الليغا" خلال موسم الانتقالات الحالية، مما يثير المخاوف حول شكل المسابقة التي أوشكت على البدء بالتزامن مع رحيل نجوم كبار مثل نيمار دا سيلفا وإخفاق الأندية في إبرام الصفقات الكبرى. وتراجعت الأندية الإسبانية خطوة جديدة للوراء بعد الخطوات المتراجعة التي اتخذتها في السنوات الأخيرة، وتركت الساحة خالية أمام الكرة الإنجليزية لعقد صفقات ضم لاعبين جدد، معتمدة على أموال تعاقدات البث التلفزيوني الخرافية وعلى أموال البترول التي يجلبها أمراء منطقة الخليج العربي، الذين يضخون استثمارات ضخمة في أندية الدوري الإنجليزي. وفي هذا الإطار، يوجد حدثان فارقان، الأول هو تقاعس ريال مدريد، المعروف بنفوذه الكبير في أسواق الانتقالات، عن التعاقد مع نجم كبير للعام الثاني على التوالي، والثاني يتمثل في قيام نادي باريس سان جيرمان الفرنسي بخطف لاعب من العيار الثقيل مثل نيمار من برشلونة. وتحولت الأندية الإسبانية أخيرا إلى مراكز لبيع اللاعبين، وتتحدث البيانات في هذا الصدد ببلاغة عن نفسها. وجاءت الليغا في المرتبة الأولى من بين جميع الدوريات الأوروبية من حيث بيع اللاعبين بدخول مالية بلغت 650 مليون يورو. وتعد صفقتا بيع نيمار (222 مليون يورو) وألفارو موراتا (80 مليون يورو) مميزتان للغاية ودليلا واضحا على حجم الأموال التي حصدتها الأندية الإسبانية من وراء بيع اللاعبين. وتغلبت الدخول النقدية في ريال مدريد على حجم الإنفاق. فبالإضافة إلى موراتا، تخلى النادي الملكي عن اللاعب البرازيلي دانيلو لصالح مانشستر سيتي مقابل 35 مليون يورو، كما عقد صفقة مميزة للغاية بإعارة الكولومبي خاميس رودريغيز لبايرن ميونخ الألماني، وهو نجم آخر فقده الدوري الإسباني. وفي المقابل، تعاقد ريال مدريد مع الصاعدين ثيو هيرنانديوز وداني كابايوس مقابل 40 مليون يورو. وبعد أن تحدثت الصحافة الإسبانية لفترة طويلة عن صفقة انضمام اللاعب الفرنسي الواعد كيليان مبابي إلى ريال مدريد، توقف كل شيء بسبب الأرقام الفلكية التي تحدث عنها نادي موناكو، الذي يلعب لصالحه المهاجم الصاعد. ومن جديد يظهر باريس سان جيرمان بقوته المالية الكبيرة، ويعلن عن رغبته في ضم اللاعب، إلا إنه ليس معروفا حتى الآن إذا ما كانت قاعدة "اللعب المالي النظيف" ستسمح له بعقد هذه الصفقة. ولكن يظل رحيل نيمار عن برشلونة هو الأكثر دويا في سوق الانتقالات الحالي، وهو ما يعد ضربة قوية للغاية للنادي الكتالوني، ليس من الناحية الرياضية فقط ولكن من الجانب النفسي أيضا. وبذلك، يكون باريس سان جيرمان قد أكد بشكل قاطع أنه ليس هناك ناد يمكنه أن يكون في منأى عن رغباته التعاقدية طالما كانت أموال البترول حاضرة، حتى لو كان هذا النادي هو برشلونة. وخسر برشلونة لاعبا من طراز عالمي، ولم ينفق حتى الآن الأموال اللازمة للتعاقد مع لاعبين قادرين على دفع الجماهير لنسيان رحيل اللاعب البرازيلي. وأشعلت صفقتا التعاقد مع البرازيلي باولينيو والبرتغالي سيميدو، الباهظتان على أي حال (70 مليون يورو)، الخلافات بين إدارة برشلونة وجماهيره الغاضبة في الأساس من رحيل نيمار. والآن يتم التحدث عن التعاقد مع اللاعبين البرازيلي فليبي كوتينيو وعثماني ديمبلي، ولكن في ظل معرفة الجميع بحجم الأموال التي حصل عليها برشلونة مقابل بيع نيمار، فإن الأندية ستغالي بشكل كبير في مطالبها المالية مقابل التخلي عن لاعبيها للنادي الإسباني، فهل كان مبلغ ال 222 مليون يورو نقمة أم نعمة؟. وعلى الجانب الآخر، يعاني أتلتيكو مدريد من العقوبة المفروضة عليه من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بحرمانه من تسجيل لاعبين جدد حتى يناير المقبل بداعي ارتكابه مخالفات بالتعاقد مع لاعبين قاصرين. وشكلت هذه العقوبة ضربة قاصمة لأتلتيكو مدريد في ظل احتياجه لضم لاعبين جدد لتدعيم صفوفه. ورغم ذلك، تعاقد القطب الثاني لكرة القدم في العاصمة الإسبانية مدريد مع اللاعب الإسباني فيتولو مقابل 40 مليون يورو دفعهم لإشبيلية. وأعار النادي الإسباني لاعبه الجديد لنظيره لاس بالماس حتى فترة الانتقالات الشتوية المقبلة تمهيدا لتسجيله بعد انتهاء مدة العقوبة. ولا يزال أتلتيكو مدريد يفكر في استعادة مهاجمه القديم دييغو كوستا بعد أن نجح بشق الأنفس في الاحتفاظ بلاعبيه أنطوان غريزمان وجان أوبلاك وساؤول نجويز. ولا يستطيع أحد مضاهاة إشبيلية في تحركاته في سوق الانتقالات بعد أن عقد صفقات جيدة بأسعار زهيدة. وتعاقد إشبيلية هذا الصيف مع كل من جويدو بيتزارو وسيباستيان كورتشيا وسيمون كاير وايفر بانيغا ولويس موريل ونوليتو وخيسوس نافاس مقابل 60 مليون يورو. وعمدت باقي الأندية الإسبانية إلى بيع لاعبيها بأسعار مرضية، كما تسعى إلى حسم صفقات جديدة أغلبها عن طريق الإعارة. ولا تزال "الليغا" تحتفظ بأكبر نجمين على مستوى العالم في كرة القدم، ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، ولكن من خلفهما يتناقص عدد النجوم الكبار بعد رحيل نيمار، الذي يمثل إنذارا لما هو قادم في المستقبل. وقال خافيير تيباس، رئيس رابطة أندية الدوري الإسباني: "الدوري الإسباني أكبر من نيمار، مع احترامي الكامل له كنت سأقلق بشكل أكبر إذا كنا نتحدث هنا عن (رحيل) ميسي أو كريستيانو". ولكن ميسي ورونالدو ليسا خالدين، وكما قال الألماني يورغن كلوب، المدير الفني لليفربول "التعاقد مع ميسي ليس مستحيلا".