ياسين المعاشي، ملاكم مغربيّ ينتفض ليُبعث من وسط رماده وسط العاصمة البريطانية لندن، فالرجل الباصم على مسار دون هزائم ب"الفنّ النبيل"، وبعد مراكمته لسنتين اثنتين من "البياض الرياضيّ"، يعود مستهلّ العام 2014 لخوض لقاءات الملاكمة الاحترافية تحت ألوان الراية المغربيّة. "لم يكتب لي أن أعمل على إعلاء العلم المغربي انطلاقا من أرض الوطن.. لكنّ ذلك لم يُثنِنِي عن فعل ذلك بإمكانيات الذاتيَة من أرض المهجر.. أخرج حاليا من فترة علاج تكلّلت بالنجاح، وأتدرّب لخوض أولى لقاءات عودتِي في الشهر الثاني من العام 2014" يقول ياسين ل "هسبريس الريّاضيّة". البطل المغربي، وهو الحامل للقب الShowman، يراكم مسيرات النصر منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، إذ تحصّل على لقب بطولة المغرب في الملاكمة ضمن فئة الشبان، عام 1997، لينال نفس اللقب بالفُولكُونتَاكْت عاما بعد ذلك في منافسات الكبار، والسنة المواليَة انتزع بطولة المغرب في ملاكمة الهواة للكبار.. إلاّ أنّ عدم توجيه الدّعوة إليه للتنافس على بطاقات العبور نحو أولمبياد سِيدنِي دفعه لاختيار مسار تنافسه بعيدا عن النخبة المغربية والجامعة الملكية المغربية للرياضة. "سبب عدم اختياري للعب ضمن المنتخب الوطني المغربي ينبغِي أن يطرح على المسؤولين المغاربَة، يبدُو أنّي كنت كبير السنّ كي أمثّل بلدي وأنا أعيش سنتي ال19.. أو يبدو أنّ من اعتادُوا السقوط أمامي خلال مباريات بطولة المغرب هم أكثر كفاءة منّي للدفاع عن الألوان الوطنيّة" يقول يَاسين المعاشي ل "هسبريس الرياضية"، مختارا الحديث بسخريّة. مشوار الهواية للمعاشي ختمه بداية الألفية الحالية بهولندَا، إذ ما إن انتزع بها لقب البطولة الوطنيَّة للملاكمَة بالأراضي المنخفضة حتّى تحوّل إلى الاحتراف، وواصل مراكمة النجاحات بعد انتقاله إلى لندن، ليكون أكبر إنجازاته هزم بطلين عالميَّين اثنين في ليلة واحدة خلال نزال ال "برَايْزْفَايْتْر" للعام 2011.. ياسين انتزع لقب هذا الدوري الخاص بأساتذة الملاكَمة، إلاّ أنّه صدم المنظّمين والحاضرين برفعه العلم المغربيّ أثناء التتويج، معلنا بذلك عدم استعداده عن نسيان انتمائه الحقيقي بالرغم من التجنيس. دُون تشَارلز، مدرّب "يَاسِين المغربي"، قال لهسبريس الرياضيّة إنّه لا زال معجبا بإمكانيات المعاشي بعد سهره على إعداداته البدنية والنفسية طيلة 4 سنوات من المران.. "لا زلت أذكر اوّل مرَّة رأيته يلاكم فيهَا، هو الوحيد الذي طلبت أنا تدريبه لأنِّي أومن بإمكانياته الفريدة من نوعها، فهو لم ينهزم بلقاء واحد رغما عن التصنيفات التي تقول إنّه خسر 4 مباريات بمشواره، إنّ تمنّع المعاشي عن كبار المتحكّمين في صفقات الملاكمة يجعلهم يهاجمونه، فليس من السهل أن تكون ملاكما تجاهر بانتمائك الأجنبيّ وسط لندن" يورد تشَارلز. ذات المتحدّث قال أيضا: "نعاود السير في مشوارنَا، أنا ويَاسين، بحثا عن لقب عالميّ يلوح لنَا في الأفق.. وإذا لم نستطع ذلك فإنّ تاريخ الملاكمة سيكُون قد عرف جريمة كبرى في حقّ طاقة كبيرة من قيمة المعاشي.. فمَا زلت أتذكّر نزالنَا بالبْرَايْزْفَايْتْرْ وكيف تميّز يَاسِين من بين 8 مَاسْتْرْزْ في ليلَة وَاحدَة، وكَان هو الفائز.. قانون التباري كان خوض 3 نزالات في الطريق للقب الهامّ، وقد خاضهَا يَاسين مطِيحَا باثنين من المتوّجين أبطالا عالميِّين ومنتزعا التتويج". الملاكم المغربيّ الذي قرّر أن ينبعث من وسط رمَاده، كطائر العنقاء الأسطوريّ، تخلّص من تأثيرات 6 عمليات جراحية خضع لها على مستوى الركبة، وهي محنة ساعده في تخطّيها القصر الملكيّ البريطاني بواسطة أطبّاء الملكة إليزَابِيث الذين سهروا على مشوار التشافي.. "في العام 2011 توجّهت نحو المغرب لقضاء شهر رمضان مع العائلة، ببَاب لعلُو بالرباط، وحينها طالني ألم مصحوب بانتفاخ على مستوى الركبة، بالوطن تلقيت تطمينات أطباء فحصوني بمصحَة خاصَّة، لكن الحالة أخذت بالتفاقم لدى عودتي إلى لندن" يقول ياسين. الShowman كان قريبا من فقد ساقه عقب اقتراح الأطبّاء الإنجليز إخضاعها لعملية بتر على مستوى الركبة، فيما ذهب أشدّ المتفائلين منهم إلى تحديد الخسائر المستقبلية في عدم إمكانية خوض نزالات الملاكمة إلى الأبد.. لكنّ المعاشي كان له رأي آخر، خاصَّة بعد دخول أطباء الملكة على الخطّ، مختارا الخضوع ل6 تدخلات جراحيَّة وفترات نقاهة مدروسة بتدقيق، تمّ توزيعها على سنتين، ومنها عاد للتمارين واسترجع لياقته البدنية بنسبة كبيرة. دُون تشَارلز وياسِين المعَاشِي اشتكيا، ضمن تصريحاتهم ل"هسبريس الرياضيّة"، تهرّب الملاكمين المحترفين من مواجهتهما خوفا من الهزيمة.. "لا يُوجد من بإمكانه هزمِي، لذلك يتمّ التهرّب من لقائي على الحلبة بالرغم من توفير مبالغ ماليَة هامّة، تتراوج ما بين ال70 وال80 ألف جنيه استرليني، لكل بطل راغب في منافستي ضمن لقاء عودتي للنزال.. فقد كان من المقرّر أن أشرع في اللعب هذا الشهر، لكنّ التخوفات منِّي ومن قدراتي دفعت لإرجاء ذلك حتّى فبراير المقبل" يورد المعاشي، فيما يردف دُون تشَارلز: "هذا الفتَى خُلق ليُلاَكِم.. وعودته تمثّل صدمة حقيقيَة لمنافسيه المرعوبين منه".