شهد حفل قرعة تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2018 في روسيا الخطوة الأولى والأخيرة على طريق النهائيات. وجاءت القرعة التي سحبت السبت الماضي لتكون بداية العد التنازلي لاستضافة البطولة بينما أكدت اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي (الفيفا) في اليوم ذاته مساندتها الكاملة لاستضافة روسيا لكأس العالم في خطوة لانهاء أي تكهنات بشأن احتمال تجريدها من هذا الحق. وقال مسؤولون إن اعلان هذه المساندة حمل ثقلا أكبر من التحقيقات التي يجريها مسؤولون أمريكيون وسويسريون حول عملية منح موسكو حق استضافة البطولة قبل خمس سنوات. ورغم القلق الذي أبدته حكومات غربية من دور روسيا في الصراع في شرق اوكرانيا والانزعاج الذي عبرت عنه جماعات حقوقية بشأن حوادث عنصرية في كرة القدم الروسية يبدو أن كل هذه الامور لن تقف عائقا أمام روسيا لاستضافة كأس العالم. وقال مصدر مطلع من داخل الفيفا لرويترز الاثنين: "حتى لو كانت هناك مزاعم عن مخالفات شابت عملية التصويت رغم عدم ثبوت ذلك أو من غير المرجح أن يحدث ذلك فان الجهة الوحيدة التي يمكنها سحب تنظيم البطولة من روسيا هي اللجنة التنفيذية للفيفا، أعتقد أنه يمكننا أخيرا تنحية هذه الفكرة جانبا". ورغم الخفض الذي أجرته روسيا على ميزانية استضافة البطولة التي ستقام على مدار شهر كامل في 11 مدينة في الجزء الأوروبي من روسيا خلال شهري يونيو حزيران ويوليو تموز 2018 إلا أن معدل بناء الملاعب والطرق والفنادق والمطارات يسير بشكل متقدم وسريع بصفة عامة. وقال سيب بلاتر رئيس الفيفا إن اللجنة التنفيذية صوتت "بثقة وإيمان كاملين" لاستضافة روسيا للبطولة. وبدا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال كلمته في حفل القرعة السبت في مدينة سان بطرسبرج والذي تم بثه إلى 170 دولة حول العالم انه لا يخالجه أدنى شك حول استضافة بلاده للبطولة. وقال بوتين: "نحن هنا لاطلاق ماراثون كرة القدم، إنها فرصة طيبة لزيارة روسيا المنفتحة ذات الوجوه الكثيرة التي يمكنها أن تحقق المفاجأة والإلهام" في حين وعد "بأجواء خاصة من الوحدة والسعادة الغامرة". هتافات عنصرية لكن لم يتفق جميع الحاضرين في القرعة مع بوتين في هذه المشاعر بسبب مخاوف من حوادث عنصرية كان آخرها عندما واجه اللاعب الغاني ايمانويل فريمبونج هتافات عنصرية خلال مباراة هذا الشهر وتم طرده بسبب توجيهه إشارة بذيئة للجمهور ردا على إهانته. وبعد هذا الحادث بأيام انسحب هالك من حضور حفل القرعة الذي أقيم في سان بطرسبرج الذي ينتمي لها فريق زينيت الذي يلعب له الدولي البرازيلي. وحذر هالك من وقوع حوادث عنصرية "جسيمة وقبيحة" قد تعكر صفو البطولة لكن وزير الرياضة فيتالي موتكو حذر من تحويل هذه الحادثة إلى "فضيحة كبرى، وقال إن الاعلام بالغ في نقلها. ويسعى المسؤولون الروس لضمان اكتمال الاستعدادات لكأس العالم وأن لا يشوبها أي دعاية سلبية مثل التي جرت خلال الإعداد لتظيم دورة الألعاب الاولمبية الشتوية 2014 في مدينة سوتشي الروسية التي طغت عليها مناقشات بشأن حقوق المثليين ومزاعم انفاق مبالغ فيه وفساد تم نفيها من الكرملين. وستبدأ النهائيات بعد فترة قصيرة من الانتخابات الرئاسية الروسية التي من المتوقع على نطاق واسع أن يحسمها بوتين ليتولى مقاليد حكم البلاد لولاية رابعة، وسيبذل كل ما في وسعه لضمان سير الاستعدادات على نحو سلس. لكن يوري بويتشنكو مفوض الأممالمتحدة لمناهضة التمييز يرى أن روسيا يجب عليها مكافحة العنصرية أكثر من ذلك. وقال بويتشنكو لرويترز: "لا أعتقد أنه يوجد إنكار كامل للعنصرية في روسيا لكن هناك بالتأكيد نقص في إدراك المسؤولين الروس ما هي العنصرية، في كثير من الأحيان يرى المسؤولون الروس المشكلة من وجهة نظرهم، ولا يضعون أنفسهم في موقف الضحية ويرون هل تناسب وجهة نظره أم لا". وقال المسؤولون الروس إنه ليس هناك مشكلة كبيرة تتعلق بالعنصرية حيث أبلغ اليكسي سوروكين رئيس اللجنة المنظمة للبطولة الصحفيين أثناء جولة في الملاعب التي ستستضيف البطولة: "إن كل شيء يسير في الطريق الصحيح". وأضاف: "لا توجد تحديات في البنية التحتية أو علاقتنا بالفيفا ونعمل سويا بشكل جيد". في الموعد المحدد وعلى النقيض من نهائيات كأس العالم في البرازيل 2014 ستكون الملاعب والمنشآت جاهزة في روسيا في الموعد المحدد أو قبل الموعد باستثناء ملعب واحد في كالينينجراد. وتم تقليص سعة الملعب من 45 ألف مقعد إلى 35 ألف وأعمال البناء توقفت لأسباب فنية ومالية لكن وزير الرياضة فيتالي موتكو قال إنه سيكون جاهزا في الموعد. وقال موتكو في مؤتمر صحفي الجمعة الماضي: "لا توجد خطة بديلة فيما يتعلق بملعب كالينينجراد، سوف يتم الانتهاء منه في الموعد ليكون جزءا من ملاعب كأس العالم". والملاعب الأخرى مثل كازان ارينا في وسط روسيا وملعب سبارتاك موسكو في العاصمة جاهزة تقريبا والمدن المضيفة خارج موسكو وسان بطرسبرج تمضي قدما في خططها الطموحة لبناء مطارات وطرق وفنادق. ويأتي مثل هذا الحدث بالنسبة لمدن روسية مغمورة مرة واحدة في العمر. ولخص فاليري شانتسيف حاكم نيجني نوفجورود التي ستستضيف ست مباريات بينها واحدة في دور الثمانية ماذا يعني كأس العالم للمنطقة قائلا: "زرت جميع أنحاء العالم وأشعر بالإهانة عندما يسألني أحدهم أين تقع نوفجورود؟ حسنا لن يسأل أي شخص هذا السؤال بعد كأس العالم، لهذا البطولة مهمة لنا".