ليس الحديث عن أزمة مالية في بطولة العالم للفورمولا 1 للسيارات بجديد لكن غياب فريقي كاترهام وماروسيا متذيلي الترتيب عن سباق جائزة الولاياتالمتحدة الكبرى الأسبوع المقبل بعدما خضعا للحراسة القضائية يستحوذ على الاهتمام. فللمرة الأولى منذ 2005 ستتنافس تسعة فرق فقط في سباق وبعضها تثقل كاهله بالفعل ظروف مضنية. ولطالما ثار مزاح بأن أفضل طريقة لجني ثروة صغيرة في فورمولا 1 هي البدء باستثمار كبير لكن حتى ضمان توفير الميزانية الأساسية بات أصعب بكثير في رياضة يزداد الإنفاق فيها وبسرعة بالغة. ولم يخف فريق ساوبر مشاكله بينما لا يزال الاهتمام منصبا على فيجاي ماليا مالك فورس إنديا بعدما اعتبره أحد البنوك متخلفا عن سداد ديونه. والشكوك تحوم كذلك حول لوتس الذي يعاني من مشاكل مالية خطيرة. ومنذ سنوات وعلامات التعثر المالية واضحة في البطولة وصدرت بشكل دوري تحذيرات ودعوات لفرض سقف للإنفاق ولذا لم تأت مفاجأة مشاكل كاترهام وماروسيا الساعيين للبحث عن مشترين. وقال ماكس موسلي الرئيس السابق للاتحاد الدولي للسيارات لصحيفة تايمز أمس الاثنين "يبدو أن الدجاجات قد عادت للحظيرة." وساعد موسلي الفرق الثلاثة على الدخول للرياضة في بداية موسم 2010 بعد انسحاب عدد من الشركات المصنعة وسط وعود بفرض سقف للميزانيات وتغيير القواعد لضمان قدرتها على المنافسة بمستو جيد. ولم يفرض قط سقف الميزانيات الذي حدد بمبلغ 40 مليون جنيه استرليني (64.55 مليون دولار) في ظل رفض الفرق الكبرى الالتزام بمثل هذا الإجراء وبنهاية موسم 2010 أوضح موسلي المخاطر المحتملة لمثل هذا الرفض. وقال وقتها "في موسم 2011 تحتاج لمئة مليون دولار مع 30 أو 40 مليونا من بيرني إيلكستون وربما 20 إلى 25 مليونا من الرعاة أو السائقين. وأضاف "سأقول إن ستة فرق تتساءل من أين ستأتي ببقية المال.. من المحتمل جدا أن نفقد فريقين أو ثلاثة." ولعل كلمات موسلي كانت ستصبح ملائمة تماما الآن. وقال موسلي أمس الاثنين "سقف الميزانية كان الشيء الأمثل. بالتأكيد لا يمكن لأي رياضة ان تستمر بشكل مناسب مع وجود فرق تنفق أكثر بأربع أو خمس مرات من الفرق الأصغر. لن تكون هناك منافسة جيدة وقتها." وكان كاترهام الذي بدأ المنافسة باسم لوتس ريسنج تحت قيادة رجل الأعمال الماليزي توني فرنانديز قريبا من البيع في يوليو تموز الماضي وخضع للحراسة القضائية قبل أيام وسط عاصفة من الاتهامات والمزاعم المتبادلة. أما ماروسيا الذي بدأ في 2010 باسم فيرجين فسار على أثر منافسه اليوم لأسباب مالية. وانسحب فريق إتش.آر.تي من البطولة في نهاية 2012. وسيكون السباق الأمريكي هو الأول منذ 2009 بدون أي من هذه الفرق الجديدة وستعود المخاطر للذاكرة كنهاية تجربة جريئة كان يمكن أن تحقق نجاحا لكنها في النهاية انهارت بسبب المصالح وغياب الرؤية. ونجح فريق واحد فقط من الثلاثة وهو ماروسيا في الحصول على نقاط وكان هذا في مايو أيار الماضي حين احتل السائق الفرنسي جول بيانكي المركز التاسع لفريق لم يتخيله أحد يحتفل فوق منصة التتويج. وفي هذه اللحظة يرقد بيانكي في مستشفى باليابان بعد إصابته في حادث مروع قبل ثلاثة أسابيع في مشهد مأساوي مثل كارثة للفريق. وحتى بدون كارثة حلبة سوزوكا تلك كان الأمر مسألة وقت فحسب بالنسبة لماروسيا الذي حاول كثيرا الطفو وسط بحر هائج. واعتبرت ميزانيته التي بلغت 50 مليون جنيه استرليني (80.69 مليون دولار) بشكل عام الأصغر بين فرق البطولة وعقدت مقارنات عديدة بينها وبين ميزانيات فرق كمرسيدس وفيراري وصلت الى 200 مليون دولار. وشهدت فورمولا مشاركة أكثر من 120 فريقا حتى الآن وبينها فيراري وحده الذي بقي في البطولة دون انقطاع منذ انطلاقها في 1950. وهناك نحو 51 فريقا لم تحصل على أي نقاط طوال تاريخها في البطولة.