قبل ستة شهور فقط، تعرض المدرب البرتغالي جورجي جيسوس لموجة هائلة من الانتقادات لدى توليه مسؤولية تدريب فريق فلامنغو البرازيلي لكنه تعامل بهدوء وحنكة مع الأمر وحاول تجنب الصدام مع جماهير النادي. وخلال ستة شهور فقط، كان الرد العملي من جيسوس /65 عاما/ على هذه الانتقادات والسخرية الجماهيرية التي تعرض لها في أيامه الأولى مع النادي البرازيلي العريق. وتركزت انتقادات مشجعي النادي ضد المدرب البرتغالي حول ثلاث نقاط أساسية هما كبر سنه وأنه لن يستطيع التأقلم سريعا مع كرة القدم البرازيلية والمنافسة بقوة على الألقاب في وقت يحتاج فيه الفريق لانطلاقة قوية في مسيرته بالبطولات المحلية والقارية. وكانت النقطة الثالثة هي أن تجربته التدريبية الوحيدة خارج البرتغال كانت لمدة شهور قليلة قبل توليه المسؤولية في فلامنغو حيث عمل لمدة نصف موسم بالتدريب في الدوري السعودي. ولكن رد جيسوس جاء عمليا حيث قاد الفريق إلى مسيرة مميزة على مدار الشهور الستة الماضية للفوز بلقب الدوري البرازيلي بجدارة متفوقا بفارق 16 نقطة أمام فريقي بالميراس وسانتوس أقرب منافسيه. وإضافة لقيادته الفريق إلى لقب المسابقة المحلية للمرة الأولى منذ 2009، توج جيسوس مع الفريق بلقب طال انتظاره حيث أحرز لقب كأس ليبرتادوريس ليكون الثاني له فقط في المسابقة والأول له منذ 38 عاما حيث كان اللقب الوحيد السابق لفريق فلامنغو في كأس ليبرتادوريس عام 1981. وفيما نسب المشجعون في البداية أي انتصار للفريق إلى اللاعبين ومدى إنفاق إدارة النادي ببذخ على تدعيم صفوف الفريق، نال جيسوس التقدير وهتافات المشجعين بمرور الوقت مع تقدم الفريق في بطولة كأس ليبرتادوريس والنتائج الرائعة التي يحققها محليا وقاريا. وأصبح جيسوس هو فرس الرهان الكبير الذي تعلق عليه جماهير فلامنغو أحلامها بعدما نجح في قيادة كتيبة النجوم الموجودة بالفريق إلى العودة لمنصات التتويج. وعندما يخوض الفريق فعاليات بطولة كأس العالم للأندية التي تستضيفها قطر خلال الأيام المقبلة، ستعلق الجماهير آمالها بشكل كبير على خبرة جيسوس الكبيرة لاسيما وأن الفريق سيواجه اختبارا صعبا في مونديال الأندية ربما يكون أقوى مما واجهه في الشهور الماضية خاصة إذا بلغ النهائي حال وصل ليفربول الإنجليزي أيضا للنهائي. ويمتلك جيسوس سجلا حافلا خلال مسيرته التدريبية علما بأن بصماته كلاعب لم تكن على نفس القدر. وبدأ جيسوس مسيرته التدريبية في 1990 وتولى تدريب العديد من الأندية داخل البرتغال لكن إنجازاته الحقيقية كانت مع بنفيكا الذي تولى تدريبه من 2009 إلى 2015 حيث قاده للفوز بلقب الدوري البرتغالي ثلاث مرات لتكون هذه الألقاب الثلاثة جزءا من أكثر من عشرة ألقاب فاز بها مع الفريق وهو ما لم يحققه أي مدرب سابق في تاريخ النادي العريق. ويخوض جيسوس وفريقه فعاليات مونديال الأندية بنشوة الفوز بلقب كأس ليبرتادوريس الذي توج به في 23 تشرين نونبر الماضي بالفوز على ريفر بليت الأرجنتيني 2 / 1 في النهائي وكذلك بعد الفوز بلقب الدوري البرازيلي. وأصبح جيسوس أول مدرب أجنبي يفوز مع فلامنغو بلقب ليبرتادوريس وثاني مدرب أجنبي يفوز مع الفريق بلقب الدوري البرازيلي بعدما نجح الأرجنتيني كارلوس فولانتي في ذلك عام 1959 كما أصبح أول مدرب برتغالي يفوز بلقب بطولة دوري محلية في أي من دول أمريكا الجنوبية. ولهذا، يحمل جيسوس عبئا ثقيلا على كاهله عندما يخوض فعاليات مونديال الأندية. ولكن بداية مشواره في البطولة العالمية قد يحمل طابعا خاصة بالنسبة للمدرب البرتغالي الكبير وذلك حال نجح الهلال السعودي في الفوز على الترجي التونسي في الدور الثاني من البطولة ليضرب موعدا مع فلامنغو في المربع الذهبي للبطولة. وكانت التجربة التدريبية الوحيدة لجيسوس خارج حدود البرتغال قبل توليه مسؤولية فلامنغو هي عندما تولى تدريب الهلال بالذات في بداية الموسم الماضي. وقدم جيسوس مسيرة رائعة مع الهلال (الزعيم) على مدار سبعة شهور فقط مع الفريق قاد فيها الهلال في 20 مباراة وحقق الفوز في 16 منها وتعادل في ثلاث مباريات وخسر مباراة واحدة ليحظى هذا المدرب بتأييد كبير من مشجعي الهلال. ولكن بعض الخلافات مع مسؤولي النادي على بنود التعاقد تسببت في رحيله المفاجئ عن الفريق في نهاية يناير الماضي. وظل جيسوس بلا عمل على مدار أربعة شهور قبل تعاقده مع فلامنغو في مطلع يونيو الماضي. وإذا التقى فلامنغو فريق الهلال في المربع الذهبي، ستكون مباراة ذات طبيعة خاصة لجيسوس لكنها أيضا ستكون مواجهة مثيرة بين اثنين من المدربين المتميزين حيث سيصطدم بالروماني رازفان لوشيسكو المدير الفني للهلال في مواجهة أوروبية خارج خطوط الملعب.