تواصل المملكة العربية السعودية، بحثها عن تموقع جديد في سياق التحولات التي يشهدها العالم. برز ذلك بشكل جلي في جملة القرارات التي يتخذها المجلس الوزاري بالمملكة، بشأن العلاقات الثنائية بينها وبين عدة دول محاور بقارات مختلفة. فبعد إعلان عودة علاقتها الدبلوماسية مع ايران، بوساطة صينية، وعقب اعلانها تشكيل لجنة تنسيق أعلى لأول مرة في التاريخ مع الجزائر، صادق المجلس الوزاري للسعودية المنعقد يوم 21 مارس 2023، على ثلاث مذكرات تفاهم مع دولة جنوب افريقيا، تهم مجال الإستثمار، وسيحدث بموجب احدى هذه المذكرات صندوق استثماري مشترك بين الدولتين. علاقات السعودية مع جنوب افريقيا، ليست جديدة، لكنها عرفت تطورا لافتا خلال السنوات الخمس الاخيرة، في مجالات مختلفة، خاصة المجال العسكري، والديني كذلك. تحركات المملكة العربية السعودية الأخيرة، تشكل تشويشا على علاقات المغرب معها، أو تعكس فتورا بين المملكتين، خاصة أن ايرانوجنوب افريقيا والجزائر، التي حظيت باتفاقيات ومذكرات تفاهم استراتيجية مع السعودية، تناصب المغرب العداء ولا تخفي تحرشها الدائم بمغربية الصحراء. وساطة الصين في الاتفاق الأخير بين ايران والسعودية، وتطوير هذه الاخيرة لعلاقاتها مع جنوب افريقيا، لاشك أنه يأتي في سياق أكبر من التعاون الثنائي، ليشمل تعزيز علاقات المملكة العربية الأكبر في الخليج، مع محور "البريكس" باعتبار عضوية الصينوجنوب افريقيا، في هذا التكتل الذي بدأت أهداف تأسيس سنة 2006 تظهر، وهو ما يستدعي الانتباه والرصد عندنا في المغرب، حتى لا تتجاوزنا الأحداث والتحالفات، او نصبح موضوعا لهذه التحالفات! جدير بالذكر، أن المملكة العربية السعودية لم تفتح بعد قنصلية لها بالعيون او الداخلة، كما أشارت تقارير اعلامية في اوقات سابقة، رغم تأكيدها الدائم، وعبر مجلس التعاون الخليجي دعمها لمبادرة الحكم الذاتي. فهل تحمل تحركات السعودية الأخيرة تحولا في موقفها من مغربية الصحراء، أم أن الأمر يتعلق بإعادة تموقع وبطموح مشروعين لتحقيق رؤيتها "السعودية 2030′′؟