في شهر أكتوبر من سنة 1963، اندلعت أول حرب بين المغرب والجزائر وهي الحرب التي أطلق عليها اسم "حرب الرمال"، ورغم انتهاء هذه الحرب إلا أنها خلفت توترا مزمنا في العلاقات المغربية الجزائرية. وفي الوقت الذي فضل فيه كل من الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، والرئيس المصري جمال عبد الناصر الوقوف إلى جانب الجزائر في هذه الحرب، فضل الرئيس الفرنسي شارل ديغول اللعب على الوجهين من خلال تقديم الدعم للجانبين، بحسب ما كشف عنه وزير الخارجية الفرنسي والمفكر السياسي آلان بيرفيت الذي عمل أيضا ناطقا بأسم ديغول، في مذكراته التي عنونها ب "ديغول.. الذي كان"، والتي صدرت سنة 1994. وبحسب ذات المصدر فقد أعلن الرئيس الأول للجمهورية الفرنسية الخامسة، أنه لا يرغب في لعب أي وساطة بين البلدين من أجل وضع نهاية للحرب، ورفض بذلك اقتراح وزير خارجيته آلان بيرفيت. ونقل بيرفيت عن ديغول قوله "يجب أن يتقاتلوا، المصريون ضد السوريون، والسوريون ضد الأكراد، وما إلى ذلك. هذا هو تاريخهم منذ ألفي سنة، عندما كنا هناك تمكنا من فرض السلام، لكنهم اتحدوا ضدنا، والآن عندما لم نعد نحن كبش الفداء، فإنهم تحولوا ضد بعضهم البعض". وتابع "إن بلداناً مثل لبنانوالعراق وسوريا كانت دائماً مقسمة، فالدروز في خصام دائم مع المارونيين وهؤلاء بدورهم لم يكن أبداً بينهم وبين العلويين أي تفاهم، كما أن السنيين في العراق لن يتفاهموا أبداً مع الشيعة أو مع الأكراد. إنها بلدان محكوم عليها بالتجزئة والانقسام بسبب اختلاف ماضيهم ولغاتهم واعتقاداتهم ولا أحد منهم على استعداد لتحمل الآخر.. إن العرب يكرهون بعضهم بعضاً". "نحن نساعدهم على قتل بعضهم" كما رفض ديغول اقتراح وزير خارجيته بأن تبقى فرنسا محايدة في الصراع بين المغرب والجزائر، وقال "نحن نساعد المغاربة من خلال تزويدهم بالأسلحة. ونساعد الجزائريين من خلال السماح لهم باستعمال قاعدة بشار (في عام 1963، كانت فرنسا لا تزال تحتفظ بتواجد عسكري في الجزائر) في الواقع نحن نساعدهم على قتل بعضهم البعض. ومع ذلك يجب أن نظهر كما لو أننا محايدون". كما رفض الرئيس الفرنسي المساهمة في فض النزاع الحدودي الذي خلفه استعمار بلاده بين دول المغرب العربي، وعارض طموحات المغرب لاستعادة الأراضي التي ضمتها فرنسا للجزائر، وقال "المغرب يريد تندوف، لإسقاط موريتانيا (أعلنت استقلالها في 28 نونبر من سنة 1960). على العكس من ذلك يجب أن يستمر الوضع الحالي، حتى تبقى موريتانيا موجودة لأطول فترة ممكنة". موقف الرئيس الفرنسي من حرب الرمال، ترك مجالا للاتحاد السوفياتي من أجل التدخل ولعب دور الوسيط بين البلدين، وزار الرئيس السوفيتي ليونيد بريجنيف شخصيا الجزائر والرباط من أجل إقناع قادة البلدين بإنهاء الحرب بينهما. وإلى جانب الوساطة التي قادها بريجنيف، قادت كل من الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية وساطة مماثلة، وتم التوقيع على اتفاق لوقف نهائي لإطلاق النار في 20 فبراير1964 في مدينة باماكو عاصمة دولة مالي. وفي 26 أكتوبر من سنة 1966، قام الحسن الثاني بأول زيارة إلى موسكو، ليكون موقف ديغول من حرب الرمال قد ساهم في إحداث تقارب في العلاقات بين الاتحاد السوفياتي، والمملكة المغربية التي كانت محسوبة على المعسكر الغربي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. https://www.yabiladi.ma/articles/details/58655/%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1-1963-%D8%AD%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D9%82%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3.html