ملاحظات كثيرة بزاف على طريقة تدبير الصحة لجائحة «كورونا». هذه الملاحظات سجلتها الشبكة المغربية للدفع عن الصحة، والتي دونتها في بلاغ مطول كان مضمونه تطورات الحالة الوبائية بالمملكة. واعتبرت الشبكة، في البلاغ الذي توصلت «كود» بنسحة منه، أن الأرقام الرسمية للإصابات بالفيروس لم تكن دائما تعبر عن حقيقة الوضع، بل أحيانا مضللة بسبب ضعف الكشف المبكر، والارتجال والعشوائية، والمركزية المفرطة، وغياب الشفافية، وعدم إشراك الفاعلين والمختصين في اتخاذ القرارات المتعلقة بتدبيرالأزمة، مشيرة إلى أنه كان «من الواجب إعادة النظر في خطة اليقظة الصحية والوبائية الحد من انتشار (كوفيد 19) حفاظا على أرواح وأرزاق الناس». وأضاف المصدر نفسه «على الرغم من المجهودات القيمة المبذولة، والدعم المالي الاستثنائي (2 مليار درهم)، والتضحيات الجسيمة التي قدمها مهنيو(ات) الصحة بمختلف فئاتهم(ن) المهنية ولا يزالون، بتفان وإخلاص ونكران للذات، في ظل ظروف صعبة محفوفة بكل المخاطر تحت تهديد خطر الإصابة بالفيروس، نسجل بكل أسف، أن هذه اليقظة الصحية، وهذه الخطة الاستراتيجية الوطنية الكبرى قد شابها الكثير من الارتجال، وأبانت عن ضعفها من خلال الأرقام المرتفعة المعلن عنها هذه الأيام. فقد لوحظ بوضوح غياب رؤية واضحة شفافة وفعالة في التعاطي مع الأزمة والحد من سرعة انتشاره، حيث ظل تدبير الجائحة على المستوى الصحي سجين "لجنة علمية وتقنية " غير معروفة لدى الرأي العام، تتخبط في مشاكل داخلية وتخطط وتنفذ كل القرارات في غرفة مغلقة ومظلمة، مما جعلها ترتكب عدة أخطاء بسبب العشوائية والارتجال وغياب مقاربة تشاركية لفسح المجال أمام أطر صحية وخبراء في المراكز الاستشفائية الجامعية وكليات الطب والعلوم والمجتمع المدني». كما أن عدم اطلاعها على تجارب دول حققت نجاحات في الحد من انتشار الوباء وتبنيها للبروتوكول العلاجي على الطريقة الفرنسية، وعدم اعتمادها على الكشف المبكر كمنهجية أبانت عن فعاليتها ومردوديتها ونجاحها في الكشف عن المرض والحد من انتشاره في عدة تجارب دولية، زاد، يضيف المصدر ذاته، من تأزيم الوضع وتردي الوضعية الوبائية ببلادنا، مشيرا إلى أن ضعف الكشف المبكر يعد أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الفيروس في أوساط واسعة من المواطنات والمواطنين، أغلبهم يحملونه دون أعراض. وجاء في البلاغ أيضا «ارتفاع أعداد المصابين ما هو إلا نتيجة حتمية لتوسيع دائرة الكشف وسط العمال والعاملات والمخالطين من أسرهم. فالعديد من الخبراء على المستوى الدولي أكدوا صحة هذه المعادلة: كلما ارتفع عدد التحليلات المخبرية كلما تم الكشف عن عدد كبير من الإصابات؛ كما يؤكدون على وجوب ضرب الرقم الرسمي للإصابات ب 24 مرة لتبيان الأعداد الحقيقية للمصابين باعتبار وجود عدد منهم لا تظهر عليه أي عوارض ولم يخضعوا للفحوص المخبرية حسب نفس الخبراء. وبالتالي قد يكون هؤلاء المصابون بيننا في أي مكان وفي أي لحظة دون أن نشعر، وهم بذلك يشكّلون خطرا كبيراً على محيطهم فينقلون العدوى إلى من يخالطهم دون إمكانية تحديد مصدر انتقال الفيروس للمصابين وهؤلاء هم (حاملوا الفيروس الصامتين)، ينقلون الفيروس في محيطهم دون التمكن من كشفهم؛ وهي منهجية أكدها البروفيسور ديدي راؤول عند تصريحه أمام لجنة برلمانية فرنسية حيث انتقد فيه بشدة تنظيم عملية الكشف والتي اعتبرها عشوائية، تم حصر القيام بها في معهد باستور الفرنسي كمختبر مرجعي والمستشفى المدني لبلدية ليون(...) وأكد أن معهد باستور ضيع على البلاد وقتا كبيرا في وقت كان على الحكومة تعميم الكشف على كافة التراب الفرنسي». وأضاف «فضلا عما تتحمله الحكومة من مسؤولية اخفاق استراتيجيتها في الحد من انتشار الوباء وما يترتب عنه من انعكاسات صعبة ومؤلمة اجتماعيا، فان جزءا كبيرا من المسؤولية عن هذا الوضع الكارثي الراهن يتحمله أرباب العمل نسبة 70 في المائة منهم أجانب، وبعض المواطنين(ات) الذين لا يلتزمون بالتدابير الاحترازية الضرورية. لذلك وجب إعادة النظر في طريقة التعاطي الحكومي مع أزمة (كورونا) وتغيير طريقة التعامل مع المواطنين وكسب ثقتهم التي فقدوها نتيجة سوء تدبير الأزمة والارتجال وغياب التواصل الواضح والشفاف، وتبني مقاربة علمية وصحية بعيدا عن الخلفيات السياسية المضرة بمصداقية العملية برمتها وأهدافها الإنسانية والمجتمعية، و إقناع المواطنين(ات) بضرورة تحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على صحتهم وسلامة ذويهم ومجتمعهم، وهم الذين عبروا عن نضجهم وتحليهم بالمسؤولية طيلة فترة الحجر الصحي التي دامت شهورا، رغم المعاناة النفسية والاجتماعية». كما أشار إلى أن الحكومة مطالبة بالصرامة في فرض احترام الدليل العملي حول التدابير الوقائية والصحية ضد (كوفيد 19) بالنسبة للمقاولات والشركات، والتزام التعقيم الدوري للوحدات الصناعية والإدارات والمعامل والتباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات ومنع الاكتظاظ والتجمعات، والتوعية والتثقيف الصحي بضرورة غسل وتعقيم اليدين باستمرار، وتجنب لمس الأسطح طول الوقت، حرصا على حماية صحة وسلامة أفراد المجتمع المغربي وتحقيق معدل التكاثر أقل من 1 في المائة.