في مدينتين، مثل مونبوليي ونانسي، ساهم التعاون بين الحزب الاشتراكي وحزب الخضر، في فوز الاشتراكيين بعمودية المدينتين. ثمرة هذا التعاون، لم تكن الوحيدة، بل أن يدا طولى للخضر، كانت خلف ربح معركة عمودية باريس مثلا: الدعم من الخطوط الخلفية كان هو شعار الخضر، في نكران ذات، وبحساب سياسي دقيق، قد يكون مؤشرا على أنه لا بديل للحزبين عن صياغة ميثاق للتنسيق والعمل المشترك، والتقدم بمرشح واحد، إذا ما أرادا سد الطريق على إمانويل ماكرون في رئاسيات 2022. ولكن النتيجة الأبعد لهذا الاختبار الانتخابي المهم، هو وعي الكتلة الناخبة في فرنسا، والتي لم تعد وصفة ماكرون تقدم لها الشيء الجديد، خصوصا مع اختبار القوة بينه وحركة السترات الصفراء والتدبير الحكومي لجائحة كورونا. يشبه بعض المحللين ما وقع في الانتخابات البلدية بموجة خضراء تاريخية ضربت كبريات المدن الفرنسية، مثل مارسيليا وليون وغرونوبل وتور وبواتييه وغيرها. سيحاول ماكرون تفتيت أي تحالف أكبر بين الخضر وأحزاب اليسار، وإن كان أمين عام الحزب الاشتراكي الفرنسي أولفييه فور، وفق ما نقلته فرانس برس، قال أن حزبه سيسير خلف حزب الخضر. وهذا يعني أن دورا أكبر سيكون للخضر في الحياة السياسية، فبعد هيمنتهم على البرلمان الأوروبي، هاهم يتحولون اليوم إلى مصدر إزعاج يقض مضجع حزب الرئيس "الجمهورية إلى الأمام". في مقلب آخر، ماذا عن علاقات الخضر الفرنسيين مع نظرائهم العرب؟ هل يمكن أن يؤثر فوزهم إيجابا على عدد من الأحزاب "الخضراء" العربية، صغيرة الحجم، التي أسسها يساريون سابقون، انشقوا عن تنظيماتهم، في محاولة منهم للحاق بالموجة "الخضراء"، التي ظلت مع الاسف الشديد، مجرد "منتديات صغيرة"، علما أن قضايا البيئة في عدد من الدول العربية، من القضايا الأكثر إعضالا، وهي جوهر المشكلات الصحية والاجتماعية، التي تفرخ أحزمة البؤس والتطرف والفقر. نحن في بلد "المغرب الأخضر"، نكتفي بمراقبة ما يجري في بلد "الماما"، ذلك أن ذلك مهم لنا ونحن نمشي إلى انتخابات 2021، غذا لم تتأجل، حتى وإن كان الموضوع البيئي وجماعة الخضر ما يزالا ترفا لنا، في ظل أولويات محاربة الفساد وإصلاح التعليم والصحة والعدل.. نتابع ونحلم، وهو حلم مرّ، لقد فاز عدد من الشبان الفرنسيين من أصل مغربي بعموديات بلديات ضمن قوائم الخضر. الحلم مشروع ياسادة يا كرامن يا "خضر العيون"!