الصلاة لا تقاس بالليتر حتى نقارنها بالبيرة. ولا بأي مشروب آخر. الصلاة لها وزنها الخاص. كما أنها لا توضع في قناني معدنية. ولا يمكن شربها من عنق الزجاجة. ولا غازات في الصلاة. ولا تسبب انتفاخا في البطن. ولا تكرشا. ولا تورد الخد. بل تضيء الوجه. ولا تباع الصلاة ولا تشترى. وليست تجارة. الصلاة تصعد إلى أعلى. في الخيال. وفي الإيمان. وفي معظم الديانات. وفي أغلب المعتقدات. لكن من الخطأ مقارنتها بسائل مدوخ. الصلاة تحلق بك في السماء. الصلاة عبادة. الصلاة رسالة يومية إلى الله كما يراها الأطفال. الصلاة ظهرت مع ظهور الإنسان. الصلاة حب. الصلاة إيمان. كما أنها ليست ربحية. ولا اقتصادا. والفوز في الصلاة يكون بالجنة. ويا له من فوز. حيث كل المشروبات هناك. وكل ما لذ وطاب. الصلاة مسألة روحية. وقد يقول قائل معترضا. إننا نتحدث هنا عن مشروبات روحية. وهذا وجه من أوجه المقارنة. بينما قد تكون الصلاة مسكرة عند الصوفية. لكنها ليست نفس السكرة. والسكرة هنا مجازية. سكرتها من نوع آخر. ولستُ متصوفا لأصفها لكم. ولذلك ففي أي مقارنة من هذا النوع تعسف وتجن على التدين. وإقحام للصلاة. واعتداء عليها. خاصة في بلد مثل المغرب. وفي مجتمع مثل المجتمع المغربي. وفي ثقافة مثل ثقافتنا. وفي واقع مثل واقعنا. ولو قلنا. مثلا. البيرة أفضل من الحليب. لكانت المقارنة في محلها. لأن المسألة هنا ذوقية. والبيرة لها رغوة. والحليب أيضا. وهناك من يلعقهما. وهما معا سائلان. والبيرة تفسد. والحليب يفسد أيضا. والحليب حلال. والبيرة ليست كذلك. والحليب يصير لبنا. والبيرة ليست كذلك. والحليب نستخلص منه الزبدة. والبيرة ليست كذلك. والحليب أبيض. والبيرة شقراء وسوداء وهجينة. والبيرة نباتية من الشعير. والحليب حيواني. وأحيانا يقلدها. ويصبح نباتيا. وهناك كريم الحليب لترطيب البشرة. وهنام بيرة لإزالة القشرة. ولو كتبنا مقالا عن حلاوة البيرة وطعمها اللذيذ مقارنة بالحليب لما اضطررنا إلى الاعتذار. ولما خرج العميقون يلقنوننا الدروس. ولما خرج أنصار الفصحى الذين يعتدون عليها وهم يدافعون عنها. لأن هذا سيدخل في إطار الاختلاف في الأذواق والآراء. وسيدوخ المتربصين بك. وسيسكرهم. فكم من شخص يمقت الحليب. وطعمه. ورائحته. ويسيء إليه. ويفضل بدل ذلك البيرة. لكن هذا لا يعني الدفاع عنها. ولا يعني مقارنتها بالصلاة. وليس بمقدورك أن تعبدها. إلا إذا كنت مجنونا. فهذان مجالان مختلفان. والبيرة عالم. والصلاة عالم. والحال أنه من حقي مثلا أن لا أطمئن لشخص يجلس في المقهى. ثم يطلب حليبا ساخنا. أو حليبا باللويزة. أو بالشوكولاتة. وأن ترتدي ملابسك. وتخرج من بيتك. وتذهب إلى المقهى لتشرب حليبا. فهذا يجعلني أشك فيك. وفي نواياك. وفي أنك تنوي شرا. كأنك ترغب في أن تعود طفلا. كأنك تريد أن تنفذ جريمة. كأنك تتدرب. وتستعد. لشيء ما. كأنك ذكي. وتتحدى الموت. وتقاومه. وترفض الحياة بمجازفاتها اللذيذة. وكأنك مهووس بالحفاظ على صحتك. وتخاف من القهوة. وكأنك رضيع. ولذلك فالمقارنة هنا جائزة ومقبولة. ولا اعتذار إذا كتبت في هذه الحالة البيرة أفضل من الليمونادة. البيرة أفضل من ماء جافيل. ومن الماء القاطع. ومن ماء الحياة. ومن الماء الزلال. البيرة تشبه ليمونادة بومس لكنها أحلى منها. وهناك من لا يحب البيرة ويفضل النبيذ. أو الفودكا. وهناك من ينومه اللبن. ويوقظه الويسكي. وهناك من يدوخه صيكوك. وهناك من يشرب كأس زعزع ويتجشأ. ويتمايل في مشيته. ويدوخ. وينعس إلى الغد. وقد تقول سبحت في بحر من البيرة. وسقطت في بركة من الجين. وفي بئر من الروم. وقد تسكب الجين على الجرح فيبرأ. وقد ترشه بالتيكيلا فيندمل. هذا كله ممكن. وهذه كلها سوائل. ويجوز المفاضلة بينها. لكن لا العقل السليم. ولا المنطق. يسمحان لك بأن تشرب الصلاة. ولا الحكمة تسمح لك بالحديث عن قعر الصلاة. وبأن تطير في السجادة. إضافة إلى أن الجامع لا يحلق. والمؤمن لا يترنح ولا يتعتع. إلا إذا كان سكران. رغم أن هذا يحدث في بعض الأحيان. وقد حدث في الماضي. وسوف يحدث في المستقبل. وقد ظهرت مثل هذه المقارنات الخاطئة مع فيروس كورونا. ومع إغلاق المساجد والحانات. بار/مسجد. صلاة/ بيرة. ومن سيفتح. ومن سيغلق. وأيهما أهم. كأننا في تنافس. وكأن هناك نية مبيتة. وكأن هناك حربا. وكأن طرفا يخطط للقضاء على الطرف الآخر. بينما هذا مستحيل. وقد جربوا ذلك. وهناك من حاول إلغاء التدين لكنه فشل. وهناك من منع الخمر لكنه فشل. لذلك يجب احترام الصلاة. ويجب الكف عن الهجوم على مظاهر التدين. فهي ليست مشروبا حتى نقارنها بالبيرة. الصلاة صلاة. ولا تقارن. ولذلك اعتذرنا في موقع كود. لأن المقارنة ليست في محلها. ومجانية. وكم من متدين أكثر حداثة وعقلانية وانفتاحا من شارب البيرة. وكم من سكير سلفي. وكم من شريب يمدح الإرهاب. ويصوت في الانتخابات للإسلاميين. ولا يعني ذلك أننا ضد الحرية ولا يعني ذلك أننا ضد البيرة رغم أن النبيذ أفضل منها بكثير. وأحلى وأحمر ومذكور في الكتب المقدسة. وخدره لذيذ. ويساعد على التأمل. في الوجود. وفي الحياة. وفي السماء. وفي الأرض. وفي الخلق. وفي العدم. وله معجم خاص به كتبه بيرنار بيفو وألفت حوله كتب كثيرة. وأشعار. وكان له آلهة في الأساطير. وإذا كان من مشروب ميتافزيقي. فهو أما البيرة فدنيوية. وكافرة. وسطحية. وسكرتها لا ترى أبعد من أرنبة أنفها. ولا إشراق فيها. ولا تكشف عن أي شيء. ولا تزيل الحجب. والحديث الذي تخلقه ضاج. كما أنها معذورة. وغير مركزة. وتحتاج إلى ليترات منها. ونزقة وفاضحة ولا يمكن وضعها في حقيبة الظهر ولا تكفي وتحرجك في الشارع. وكم من رجل محترم فتح سحاب سرواله مام الملأ بسببها. وكم من سيدة محترمة فعلتها في ملابسها. أو جلست القرفصاء خلف عجلات سيارة وسمع الناس صوت شرشرتها. ومن طبع البيرة السقوط في مثل هذه المقارنات المرفوضة. ومن طبعها أن تخطىء لكنها تبقى من الناحية الإنسانية من أطيب خلق الله. وفي الصباح تعتذر. وتندم.