فجأة. ودون سابق إنذار. ودون أن يعرف أحد السبب. فر كبار الناشرين المغاربة من فيدراليتهم. ليؤسسوا جمعية جديدة لأرباب المقاولات الصحفية. وربما اكتشفوا بؤرة مهنية في الفيدرالية. وخافوا من العدوى. ولذلك هربوا دون أي سبب واضح. ودون أن يكون هناك صراع. ولا أجنحة. ولا تيارات. ودون تفسير. ودون وداع. تاركين الرئيسة بهية العمراني وحيدة. بفيدرالية خالية. ورغم أننا نشتغل في مؤسساتهم. ورغم أنه لا جرائد ولا مقاولات ولا باطرونا ولا أرباح دوننا نحن الصحفيين. فإنهم لم يخبرونا بأي شيء. ولم يطلعونا على الخطأ الذي ارتكبته الفيدرالية. وعلى الذنب الذي اقترفته. كي يتركوها.هكذا. وحيدة. ومهجورة. وفي نفس اللحظة. وبمجرد أن أسسوا إطارهم الجديد. ودون دقيقة تأخير واحدة. وجدوا عثمان الفردوس وزير الثقافة والشباب والرياضة في استقبالهم. هذا الوزير الاستباقي. هذا الوزير الذي يحدس الأشياء قبل أن تقع. هذا الوزير الساحر. هذا الوزير الذي فعل كل شيء في زمن قياسي. وأفرج عن كل أنواع الدعم. كأنه كان ينتظر فقط تأسيس "الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين". وكأنه كان على موعد مسبق معهم. وكأنه جاء إلى هذا الغرض. وكأن الفيدرالية صارت ذكرى من الماضي. ليبشرهم بخطة حكومية لإنقاذ الصحافة الورقية. وذلك بتخصيص مبلغ 200 مليون درهم لهذا الهدف. ومن الأسماء المؤسسة للجمعية الجديدة. ولوجود عبد المنعم دلمي ضمن المؤسسين. ولاختياره رئيسا لها. ولوجود مولاي أحمد الشرعي. ولوجود كمال لحلو. ولوجود إدريس شحتان. و360. ورسالة الأمة. فإني أعلن ولائي المطلق لها لجمعية مدرائنا. وأنا مطمئن. وأنا متأكد أن خطوتهم مدروسة بعناية. ولا تهور فيها. ولا مغامرة. وأن من لم يلتحق بها اليوم. سيفعل ذلك في صباح الغد. ولن يعترض عليها أحد. وستفاوضها الحكومة. وستكون هي المخاطب الوحيد. ولذلك أنعي من هذه المنبر الراحلة فيدرالية. وأستنتج أن دورها انتهى. وأنها لم تكن في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها. وأحملها مسؤولية هذا الوضع المزري الذي يعيشه القطاع. كما أستخلص أننا في مرحلة أخرى. وأن ما قبل كورونا. ليس هو ما بعد كورونا. وأعلن أن لا رب عمل لي إلا أنتم في الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين. ولا مدير لي إلا أنتم. ولا باترون لي إلا أنتم. وأدعوكم إلى أن تتبنوني. وتعتبروني صحفيكم الوفي. والمخلص لكم. والمتشبث بكم. وبكل أرباب العمل في مهنة الصحافة. وبأهدافكم المعلنة وغير المعلنة. وإذا شئتم اصنعوا مني ناشرا. ولن تندموا. ولن يحول عدم فهمي واستيعابي للطريقة التي أسستم بها جمعيتكم دون انخراطي الطوعي في الدفاع عنكم. وفي التبعية العمياء لكم. وفي الإخلاص لنا نحن الناشرين. أما إذا رفض مديري في موقع كود الانضمام إليكم. أما إذا تشبث بالفيدرالية. أما إذا ركب رأسه. وعارضكم. واحتج عليكم. واستغرب من الأمر. وتردد. ولم يختر نقابته. فموقفه في هذه الحالة يخصه وحده. ولا يمثلني. ولا علاقة لي به. وفي ما يخص الغلاف المالي وفي ما يخص الدعم فأنا صحفي ورقي. وما يميزني أني إلكتروني أيضا. وأعاني مثلكم من مشاكل في التوزيع. ويطلع علي القراء في هواتفهم. وفي المقاهي. دون أن يدفعوا في فلسا واحدا. ومثلكم أنا بدوري متضرر. وفي حاجة ماسة إلى أن أكون معكم. وإلى نظرة جديدة إلي. وإلى قطاعي. كما أحتاج إلى هيكلة. وماتت الفيدرالية وعاشت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين. وعاشت قشدة الناشرين. وعاش الزميل الناجح ادريس شحتان باعتاره الكرزة فوق الحلوى والمستقبل. ومستلم مشعل الصحافة المغربة من المؤسسين. أما الذين وجدوا أنفسهم عالقين في الفيدرالية.فإننا سنقوم باسترجاعهم حين يحين وقت ذلك. شرط ألا يتسرعوا. وألا يتخذوا مواقف قد تسيء إليهم. وألا يحاولوا تأويل هذا الهروب الكبير. وألا يعتبروه إقصاء لهم. ولا موجها ضدهم. فالجمعية تسع الجميع. وقد أملتها الضرورة. والجائحة التي أصابت الصحافة. ولذلك اجتمعت بسرعة وتأسست بسرعة واستقبلها الوزير الشاب بسرعة وكافأها بسرعة وبشرها بالدعم بسرعة. وأقصى الفيدرالية بسرعة. كأنها لم تكن. وتخيلوا معي لو لم تظهر هذه الجمعية الجديدة تخيلوا لو ظلت الفيدرالية هي نقابة الناشرين ولم يفر أصحابها منها تخيلوا لو لم تجد الحكومة عبد المنعم دلمي تخيلوا الفراغ تخيلوا ماذا كان سيقع للصحفيين وللمواقع وللإذاعات تخيلوا أن يجلس دلمي إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة باسم الفيدرالية وليس باسم الجمعية. تخيلوا حجم الكارثة. ورغم أن الأسماء كلها انتقلت من الفيدرالية إلى الجمعية فهناك فرق. وهناك هذه الخصوصية المغربية حين تقع أشياء لا أحد يعرف لماذا وقعت أشياء تبدو عجيبة ومع الوقت تصير مألوفة. ويصير فرق بين الجمعية وبين الفيدرالية. رغم أنهما نفس الشيء. ولا فرق بينهما بالمرة. والأسماء هي هي. والناشرون هم الناشرون. وأنا هو أنا.