لازالت الشهادات المأساوية بخصوص سجن الرشيد في مخيمات تندوف تتقاطر، بعد أن روى العشرات ممن اكتووا بناره جانبا من عتمة السجن الرهيب، وحكوا قطعة من عذاب عاشوه لسنوات عدة بعيدا عن الأعين. ونشرت إحدى المدونات الشخصية تجربة مريرة لحمدي أعلي سالم محمد يحظيه بوصولة الملقب بالصيهب، الذي عانى الأمرين لمدة عشر سنوات متتالية بين أقبية السجن الرهيب، أين مورست عليه شتى أنواع التعذيب والتنكيل دون إستحضار لأي وازع إنساني من لدن المسؤولين الأولين عن السجن، ويتعلق الأمر بكل من البشير مصطفى السيد الملقب بكَنابرو، وسيد أحمد بلال الملقب بلبطيل اللذان تفننا في ممارسة ساديتهما على صحراويين أبرياء باسم مشروع جبهة البوليساريو، حتى أولئك الذين سايروه في بادىء الأمر. وتحكي المدونة أن حمدي اعلي سالم محمد يحظيه، قد انصم لجبهة البوليساريو في العشرينيات من عمره، وشارك في القتال الدائر ضد المستعمر الإسباني آنذاك، الشيء الذي كلفه الكثير على غرار المنفى والإعتقال في القلعة العسكرية الاسبانية في بير انزاران، حسب المصدر. وتحدث المصدر أن كل ذلك لم يمنع حمدي اعلي سالم من استكمال مساره، حيث تم تكليفه بمنصب المسؤول العسكري لناحية الجنوب، كما جاور أمحمّد الشيخ عبد الله والطالب بويا حَميّة في عملية أمكالة ضد الجيش الإسباني، تلك التي وصفت بكونها أول مسمار دُق في نعش المستعمر الإسباني. ويروي المصدر أن المعني بالأمر أن بطش جبهة البوليساريو طاله بعد ذلك عندما تم الزج به في السجن دون محاكمة من لدن جبهة البوليساريو سنة 1975 إلى حين وفاته في زنزانته سنة 1988، كل ذلك بسبب انتمائه القبلي. ويصف المصدر ما تعرض له حمدي اعلي سالم بالعذاب الذي لا تطيقه البشرية من خلال الزج به في جُحر انفرادي مدة عشر سنوات، مقيد اليدين والرجلين، بالموازاة مع حصص تعذيب قاسية صنوانها جلد بالسياط وتلذذ من لدن المسؤولين عن تلك الحصص المأساوية. وعلى الرغم مما تعرض له السجين إلا أنه بقي صامدا في وجه معذبيه الذين فشلوا في انتزاع اعترافات منه ليعمدوا على دفنه حيّا، في تابوت اسْمِنتيّ محْفور داخل الزنزانة.