صعقت أول أمس عندما علمت بتوقيع السفير المغربي بكوريا الجنوبية على صفقة لشراء 100 ألف جهاز للكشف السريع عن فيروس "كورونا". وصعقت أكثر عندما نشرت الصحف الكورية أن شركة Osang Health Care المحلية قررت بهذه المناسبة منح المغرب 10 آلاف جهاز كشف إضافي مجاناً. وكأننا ننتظر منها الإحسان. أولاً: هول هذا الخبر كان بسبب العدد القليل جدا من هذه الطلبية الذي أعلن عنه في هذا الوقت العصيب جدا الذي بدأت تطفوا فيه مؤشرات خطيرة على السطح، تبين مدى تفشي جائحة كرونا في المغرب والمغاربة. والأكيد أنه قد يضيع نصف هذا العدد سدى في الكشف على "الشعب المختار ليطمئن قلبه"، في الوقت الذي يجب اعتماد الصرامة ليُوَجه هذا العدد للهجوم به فورا على بُؤر الجائحة الذي تفشت الأماكن والأحياء التي اكتشف في بعض سكانها فيروس كورونا مؤخرا. أي أن نبدأ الكشف على عائلات المصابين والذين كانو مقربين منهم. ثانيا: لماذا أنتظر المغرب حتى اليوم لإبرام هذه الصفقة؟ يعتقد الكثيرين أن هذا التأخير يعود سببه لإستهتار وزارة الصحة بصحة المغارب، إن لم يبرر وزيرها سبب هذا التأخير جدا. كما يجب أن يفسر لنا السيد وزير الصحة البروفيسور، والطبيب الجراح كم سننظر المغرب من الوقت أيضا لتسلمه تلك الشركة هذه الكشوفات. في الوقت التي تقول فيه الصحف الكورية أن دول أخرى عقدت نفس الصفقة مع نفس الشركة. أكثر من ذلك سيحتاج المغرب إلى استيراد حوالي مرتين هذا العدد الذي يصعب في هذه الظروف الحصول عليه لنستطيع إبطاء الجائحة كطريقة ناجعة معتمدة. سبب كل هذه المشاكل هو الوقت الثمين الذي تم هدره ليس اعتبارا من يوم إصدار الملك محمد السادس تعليماته بإحداث الصندوق الخاص بتدبير أزمة كورونا، وتحويل مليار درهم، أي 100 مليار سنتيم، لوزارة الصحة الذي كان يوم بعد ذلك أي بتاريخ 17 مارس 2020. بل المسؤولية تقع على وزير الصحة منذ 31 دجنبر 2019 أي ثلاثة أشهر قبل اليوم تاريخ أول ظهور فيروس كورونا. فالسيد وزير الصحة المغربي كان يتتبع مباشرة كما تتبع المغاربة والعالم التفشي السريع جدا لفيروس كورونا وهو ينهش في أجساد الشعب الصيني. فكان عليه أن يفكر فورًا في احداث خلية أزمة للتبع في استباق للأحداث التي كانت تظهر تطورًا سريعًا للفيروس، خصوصًا الذعر الذي أصاب سكان العالم وقتها من الاجتياح الرهيب الذي اجتاحت به كورونا الصينيين، والمثير للسخط هو الأعداد الهائلة التي بدأت الدولة تعلن عنها من المصابين، وتبعتها أعداد أخرى من الموتى كانت الصين تحصيها كل يوم، بل كل ساعة. أين كانت نباغت السيد وزير الصحة ومعه طاقمه حينما امتدت الجائحة إلى إيطاليا وبعدها اسبانيا ثم فرنسا ودول أخرى حتى أصبح فيروس كورونا عابر للقارات؟ فما هي الاقتراحات التي تقدم بها السيد الوزير للحكومة، أو لملك البلاد مباشرة وهو يرى ويسمع هول الكارثة على دول جد متقدمة. أين هو التقرير الذي أعده وزير الصحة في هذه الأوقات إن كان لنعفيه من المسؤولية. وماهي الإجراءات الاستباقية التي أعدها على ضوء هذا التقرير لحماية أرواح المغاربة بعد أن أصبح في علم اليقين أن وصول آفة كورونا للمغرب هي مسألة وقت فقط. تعالوا نذكر السيد خالد أيت الطالب ليس بصفته وزيرًا مغربيا للصحة فقط، بل أيضا بصفته بروفيسورا في الطب ومختص في الجراحة بيوم 2 فبراير 2020 الماضي، أي قبل شهرين من تاريخ الصفقة المعلومة، وبالضبط قام الملك بانتشال 167 مغربيًا من بين أنياب فيروس كورونا بعد محاصرته لهم بالصين. ألم تكن وقتها معظم دول العالم قد دخلت في المرحلة الخطيرة من الإجتياح الكبير، خصوصًا عندما اكتفى الوزير بوضع الطلبة الذين استقدمهم الملك من الصين، وفي مفارقة لا مثيل لها ترك الآلاف الذين كانوا يتوافدون على المغرب كل يوم خصوصًا الهاربين من فيروس كورونا نفسه عبر الجو والبحر من الدول التي هيمن عليها الوباء؟ هل هؤلاء الطلبة المغاربة يختلفون في شيئ عن الباقين؟ وعندما أعلنت الدول التي اجتاحها فيروس كورونا القاتل وملأ المصابون المستشفيات، وبدأ يتفنن الفيروس في قتل الناس بكثرة رهيبة. كان هذا عز الذروة الموافق لأوائل فبراير الماضي، وبدأت دول تلوى الأخرى تشتكي خصاصها من الأجهزة والمعدات الطبية، لدرجة أن أصبحت الكثير من هذه الدول تعطي الأولوية لصغار السن في استعمال الآليات الطبية من إنعاش وتنفس اصطناعي وتترك المسنين عرضة للموت أمام أعين العالم. ألم تكن وقتها هذه المأساة التي تفرج على أطوارها العادي والبادي وأصبحت حديث الساعة، كافية ووازعا لدفع الوزير ليحذر أو ليقدم مجرد نصح يخلي به مسؤوليته للحكومه أو املك البلاد ان اقتضى الحال بالتعجيل بعقد صفقات شراء أجهزة الكشف السريع الذي بدأت الدول حينها تتهافت عليه. والنقاش حول الطاقة الاستيعابية للأسرة وغرف الإنعاش، وأجهزة التنفس الاصطناعي استعدادًا للأسوء. وهو يعلم مند شهرين أن هذه الأجهزة والمعدات ستختفي من السوق. هذر هذا الوقت الثمين عمدًا من طرف وزير الصحة السي أيت الطالب أو أي كان مكانه سيكون عاملا أساسيا سيرفع من حصتنا المؤكدة من الوفيايات. استمر هذا التماطل أو الاستهتار، رغم تعالي التحذيرات، وعندما سئم المغاربة من سكوت الحكومة، حاول بعضهم أخد زمام الأمور فبادر بنشر أسماء وعناوين ركاب طائرة قادمة للمغرب من إيطاليا بتاريخ 27 فبراير 2020 خوفًا من نشرهم للفيروس في أوساط السكان خصوصًا لكثرة عددهم الذي كان يتعدى المائة والخمسين راكبًا. في الوقت الذي كان يُعتقد أن هذا العمل سيدفع الوزير لأخد المبادرة لحفظ الأرواح، وعزل ركاب الطائرة التي نشرت اسمائها وقتها، طل علينا رئيس حكومته السي العثماني وقلل من آثار جائحة خطيرة مثل كورونا على صحة المغاربة وقدم نصائحه للشعب قائلا "متخافوش من هاد الفيروس راه كورونا مخصهاش تخلعكم والحياة خاصها تستمر" ثم توارى عن الأنظار مند وقتها. كان حريًا أيضا بالسي عز الدين العثماني ومن واجبه بصفته طبيبا أولاً ثم بصفته رئيسا للحكومة أن يأمر وزيره في الصحة وأطقمه الطبية بإجراء الكشوفات والتحاليل لهؤلاء الذين كان مشكوكا في اصابتهم. بعد ستة أيام من هذا أي يوم 3 مارس إي مند شهر قبل هذا اليوم، أعلنت وزارة السيد الوزير عن ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورونا صاحبها قدم إلى المغرب من إيطاليا. استمر سكوت الحكومة عن هذا الوضع الخطير والوقت الثمين يهدر إلى أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 بعد الضغط الكبير الذي مورس عليها بدورها بسبب الاقتصاديات الكبرى مضطرة لإعلان جائحة كورونا وباء عالميا. فاضطر الملك محمد السادس إلى أخد زمام الأمور، وتحمل مسؤوليته التاريخية بأخذه تلك القرارات المهمة بدءا بوقف الرحلات الجوية وصولا إلى الحجر الصحي. نعود لدر "الرميد" في العيون بهذه الصفقة المتأخرة عن موعدها بشهور. بسبب خذلان وزير الصحة ورئيس الحكومة للمغاربة بهذا التماطل، لنقول أنه: تحسبًا لهذا الوضع المقلق اليوم، بات لزامًا على الدولة أن توسع من دائرة المسؤولين المشاركين في تدبير هذه الأزمة لتشمل خبراء وفاعلين ومتدخلين في قطاع الصحة آخرين بسبب عجز وزارة الصحة عن الحصول اليوم على المزيد من أجهزة الكشف السريع الكافية وأجهزة التنفس الإصطناعي وغيرها من المعدات التي بات من الصعب الوصول إليها اليوم. ولهذا يجب فسح المجال أمام علاقات الشركات المغربية المستغلة والمختصة في هذا المجال بالضبط لتكتيف اتصالاتها مع شركائها من أصحاب شركات أخرى رائدة أيضا في هذا المجال، لتعمل إلى جانب الدولة على المساعدة على جلب المعدات والأجهزة الضرورية التي يحتاجها المغرب فورًا، لمواجهة العدد الهائل الذي أصبحت المستشفيات تستقبله كل يوم. وعلى الدولة أن تعتمد البروتوكول الصحيح من السيناريوهات التي اعتمدتها كل من كوريا التي استطاعت أن تبطئ العدوى بتسخير كل مختبرات البلاد والأطقم الطبية وحققت في يوم واحد 60 ألف كشف، وتتبعها ألمانيا منتهجة نفس النهج ب 500 ألف حالة في أسبوع. ثم دولة كندا التي تشبه المغرب في عدد سكانها أ ل 37,59 مليون نسمة، والتي كشفت على 221628 شخص لحد اليوم، بنسبة 1,2 % و 66 قتيل. فكوريا الجنوبية الرائدة في ذلك ب 51,86 مليون نسمة، والكشف على 210000 شخص أيضا وبنسبة 1,6 % مقارنة مع المغرب الذي تصل ساكنته ل 35,5 مليون هذا البروتوكول سيخرجنا إلى بر الأمان بخسائره متوسطة في الأرواح بسبب التماطل. الحمد لله أننا نعرف أن المغرب يزخر بالكفاءات العالية التي يمتاز بها مسؤولونا، ومختصونا وخبراءنا في المجالات العلمية والصحية رغم ضعف الإمكانيات المغربية. وقد نكون مخطئين وبيد هؤلاء نضع اليوم أرواحنا بعد الله تعالى. واعتقد أن استفسار ومحاسبة وزير الصحة على هدره لوقت المغاربة الثمين أصبحت مفروضة اليوم قبل الغد. وأظن أنه يجب إقالته قبل استقالته. أما بخصوص رئيس حكومتنا وبعد تكذيب الوقائع لتقليله من آثار الجائحة على صحة المغاربة، وقدرتها على إزهاق ارواحهم، فالحمد لله أن كلامه مند زمان لم يعد أحد يعتدُّ به. وكفى بالله شهيدًا.